الترامبية الأمريكية والهيمنة الاقتصادية العالمية

الخبير السوري:

أ.د: حيان أحمد سلمان

تؤكد أمريكا من جديد أنها دولة مارقة خارجة عن القانون الدولي, وتجسد هذا في انتهاكاتها وعدوانيتها وخروجها الدائم عن ميثاق الأمم المتحدة, وكان آخر أعمالها الاعتداء على سورية بمشاركة أدواتها وانسحابها من الاتفاق النووي الذي وقعت عليه مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا من جهة وإيران من جهة أخرى بتاريخ 14/7/2015, ومعروف أن هذا الاتفاق جاء بعد مباحثات شاقة وصعبة استمرت بين هذه الدول مدة /12/ سنة ووقفت ضد أمريكا كل دول العالم جراء هذا الانسحاب باستثناء (إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين), وسيكون لهذا الانسحاب تداعيات سلبية كثيرة وفي مقدمتها فقدان الثقة والمصداقية بالسياسة الأمريكية إضافة إلى نتائج اقتصادية عالمية سلبية وعلى كل المجالات والأصعدة الاقتصادية مثل الاستثمارات وسعر الصرف والتدفقات النقدية والنفط والغاز والمعادن والصناعة..الخ, وهذا الانسحاب ترافق مع تهديد جديد بفرض عقوبات أخرى جديدة على إيران ومن يتعامل معها, ولتطبيق العقوبات صدر  قرار وزير الخزانة الأمريكية (ستيفن مونشن) وحدد لذلك مرحلتين وهما:

أ- المرحلة الأولى: ستبدأ بعد /90/ يوماً وتشمل (بيع العملة لإيران – شراء الذهب والمعادن النفيسة من إيران – شراء الصلب والألمنيوم – الاستثمار في السندات الإيرانية – قطاع السيارات الإيرانية – التعاملات الكبيرة  في الريـال –السجاد والمواد الغذائية– سحب تراخيص شركات الطيران).

المرحلة الثانية: تبدأ بعد /180/ يوماً وتشمل كل من (الموانئ  والسفن الإيرانية -التحويلات المالية مع البنك المركزي الإيراني – خدمات الاكتتاب والتأمين وإعادة التأمين – القطاع النفطي).

ومن خلال هذه العقوبات ستتأثر دول كلها سلباً بما فيها أمريكا نفسها ويتجلى هذا -على سبيل المثال وليس الحصر -من خلال النقاط التالية:

1- التأثير على الولايات المتحدة الأمريكية: سيؤثر سلباً في عقود موقعة مع إيران ومنها  (شركة بوينغ الأمريكية للطيران حيث وقعت عقداً بقيمة تزيد عن 20مليار دولار, وشركة جنرال إلكتريك بعقد  بعشرات ملايين الدولارات في النفط والغاز…وغيرها). ومن هنا نتفهم قول الرئيس الأمريكي السابق (بارك أوباما) الذي أكد أن الاتفاق السابق مع إيران يحمي المصالح الأمريكية, والانسحاب منه سيساهم في تراجع مصداقية أمريكا وأنها قد تدير ظهرها لحلفائها.

2- التأثير على الاتحاد الأوروبي: حيث تم توقيع عدة عقود ومنها (شركة ايرباص الأوربية لبيع /100/ طائرة) أوروبية لإيران كما تمت زيادة الصادرات إلى إيران خلال عام 2017 عن عام 2016, وستتأثر دول الاتحاد بشكل منفرد, فمثلاً (فرنسا) وقعت شركاتها عقوداً كبيرة مع إيران مثل ( شركة طيران فرنسية لبيع /20/ طائرة – شركات رينو وبيجو وبي أس إيه وسان وفي للسيارات – شركة توتال النفطية – شركة أكور للفنادق ….الخ), إضافة إلى أن الدراسات تؤكد أنه يوجد /6/ مليارات يورو فرنسي تعمل في السوق الإيرانية, ومن هنا نتفهم قول وزير الاقتصاد الفرنسي (برونو لومي): إن أمريكا تريد أن تضع نفسها بمكانة (الشرطي الاقتصادي العالمي). كما ستتأثر شركات  ألمانية مثل شركة( فولكس فاكن التي عادت إلى السوق الإيرانية بعد انقطاع مدة /17/ سنة وغيرها), وشركات اسبانية مثل شركة (ميليا هوتيلز الفندقية وغيرها), إضافة إلى كل الشركات التي ستخضع للإرادة الأمريكية, ولكن إيران قادرة على الرد على هذا وخاصة أنها حققت اكتفاءها الذاتي في الكثير من المجالات, ولها علاقات قوية مع دول متطورة مثل روسيا والصين والهند وغيرها, وأنها تعتمد في صادراتها بشكل أساسي على النفط والغاز وهاتان السلعتان مسوقتان في العالم, ومن خلال متابعتي للاحتجاجات والتذمر العالمي من القرار الأمريكي الجائر تذكرت قول صديقي, وهو اقتصادي إيراني, : (نرجو من الله أن تستمر أمريكا في فرض عقوباتها علينا لأننا من خلالها زاد اعتمادنا على ذاتنا وعلى أصدقائنا), كما تذكرت قول شاعرنا الكبير (جرير) عندما سمع بأن غريمه الشاعر الكبير (الفرزدق) قد هدد شاعراً آخر واسمه (مربع) فقال (جرير) قصيدته المعروفة ومطلعها:

زعم الفرزدق أن سيقتلَ مربعاً

أبشر بطولِ سلامةٍ يامربعُ

وهنا أقول لا خوف على إيران الصديقة من هذه العقوبات, وهل تستمر أوروبا في موقفها أم تخضع للسياسة الأمريكية والقرارات الترامبية غير المسؤولة وتالياً تهمش على الساحة الدولية؟.

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]