كي لا يدفع الفقراء الثمن مرتين!

إذا كانت حكومة ما قبل الأزمة قد فشلت في الوفاء بالالتزامات الاجتماعية لعملية “تحرير” الاقتصاد الوطني، وبالتالي تراكم أخطاء خطيرة كانت للأسف أحد العوامل الداخلية الحاملة للأزمة التي تدخل بعد أيام عامها الثامن، فإن ذلك يجب ألا يتكرر في المرحلة القادمة.. مرحلة إعادة الإعمار، وإلا فإننا نعيد إنتاج بذور “احتقان” اجتماعي جديد.

لا يقل الجانب الاجتماعي في عملية إعادة الإعمار أهمية وخطورة عن الجوانب الأخرى، فالحرص على وطنية هذه العملية واستقلاليتها عن المصالح الغربية والإقليمية يقابله بالأهمية نفسها حرص على مصالح وحقوق الفئات الاجتماعية المتضررة من الحرب، لاسيما الفئات الفقيرة والهشة اقتصادياً قبل الحرب وخلالها، أو هكذا يفترض أن يكون.

هذا الحرص يتبلور من خلال التشريعات الضامنة لحقوق آلاف السوريين الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة والصغيرة، والإجراءات الحكومية الرادعة لمحاولات السيطرة والاستحواذ على حقوق هذه الفئات والشرائح من قبل أثرياء الحرب وتجارها، وهذا يعني بوضوح أن عملية إعادة الإعمار بحاجة إلى محددات اجتماعية ترسم طريقها نحو النجاح وتضمن تحقيقها لهدفها في استعادة سورية لمكانتها ودورها وتلافيها لكل الثغرات والأخطاء الماضية.

قد يكون السبب أنها التجربة الأولى، إلا أن ما حدث في مشروع الـ66 يجب ألا يتكرر في مناطق أخرى، إذ أن المشروع وعوضا عن المحافظة على حقوق أصحاب الحيازات الصغيرة وحمايتها والتي تعود ملكيتها أساساً إلى عائلات وأسر فقيرة، فقد تسبب بحالة هلع وخوف سببها إجراءات المحافظة وعدم شفافيتها، الأمر الذي قاد عائلات كثيرة إلى الهجرة من البلد كله فضلا عن فتح الباب للتجار والسماسرة للتحكم واستغلال ظروف عائلات أخرى وشراء أسهمها وإخراجها من منطقة ولد أفرادها فيها وعاشوا لسنوات وسنوات بين جنباتها.

وكما أن المشروع تحول إلى أساس تبنى عليه كل مشاريع إعادة الإعمار في المحافظات، فإن الإشكاليات المثارة حول تطبيقه يجب أن تكون هي الأخرى مؤشر لتجنب كل ما قد يعرض مصالح الطبقات الاجتماعية الفقيرة والضعيفة للخطر، خاصة وأن أفراد هذه الطبقات هم الذين كانوا في الخندق الأول في مواجهة الإرهاب والدفاع عن سورية واستقلالها ووحدتها.

الخبير السوري – سيرياستيبس

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]