التعليم المهني يتخلّص من “تهمة ” المقصّرين دراسياً ..دور جديد للخريجين سيشهده سوق العمل حديثاً

الخبير السوري:

على عكس ما هو شائع بأن كل مَن يتجه للتعليم المهني والتقني أو مقصر دراسياً، فما قدمه طلاب جميع ثانويات التعليم المهني والمعاهد الصناعية في اللاذقية في معرضهم (سورية عروس المجد) الذي أقيم مؤخراً في مدرسة الشهيد يونس حبيب سعيد المهنية، دليل على إقبال هؤلاء الطلبة بمحبة ورغبة على التعليم المهني والتقني، وإتقان المهنة التي يرغبون بها وأيضاً مؤشر على بدء وعي المجتمع الأهلي والطلاب بأهمية هذا المجال بالحياة المعيشية اليومية، حيث كان هناك جناح للفنون النسوية، وجناح للتصنيع الميكانيكي واللحام وتشكيل المعادن بقسميه الحديدي والألمنيوم، وقد تم تصنيع نماذج جديدة بالشكل وسهلة الاستخدام ووفرة في الوقت والتكلفة، كتصنيع مقعد وتصنيع إشارة مرور وجناح للنجارة والكهرباء والتحكم، وقدم مع المعرض مسرح عرائس من صنع مدارس التعليم المهني، وأيضاً عرض للأزياء من صنع طالبات الفنون النسوية.

بعض الطلبة وأغلبهم كانوا حائزين علامات تؤهلهم للدراسة بالتعليم العام، لكنهم اختاروا هذا المجال برغبة وقناعة، ويقول  ليث ديوب طالب بكالوريا- اختصاص كهرباء: أنا وأغلب مَن في حرفتي أتينا للتعليم المهني برغبة، فهنا يتعلم الطالب مهنة وأيضاً يختصر الزمن لتعلم تقنية العمل بالثانويات المهنية قبل دخول الجامعة أو المعهد، في حين قال طالب صف الحادي عشر- اختصاص تصنيع ميكانيكي يقين دقاق: أنا ضد فكرة مَن يقول المقصرون دراسياً يدخلون التعليم المهني، فأنا مثلاً دخلت الصناعة عن رغبة وبتشجيع من أهلي، وفي كل عام أحصل على درجة الأول ولو درست العامة لما كان لدي هذه اللهفة الكبيرة تجاه الدراسة، وما شجعني لدخولي هذه المهنة الإنترنت حيث كنت أدخل على منتديات الصناعة العالمية وذهلت بما رأيت وسمعت، وكذلك حسين إبراهيم طالب حادي عشر -اختصاص ميكانيك لقي تشجيعاً من والده، على خلاف ما كانت تريد والدته ولاحقاً شجعته عندما تفوق وأراد دراسة الهندسة، وقال: أحببت هذا المجال وقد تعلمت منه الصبر والإتقان وأن العمل بمحبة يثمر فائدة، حتى أخي الذي يصغرني سيدخل التعليم المهني وإن حقق مجموعاً عالياً في التاسع، وأشار الطالبان بالمعهد الصناعي سنة ثانية أحمد حميشة وعلي بدور (اختصاص تقنيات إلكترون) اللذان صنعا مع زملائهم دارة لسرير الطفل الذكي تعطي إنذاراً صوتياً لاسلكياً للأم عند بكاء الطفل، ويقوم المحرك لفترة ثلاث دقائق بتشغيل معلنات ضوئية لإلهاء الطفل ريثما تأتي أمه، أشارا إلى أنهما أتيا إلى هذا الاختصاص برغبة رغم حيازتهما علامات تؤهلهما لدخول العامة، واختيارهما لهذا المجال لأنه يحفز ذهنهما وفيه متعة كبيرة، وقالا ما يزعجنا أننا نشعر بأننا غير مراعين من قبل الجهات المعنية خاصة في موضوع الوظائف.

وأشار هؤلاء الطلبة إلى أن كل ما يطلبونه من لوازم لها علاقة باختصاصاتهم مؤمن، وأن مشكلتهم بنسبة الدخول إلى الجامعة 3%، فهي نسبة ضئيلة بالنسبة لطالب مختص يدرس ثلاث سنوات يتلقى فيها أغلب معلومات الاختصاص وتقنياته، على عكس طالب التعليم العام -فرع علمي الذي لا يملك إلا معرفة بالمواد العلمية نظرياً فقط.

في حين رأى مدرس اختصاص تصنيع ميكانيكي نبيل دلالة أن هناك وعياً مجتمعياً بأهمية هذا التعليم، فبعض الأهالي يشجعون أبناءهم لدخول هذا التعليم لأن مجالاته أوسع ليس فقط بالوظائف بل بالعمل الحر.

ووافقه الرأي إبراهيم سلامة وقال: للتعليم المهني ميزات غير موجودة في التعليم العام فإذا لم يتفوقوا يتقنون مهنة يعيشون منها، وفي حالة التفوق يدخلون الجامعة عبر الثانوية أو المعهد وهذا ممكن إذا كان من الثلاثة الأوائل، وأتمنى أن تعود التمارين الإنتاجية التي توقفت، لأنها تحفز الطلبة، وأعرف عدة طلبة بارعين في مجال عملهم بالمهنة التي أتقنوها.

وقد صرح الدكتور سعيد خرساني معاون وزير التربية لشؤون التعليم المهني والتقني بأن المهمة الأساسية للتعليم المهني والتقني في سورية تأمين أيدٍ وعمالة ماهرة وتقنيين فنيين في مجال التركيب والتشغيل والصيانة لسوق العمل، وتالياً ليست فقط مهمته تخريج الطلاب لدخول الجامعة، ومن هنا تأتي أهمية التزاوج مع سوق العمل، وبذلك تتحول المؤسسة التعليمية إلى مؤسسة تعليمية وإنتاجية، وأيضاً يأتي أهمية التعليم المهني والتقني خاصة في إعادة إعمار سورية بأيدٍ سورية، وقد بدأت الوزارة في إعادة تعمير المدارس وتأمين مستلزماتها بأيدٍ سورية، وقد وقعت الوزارة عقوداً مع منظمات دولية أمنت للتعليم المهني المواد الأولية كالخشب والمواد اللازمة والطلبة ومعلمو الحرفيين سيقومون بتنفيذها ويأخذون الأجور.

وأشارت معاونة مدير التربية في اللاذقية لشؤون التعليم المهني والتقني المهندسة نعيما حمود إلى أن أهمية التعليم المهني والتقني تنبع من حاجة المجتمع، خاصة في ظل استشراء ظاهرة البطالة في أوساط الأكاديميين من ذوي التخصصات النظرية، وعلى الرغم من تأخر الاهتمام من قبل المجتمع بهذا المجال لأسباب ثقافية وتنموية واجتماعية، حيث ما زال التعليم الأكاديمي هو المفضل للطالب وولي الأمر، فقد رأت الجهات المعنية، بعد تفاقم هذه الظاهرة، أن تضع خططاً للنهوض بالتعليم المهني والتقني، واهتمت مديرية التربية في اللاذقية بالعمل على تشجيع الشباب للإقبال على التعليم المهني والتقني وثقافة المهنة في المجتمع، عبر وسائل الإعلام والمعارض والندوات، وعملت مع المجتمع الأهلي والجهات المعنية على كسر فكرة أن كل مقصر دراسياً يذهب إلى الصناعة، ونوهت م. نعيما بأن ما تقوم به الجهات المعنية بالتعليم المهني والتقني عبر إشراف مديرية التربية في اللاذقية في هذا المجال، هو ترسيخ أهمية التعليم المهني والتقني في تطور المجتمعات خاصة في مجتمعنا الاستهلاكي، وأكدت أن وزارة التربية تقدم كل ما يلزم لإنجاح هذا المجال من تجهيزات حديثة معاصرة، وتحديث المنهاج وتطويره عبر دورات مستمرة بما ينسجم ويخدم سوق العمل.

 

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]