القطاع الزراعي السلاح الأمضى لكبح أسعار المنتجات ..على ذمة خبير

الخبير السوري:

منذ أن بدأت موجات ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة الطلب عليها، أصبح هذا الموضوع الشغل الشاغل لدى عامة الناس، لتبدأ رحلة البحث عن حلول يومية لتأمين الاحتياجات الأساسية، فكان موضوع الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي محور اهتمام المؤسسات والدول والخبراء للبحث في سبل تطوير القطاع الزراعي والحد من ارتفاع الأسعار.
في هذا السياق تحدث الباحث محمد أحمد عيد خبير التنمية المستقبلية حول أبرز النقاط المتعلقة بتحقيق الأمن الغذائي كمهمة وطنية مشتركة تبدأ من القطاع الزراعي لكونه ضرورة يومية ترتبط مباشرة بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وقطاع داعم في أوقات الأزمات الاقتصادية، وفقا لما تترجمه أسواق السلع الزراعية اليوم، متمنيا أن تسهم هذه الأوقات الصعبة في صناعة قرارات وسياسات جيدة، تأتي كقوة دافعة لتعزيز الاكتفاء الذاتي والاستقلال الغذائي الوطني، باعتباره مقياسا حقيقيا لأي دولة في تحقيق التغذية السليمة لجميع الأفراد وتلبية احتياجاتهم من الأغذية الأساسية لا المحاصيل الترفية.
السلة الغذائية
وأكد الباحث عيد على جملة من الخطوات المطلوبة لتعزيز صمود ونجاح القطاع الزراعي السوري، في مقدمتها الاهتمام بشريحة الفلاحين وضمان استمرار حياة صحية وكريمة لهم وحماية مصالحهم والحفاظ على حماسهم. للحفاظ على مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية والدفاع عنها، وعدم تبديل وظيفتهم بحثاً عن قيمة اقتصادية أفضل، مبينا ضرورة تقديم الحوافز للفلاحين، وشراء منتجاتهم، وزيادة الإنتاج الوطني القائم على الزراعة الصغيرة، وحماية المزارعين من تقلبات السوق اليومية، وتخصيص ميزانيات مناسبة لمساعدتهم في تأمين البذور والأسمدة، ومساعدة المؤسسات الزراعية الصغيرة والمتوسطة الحجم وعمالها في الحفاظ على سبل عيشهم.
خطة استجابة
ويرى الباحث عيد أنه من الضروري وضع خطة استجابة مسبقة لضمان الإمدادات الغذائية لكل المحافظات تحسباً لأي طارئ بهذا الخصوص، وإنشاء احتياطي استراتيجي لأغراض الدعم والمعونة الاجتماعية، وتحقيق التكامل مع بقية القطاعات الداعمة للقطاع الزراعي وأنشطة إنتاجه مثل قطاعات النقل والخدمات. إضافة إلى ضرورة توفير معدات حماية الصحة الريفية وتعاون المؤسسات الحكومية في المحافظات والقرى والأرياف مع الجمعيات والمجتمع الأهلي لتكثيف البرامج المجتمعية وحملات التوعية الهادفة إلى تعزيز ثقافة العادات المطلوبة بموجب بروتوكول الحماية المعتمد من قبل وزارة الصحة. والتوعية بأن الغذاء الجيد هو عامل مهم في زيادة مناعة الإنسان، وحمايته من العدوى بالأمراض.
خارطة غذائية
وحول آليات الحد من الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية أوضح عيد : أن الخطوة الأولى المطلوبة من المؤسسات المعنية هي تحديد المخزون الغذائي الوطني ورسم خرائطه وتحديد أسعاره بدقة مع المتابعة والتحديث المستمر لبياناته، بهدف معرفة حاجات كل منطقة بشكل مسبق وتقصير سلسلة التوزيع والمسافة الغذائية بين المنتج والمستهلك، وربط الطلب بالإنتاج، وضمان توافر الإمدادات الغذائية وإدارتها من قبل الدولة إن لزم الأمر كي لا تقفز الأسعار بشكل غير منطقي. مبينا أن تحقيق الأمن الغذائي يجعل الفروق بين الأثرياء وذوي الدخل المنخفض أقل تأثيراً على المجتمع، في حين أن تعميق الهوة بينهما لن يصب في مصلحة الطرفين، لذا يتعين أن تتعاون المؤسسات الوطنية في سورية (من القطاعين العام والخاص)، لتحقيق الاستقرار في مخزون الأغذية وأسعارها وتوزيعها ونقلها، من أجل إرساء الأمن الغذائي في البلاد. والمأمول أيضاً من جميع العاملين في الزراعة مواصلة العمل وزيادته بروح عالية ومرونة ليكونوا قادرين على تلبية الاحتياجات الغذائية للمواطنين، والأهداف المستقبلية للاكتفاء الذاتي. كما أن الخوف والقلق واكتناز الإمدادات الزراعية بشكل مبالغ به غير مستحسن لكونه يؤدي إلى التضخم ويزيد من مشاكل القطاع.
تنمية بشروط بيئية
وتطرق عيد إلى موضوع الارتباط الوثيق بين البيئة والاقتصاد خلال الفترة التي ظهرت فيها جائحة الكورونا، مشيرا إلى الانخفاض الحاد في تلوث الهواء وانبعاث غازات الاحتباس الحراري، بعد إغلاق المصانع وإيقاف حركة الطائرات وفرض الحجر الصحي في مختلف أنحاء العالم، وتقلص الإنتاج غير الضروري للتركيز على الاحتياجات الفورية للناس. أدى إلى تحسن واضح في البيئة والمناخ، إلا أن تلك الانخفاضات قصيرة الأجل، وقد يعقبها نمو تعويض سريع، وأن معظم الدول ستضطر لإعطاء الأولوية للاقتصاد على البيئة لتحقيق انتعاش اقتصادي، وبمجرد انتعاش النمو الاقتصادي مرة أخرى، ستواصل الانبعاثات رحلة ارتفاعها مجدداً، وبالتالي هناك تأثير معاكس لتداعيات كورونا على القضايا البيئية مجدداً، وربما يكون المناخ أسوأ بعد هذه الأزمة.

ويرى عيد أن الفرصة مناسبة الآن لتنظيم الاقتصاد بطريقة أكثر استدامة، وضرورة أن تعمل الدولة على تحقيق النمو والتنمية المستقبلية من دون الإخلال بشروط البيئة، فالحاجة ملحة اليوم لاقتصاد تعتبر فيه الأنظمة البيئية أساس وجودنا، والحفاظ على الحياة البرية والتنوع البيولوجي الذي يحمي البشرية أيضاً من الفيروسات، وكذلك إدارة المياه والمواد الخام والطاقة بطرق أكثر استدامة.
في ختام هذا اللقاء كان التأكيد على أن الحل هو الاعتماد على أنفسنا غذائياً، وتحقيق التوازن بين جميع القطاعات مع التركيز على الاقتصاد الحقيقي، والاهتمام بالزراعة والصناعة معاً، واستثمار الخبرات الوطنية في تحقيق السيادة الغذائية، التي تشكل شبكة أمان اجتماعية طبيعية، إضافة لما يوفره القطاع الزراعي من مكاسب كبيرة وفرص عمل هائلة

المصدر : الثورة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]