زيادة الرواتب و أزمة دخل السوريين توقع ” أطباءنا الاقتصاديين” في فخ البكاء على المواطن بدلاً من علاجه..؟؟!!!

ناظم عيد – الخبير السوري

وقع خبراؤنا الاقتصاديون في “الفخ الاجتماعي” و أضاعوا بوصلة الاقتصاد وهم يعاينون أزمة الرواتب والأجور، لاسيما للعاملين في القطاع العام، مكتفين بسرد ملامح الوجع والصعوبات المعيشيّة التي تعتري يوميات المواطن، وبعضهم غرق في حسابات الفرق بين الدخل والحاجة واستعراض وصفي لم يعد يسمن ولا يغني من جوع.

واقع صعب بالفعل نجزم بأن المواطن ليس بحاجة لخبير اقتصادي يخبره بأزمته، ولا الدولة تنتظر مثل هذه السرديّات لتقف على حقيقة يوميات مواطنها..بل ما ينتظره الطرفان من “خبراء البلد” تقديم حل لواحة من أكبر مشكلاتنا المجتمعيّة الراهنة على خلفيات الحرب التي تستحق أن توصف بالطويلة..

فعادة يتمثّل دور الطبيب بوصف العلاج الناجع وليس التباكي مع المريض وعليه، و إلّا تحوّل إلى “نوّاحة وندّابة” ونعلم أن الندابات والنواحات يكنّ مأجورات في بعض المجتمعات .

ورغم أننا لا نملك إلّا أن نثني على كلّ من فكر بتلمّس الأوجاع المعيشيّة للمواطن، وترميم مواضع لفح الأزمة، وبالفعل ثمة أزمة معيشيّة حقيقيّة تستوجب إجراءً استدراكياً سريعاً، إلّا أننا نسأل عن سبب اختيار المعالجات على بند الرواتب والأجور دون سواه من “خطّة العلاج المفترضة”.. ألم يكن لدينا خيارات أخرى أكثر فعالية وأقلّ عبئاً؟.

ولعلّنا لا نحتاج إلى خبراء في الاقتصاد، لنجزم بأن أية زيادة على الراتب، ستنعكس مباشرة زيادة على أسعار السلع والخدمات.. واعذرونا إن أبدينا عدم استعدادنا لتصديق “اجترار” المزاعم التقليدية التي ترافق هذا الإجراء دوماً، وهي أنه سوف يصار إلى تشديد الرقابة على الأسواق لـ”الضرب على أيدي من يحاولون استغلال الزيادة”، فالتجارب السابقة لا تسمح لنا بالتصديق، ولا سيما أننا ندرك أن “تيار” رأس المال التجاري يملك ما يكفيه من الفساد، لشل حركة مكنة الرقابة والتسعير، وقد حصل بالواقعة والدليل؟!.

إذاً أي زيادة ستكون من نصيب “أرباب” السوق على اعتبار أنها ستُستهلك لسد جزء من الفجوة المعيشيّة الواسعة التي اعترت معادلة الدخل والإنفاق الأسري لدينا، وهذا يعني أننا دعمنا هؤلاء مباشرة أكثر من الموظف الذي ظن – بؤساً- أن العبرة في زيادة الراتب!.

من الجانب الآخر زيادة الراتب ستكون عبر اللجوء إلى خيار التمويل بالعجز واستنساخ الأوراق النقديّة، فالأكيد ليست لدينا كتلة جاهزة لتمويل الإجراء، بالتالي سنستدين من المستقبل باعتبار التمويل بالعجز هو استدانة من المستقبل، كما سندات الخزينة تماماً، فهي دَين مطلق، وليس لها أي رديف دلالي ألطف وأخف وقعاً، أي سيستدين الموظف من أولاده للإنفاق عليهم.. هذه هي الحقيقة التي علينا معرفتها، قبل أن تأخذنا الفرحة بالأنباء القادمة من الرواق التنفيذي.

الآن سنعود إلى الطرح الأكثر جدوى، ويتعلّق بأفضليّة ضبط الأسعار على زيادة الرواتب.. ولو كانت وقائع حضور الرقابة في السوق محبطة، لكننا الآن أمام حتمية معيشية تحتّم أن ترخي الدولة – وليس مجرّد الحكومة – بثقلها لفرض الهيبة في السوق، وكبح جماح “التوحّش” المُعلن والصريح، ونفترض أن ذلك ليس مستحيلاً، فيما لو توفرت الإرادة الحقيقية، فلا أحد أقوى من الدولة، وهذه حقيقة يسلّم بها كلّ مواطن رغم هشاشة الموقف الراهن من السوق.

إن اللجوء إلى خيار التسعير المركزي للسلع، وكسر “جائحة” تحرير الأسعار، ستكون لهما آثاراً بالغة الإيجابية أكثر بكثير من زيادة الراتب، ونجزم بأن 60% من دخل الموظف يضيع في متاهات “علاوات” تلاعب التجار بأساسيات الاحتياجات السلعية في السوق، فلو ضبطنا الأسعار سنزيد القوة الشرائية لقيمة الراتب الحالي بنسبة 60%، أي أكثر من الزيادة المنتظرة، ونكون قد أعفينا الخزينة المركزية من تكلفة الزيادة التي يجري حالياً البحث عن مصادر لتمويلها، ورممنا الأوضاع المعيشية على حساب المتلاعبين ذاتهم الذين أدمنوا استثمار “أسواق الأزمة”.

ولبدلات الخدمات ذات شأن أسعار السلع، فهي “قاهرة” فعلاً لذوي الدخل المحدود، وبضبطها يمكن القول: إن راتب الموظف سيكون فاعلاً جداً في تأمين احتياجات أسرته، وهذه مهمة النقابات، إضافة إلى وزارة حماية المستهلك، فلماذا نتغاضى عن مثل هذا الحل، ونذهب إلى الخيار الأسهل والمكلف، وهو زيادة الرواتب والأجور؟.

باختصار زيادة الرواتب تعني زيادة فرص “الحيتان” في أسواقنا، والموظف سيكون وسيطاً بينهم وبين الحكومة لإيصالها إليهم بسلاسة وهدوء، فـ”الحملان طبق شهي على موائد الذئاب”..

لا بأس مجزية على رواتب و أجور العاملين في الدولة بقطاعاتها كافة عام وخاص ومشترك..لكن مجرّد الزيادة لن تكون حلاً علاجياً شافياً لمشكلاتنا المعيشيّة، بل هي جزء من الحل.

منظومة الحل المتكامل هذه بالتحديد التي ننتظرها جميعاً – دولة ومواطن – من ” خبرائنا” ..وما خلا ذلك يكون هراء ونكء لجروح المواطن، بل ورقص بغيض على الجماجم..

5 تعليقات
  1. Seham يقول

    بالتوفيق استاذ ناظم

  2. Seham يقول

    قضايا فساد بالمليارات
    مسؤولون يتاقاضون بالملايين
    وحاسدين الشعب عازيادة ١٠الاف ليرة
    التكلفة الاجتماعية لدمار المجتمع من بيتحملها
    تخريب مقصود
    رجعنا نوقع نفس الغلط
    بناء الحجر ونسنا البشر
    بشر بأزمة اخرى
    وقلبنا محروق عابلدنا وشعبنا

  3. بسمة ابراهيم يقول

    صدقت أ. ناظم
    إن ضبط الأسواق والأسعار من دون زيادة الرواتب سيسهم في تحسين الوضع المعيشي للمواطن لأن رفع الرواتب سيؤدي إلى التضخم، وستذهب هذه الزيادة إلى ” الحيتان” لذلك لا بد من تشديد الرقابة على الأسواق والحد من الغلاء والاحتكار والارتفاعات السعرية، وهذا الحل سيكون أفضل من زيادة الرواتب والأجور التي ستؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار.

  4. ادارة يقول

    المقال يتحدث باتجاه آخر ..أرجو إعادة القراءة

  5. ادارة يقول

    100%

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]