قطاع لافظ للعمالة رغم إغراءات “الراتب”..

الخبير السوري:

اعتبر محمد دمراني مدير العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية ، أنّ الظروف الحالية التي يمرّ فيها البلد وخروج الكثير من المؤسسات من العمل عزّزت الثقافة الموجودة من حيث اللجوء والسعي إلى الوظيفة الحكومية، وأنّ الحصول على وظيفة عامة أصبح نوعاً من الثقافة العامة لكونها أكثر ديمومة وأماناً من القطاع الخاص، خاصة أنّ إمكانية تطبيق القانون ووجود ضوابط معينة بشكل أكبر فيها أكبر مقارنة مع العمل في القطاع الخاص، وهذه الثقافة غير صحيحة لأنّ قوانين العمل في القطاع الخاص هي ذاتها -بشكل كبير- التي في القطاع العام، إضافةً إلى أنّ مصلحة ربّ العمل في القطاع الخاص تحتم عليه المحافظة على الموظف الكفؤ لما فيه مصلحة شركته أو معمله أو مكتبه.

وفي السياق وصف أيهم جرادة- أمين سرّ اتحاد عمال دمشق ، وصف العمل في القطاع الخاص في سورية بالشاق، لغياب ثقافة العمل والثقافة الوطنية والنقابية فيه عند أغلبية أصحاب العمل وحتى العاملين فيه وكذلك الجهات المعنية بمتابعة أصول العمل في هذا القطاع، مشيراً إلى غياب دور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالشكل التفتيشي الصحيح والصارم عنه، وربّما يعود ذلك لنقص الكوادر ولفساد البعض منهم.

أما الباحثة الاقتصادية الدكتورة رشا سيروب فبيّنت أنّه رغم أن السياسات الحكومية تشير إلى تشجيع الباحثين عن العمل على التوظف في القطاع الخاص بدلاً من العام سواء بسبب تدهور الرواتب والأجور أو تخفيض توفير فرص العمل، إلا أن القطاع العام ما زال الوجهة الأولى، حيث إن عدد الفرص المتاحة والمقدمة من قبل القطاع الخاص ما زالت منخفضة نسبياً مع عدم وجود الميزات والتسهيلات التي تشجع المشروعات الفردية والمبادرات الخاصة، هذا بشكل عام..

وأشارت سيروب إلى أنّه من حيث المقارنة بين العام والخاص لمن يتاح له العمل في القطاعين فإنّ الأمان الوظيفي وضمان الحقوق يوفره القطاع العام، ورغم أن القانون رقم /17/ الناظم للعمل في المؤسسات الخاصة ضمن حقوق العاملين في مواده إلا أن تطبيقه مغيب وغير مكفول، فضلاً عن أنه سمح للمؤسسات الخاصة بإنهاء عقد العامل من دون أن يخالف الأخير الأنظمة والقوانين تحت مسمى التسريح غير المبرر، وإضافة إلى مصدر الدخل الثابت والمضمون في القطاع العام يستطيع الموظف  أن يمارس عملاً آخر (رغم أن القوانين تمنع ذلك) ويضمن مصدراً جديداً للدخل.

أما من حيث ثقافة العمل فشددت سيروب على أنّه يجب عدم تجاهل ضعف ثقافة العمل لدى العديد من الباحثين عن فرصة العمل الذين يرغبون بدخل ثابت من دون بذل مجهود، أو يروون في الوظيفة العامة فرصة لتحقيق منفعة شخصية، ويعود ذلك إلى ضعف الرقابة والتقييم والمساءلة في القطاع العام، فضلاً عن أن القطاع الخاص لم يتمكن حتى اليوم من كسب ثقة العاملين لديه ولم يتمكن من الخروج من (عباءة الحجي)، علماً أنه ينادي دائماً بفصل الإدارة عن الملكية في القطاع العام، مشيرة إلى أنه يجب ألا ننسى عدم وجود فروق جوهرية في مستوى الرواتب بين القطاعين سواء من حيث الراتب الإجمالي، أو من ناحية الراتب التأميني، فما زال القطاع الخاص يسعى جاهداً إلى تسجيل العامل بالحد الأدنى للرواتب والأجور المنصوص عليه قانوناً مهما كانت مرتبته لتخفيض نفقاته في دفع حصته التأمينية، علماً أنه بموجب القانون رقم 17 لعام 2010 كان من المفترض تشكيل لجنة وطنية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزير الشؤون الاجتماعية والعمل ووزير المالية ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ورؤساء الاتحادات كلها، مهمتها أن تجتمع دورياً لوضع الحد الأدنى للأجور تراعي في تحديده الأزمات الاقتصادية وهبوط النقد وسعر صرف العملة الوطنية، والقوة الشرائية والمستوى العام للأسعار.

وأوضح جرادة أنّه قانونياً لا توجد سلطة تنفيذية لنقابة اتحاد العمال ولكننا كنا نحاور العمال وأرباب العمل ونتقرب من العمال لأنهّ يريدون مظلّة تحميهم ونساعد ربّ العمل من جهة أخرى وليس لمحاسبته، ولكن لدى أصحاب العمل خوف وفهم خاطئ لدور النقابة، كما أنّ صعوبة تطبيق القانون تكمن في تطبيق التعليمات التنفيذية التي تفقد جوهر القانون.

وأشار جرادة إلى أنّ تقصير النقابة يظهر من خلال عدم التعاون المثمر مع وزارة الشؤون الاجتماعية بشكل موحد وجيد الذي يولّد ضغطاً على أرباب العمل ويشير لهم بوجود جهات تتابع حقوق العمال، ويجبرهم على عدم العودة إلى الأخطاء السابقة وتنفيذ القانون 17 بشكل جيد، وهذه ليست مهمتنا وحدنا، وأشار إلى إضراب بعض العمال في بعض الشركات الخاصة عن العمل وهذا حق يجيزه لهم القانون وقمنا بمعالجة هذه الإضرابات بشكل جيد.

من جهته قلّل دمراني من التقصير المرمي على عاتق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، مبيناً أنّ مفتشي الوزارة يحرصون دائماً خلال الزيارات التفتيشية لأماكن العمل الخاص على التشديد على معرفة العامل لكل حقوقه من خلال التوعية والأسئلة التي تطرح على العاملين، كما أنّ الوزارة تحرص من خلال أيّ وسيلة إعلامية على توعية الجميع بهذه الحقوق.

د. سيروب أشارت إلى أنّه يمكن معالجة هذه المشكلة من خلال تطبيق القوانين وتفعيلها، مع ممارسة نقابات العمال دورها في الدفاع عن حقوق العاملين ورعاية مصالحهم المادية والمعنوية والصحية والثقافية والاجتماعية، إذ إن نقابات العمال غير مفعّلة بالشكل المطلوب، وفقد العامل الثقة بالمؤسسات التي تعنى بالحفاظ على حقوقه جميعها، مطالبة النقابات بعدم الاكتفاء بالتوعية والإرشاد والندوات وحضور الاجتماعات، بل استخدام كل الوسائل التي تضمن لها تحقيق أهدافها.

 

المصدر : تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]