87 عملية تغيير مؤسساتي للقطاع العام الاقتصادي خلال 17 عام

الخبير السوري:

شهد العقد الأول من القرن الحالي محاولات حكومية عديدة لإصلاح مؤسسات القطاع العام وتطوير أدائها، وكانت إحدى الأدوات الرئيسية التي استخدمت لتحقيق ذلك الهدف هي إعادة النظر بالشكل المؤسساتي إداريا وقانونيا وحتى مالياً لبعض الجهات العامة. فظهرت تجربة الدمج، ودعوات تحويل المؤسسات العامة إلى شركات عامة تعمل بموجب قانون الشركات، وغير ذلك من أشكال مؤسساتية.

إنما نادراً ما تم توثيق ورصد الأشكال المؤسساتية التي جرى تطبيقها خلال السنوات الممتدة من العام 2000 ولغاية العام 2018، ليصار لاحقا إلى وضع هذه التجارب موضع التقييم والتقويم واستخلاص نتائج ستكون دون شك مفيدة في المرحلة القادمة، التي تفرض بفعل متغيرات عديدة حتمية إصلاح مؤسسات القطاع العام.

“نحو بنية جديدة للقطاع العام الاقتصادي في سوريا، رصد وتحليل الخصائص 2000-2017” كان عنوان المحاضرة التي قدمها الدكتور أيهم أسد مدير الدراسات والمناهج في المعهد الوطني للإدارة العامة، وذلك ضمن فعاليات ندوة الثلاثاء الاقتصادية لعام 2018 التي تقيمها جمعية العلوم الاقتصادية السورية في المركز الثقافي العربي بدمسق في أبو رمانة.

في بداية محاضرته، تطرق الدكتور أسد إلى التطور التاريخي للبنية الاقتصادية للقطاع العام في سوريا منذ عام 1963 حتى عام 2018، وذلك من ناحية درجة مرونة وتغيير تلك البنية ومحاولات تغييرها، وقسم المحاضر تلك الفترة إلى أربعة مراحل هي: مرحلة انعدام المرونة المؤسساتية التي امتدت بين أعوام1963 وحتى 1999، ومرحلة البنية المؤسساتية شبه المرنة التي امتدت خلال الفترة الممتدة من 2000 ولغاية 2009، ومرحلة المرونة الأولية للبنية الاقتصادية للقطاع العام الاقتصادي التي امتدت خلال الفترة الممتدة من العام 2010 ولغاية العام الماضي 2017، أما المرحلة فتبدأ من العام 2018 وسماها المحاضر بالمرحلة “التوقعية” والمفتوحة على احتمالات تغيير بنية القطاع العام الاقتصادي بعيداً عن الأشكال والأنماط التقليدية.

ورصد المحاضر نحو 87 عملية تغيير مؤسساتي أصابت القطاع العام الاقتصادي خلال 17 عام، وقد أخذت تلك التغيرات الأشكال التالية:

– إحداث الهيئات العامة المستقلة مالياً وإدارياً بأنواعها الثلاثة الصحية والعلمية البحثية والاقتصادية التنظيمية وبلغ عدد حالاتها نحو 54 حالة. والمثال على ذلك تحويل نحو9 مشافي إلى هيئات صحية تدريبية، وإحداث المعهد العالي لإدارة الأعمال، الجامعة الافتراضية السورية، ومركز التدريب والتأهيل المصرفي، هيئة الأوراق والأسواق المالية، هيئة الاستثمار السورية…وغيرها.

– حالات التصفية ونقل الملكية وعددها وصل إلى 4 حالات، والمثال على ذلك إيقاف وحدة كونسروة الحسكة، إيقاف معمل بطاريات القدم ونقل موجوداته إلى وزارة الدفاع، إيقاف شركة كاميليا..الخ.

-حالات إعادة إحداث مؤسسات وشركات عامة وبلغ عددها نحو 16 حالة، كإعادة إحداث المؤسسة العامة للطيران المدني، إعادة إحداث المصارف العامة، الشركة السورية لتوزيع المطبوعات.

-حالات دمج مؤسسات عامة ووصل عددها إلى 3 حالات. كدمج المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بدمشق مع المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحب بريف دمشق، دمج مؤسسات الاستهلاكية والخزن والتسويق وسندس..الخ.

-حالات إحلال المؤسسات العامة ولم تسجل فيها سوى حالة واحدة تمثلت في إحلال المؤسسة العامة للجيولوجيا محل الشركة العامة للرخام.

– حالات الخروج من النشاط الاقتصادي وتم تسجيل حالة واحدة جسدها المرسوم 61 لعام 2009 والذي ألغى الخصر والقيد والعمولة الواجبة على كافة المستوردات للمؤسسات الحصرية التالية: المؤسسة العام للتجارة الخارجية باستثناء السيارات والآليات والإطارات، المؤسسة العامة للخزن وتسويق المنتجات الزراعية، المؤسسة العامة الاستهلاكية، المؤسسات العامة للصناعات الغذائية، الهندسية، الكيمائية، والنسيجية.

– حالات إحداث الشركات المساهمة الحكومية ووصل عددها إلى 8 حالات كلؤلؤة السورية المساهمة المغفلة، السورية للاستثمار، السورية للاتصالات مصرف الإبداع للتمويل الصغير…الخ.

وأكد المحاضر أن المرجعيات القانونية التي قامت على أساسها تلك التغيرات بلغ عددها نحو 12 تشريع ترافق صدوره مع فترة التغيرات تلك، بالإضافة إلى ذلك فقد قام المحاضر برصد القطاعات التي تأثرت بتلك التغيرات.

وقدم المحاضر تحليلاً كمياً ونوعياً عاماً لخصائص عملية التغييرات التي حدثت، وذلك من خلال عرضه لـ 12 خاصية كمية تتعلق بأرقام ونسب التغيرات التي حدثت وتوزعها حسب الزمن والشكل المؤسساتي الجديد، كان أهمها حدوث 26 عملية تغيير في عام 2009 لوحده فقط أي ما نسبته 26% من مجمل عمليات التغيير، بالإضافة إلى تركز عمليات التغيير في قطاع الصحة حيث وصل عدد الهيئات العامة الصحية خلال فترة الدراسة إلى 43 هيئة وهو ما يشكل حوالي 49% من الأشكال المؤسسية الجديدة.

كما تناول الدكتور أسد في محاضرته 9 خصائص نوعية تتعلق بنوعية وإدارة تلك التغيرات التي حصلت، كما قدم المحاضر ربطاً لعمليات التغير تلك مع الحكومات الثمانية التي تعاقبت على الاقتصاد السوري خلال سنوات 2000/2017 مبينة عدد التغيرات التي حدثت في كل حكومة ونسبتها من إجمالي التغييرات، والتي كان أضخمها في حكومة المهندس محمد ناجي العطري بعدد 65 عملية تغيير وبنسبة 75% من إجمالي التغييرات، بالإضافة إلى ربطها للتغيرات بالخطط الخمسية التاسعة والعاشرة والحادية عشر من خلال رصدها لعدد التغيرات في كل خطة ونسبتها من إجمال عدد التغيرات، والتي كان أكبرها على الإطلاق في الخطة الخمسية العاشرة بعدد 46 عملية تغيير و بنسبة 60% من إجمالي التغييرات.

معظم المداخلات التي تمت في ختام المحاضرة ركزت على ضرورة تقييم كل عملية تغيير مؤسساتية تمت للبناء على مخرجاتها، إضافة إلى تأكيد المتداخلين على أن ما تم من تغيير لم يكن مخططاً ومنظما إلا ما يتعلق بالهيئات الصحية، التي بين المحاضر أن الخطة الخمسية العاشرة كانت واضحة في هذا الشأن وأعلنت بصراحة أن هدفها تحويل جميع المشافي العامة إلى هيئات صحية عامة.

سيرياستيبس

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]