كي لا تتوه الـ5 مليارات دولار

 

ترفع الزيارة الحالية للوفد الحكومي إلى روسيا مؤشرات التفاؤل بحقبة استثمارية غير عادية، وخاصة أن الحديث يدور حول استثمارات تتجاوز قيمتها الـ5 مليارات دولار.

وبغض النظر إن كان توظيف هذا الرقم في مشاريع حكومية مشتركة أم أخرى خاصة، فإن انعكاس مخرجاته تستحق بعد تحديد الأهداف الاستثمارية المعوّل عليها، العمل على التعاطي بحزم مع مسائل عدة، يتصدّرها إبراز كفاءاتنا الحكومية وإفساح المجال أمامها لاعتماد برامج وآليات التنفيذ بكل حزم وجدية مع مثل هذه المشاريع، إضافة إلى الصرامة الكفيلة بتكريس البرامج الزمنية كركن أساسي للتنفيذ، كي لا تقع هذه المشاريع في مطبّ التجميد، أو تدخل في متاهات التأجيل وخاصة الناجم عن إشكاليات روتينية.

لعل هذه الزيارة فرصة استثنائية لتحديد هوية الشراكات السورية الجديدة بعد أن خذلتنا شراكتنا السابقة مع أوروبا، وسبق لنا أن ركزنا وفي أكثر من مناسبة على مسألة التكامل وخاصة من جهة الاستيراد والتصدير، وإمكانية توطين تقنيات الدول الشريكة من جهة، وتطوير ما لدينا من جهة ثانية، وذلك من خلال استقطاب خبراتهم العلمية والتكنولوجية لرفع مستوى إنتاجنا، وهنا على سلطتنا التنفيذية العمل على اتجاهين الأول تكتيكي ويتمثل باستدراك الواقع الحالي وترميمه، بحيث نتمكن من تجاوز الأزمة بأقل الخسائر الممكنة إثر العقوبات التي فرضها شركاء الماضي، والاتجاه الثاني استراتيجي يعتمد على وضع خطط مستقبلية ترتكز على تطوير آليات التعامل الاقتصادي، وفي مقدمتها الزراعة لأن سورية بلد زراعي بالدرجة الأولى.

لاشك أن انعقاد اللجنة العليا السورية الروسية المشتركة ليس كباقي اللجان، فإمكانيات الشريك ورغبته حاضرتان، وبمنطق المصالح فإن البراغماتية سيدة الموقف.. هم بحاجة إلى حصة من استثمارات دسمة، ونحن بحاجة إلى تنمية وإعمار استثنائيين، فالمصلحة إذاً مشتركة، وتقتضي الحفاظ على مسار نتائج هذه اللجنة نحو التنفيذ الجاد وضمن سياق توافق المصالح وندية التعامل، بحيث لا يطغى طرف على آخر.

يبقى أن نشير إلى أن هناك عدداً لا بأس به من دول آسيا وإفريقيا مثل ماليزيا والهند وجنوب إفريقيا وغيرها، لابد أن تكون تحت مجهر الشراكة والتعاون الاقتصادي، فهي دول مشهود لبعضها بالتنمية الاقتصادية، وبعضها الآخر يبحث عن مطارح استثمارية تتقاطع معنا براغماتياً لتحقيق المصالح المشتركة.

 

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]