مطارح ضريبية جديدة على طاولة الجدل والدراسة

 

 

الخبير السوري:

انتقد خبراء ماليين خروج كتلة نقدية كبيرة من إيرادات الدولة من قائمة دخل الموازنة وتحديداً العائدة من النفط والسياحة وتضرر مصادر الضرائب التقليدية، ويلفت هؤلاء إلى أن هذا كان يفترض أن يدفع وزارة المالية وهيئة الضرائب البحث عن منافذ ضريبية جديدة حتى لو كانت صغيرة.

فيما تشير هيئة الضرائب والرسوم إلى أنها رفعت لرئاسة الوزراء عدة اقتراحات لصناعة ضرائب جديدة تلائم الأزمة، بحيث تحصل من كبار ومتوسطي وصغار المكلفين ولم تحظ الاقتراحات جميعها بموافقة رئاسة الحكومة متعذرة بالقدرة الشرائية المتدنية وبمراعاة الظروف الاجتماعية التي تمر بها جميع فئات المجتمع.

و لم تجد مصادر مديرية التشريع الضريبي في الهيئة مانعاً يحول دون دعوة الحكومة إلى فرض ضرائب على تجار الدولار والذين يصنفون في فئتين: الأولى: تمول وارداتها بالقطع الأجنبي ولا تستورد، والثانية تمول وتستورد فعلياً، وتضيف المصادر أنه على وزارة المالية تحصيلها مباشرة من الصناعيين والتجار الذين سمح لهم استيراد المازوت والمشتقات النفطية الأخرى.

كما توصي المصادر بفرض رسوم وضرائب على أصحاب الأكشاك والبسطات المنتشرة على الأرصفة، والتي باتت تشكل نتيجة الأزمة وتداعياتها الاقتصادية نحو 30 % من مساحة الأسواق المحلية، وتستند مصادر التشريع الضريبي في تأييدها لهذه الفكرة إلى قيام وزارة الإدارة المحلية بفرض رسوم على هذه النشاطات يعود ريعها لصالح المحافظات، وعليه بالإمكان إذاً فرض رسوم لصالح الخزينة العامة للدولة، على اعتبار أن فرض جهة حكومية “معنية” رسوماً على ما يسمى “اقتصاد الظل”..هو اعتراف رسمي بنشاطاتها ما يستدعي معاملتها ضريبياً كباقي الفعاليات الاقتصادية النظامية.

ويشير اقتصاديون اليوم إلى أن القطاع الاقتصادي غير الرسمي زادت نسبته خلال سنوات الأزمة بشكل كبير، ووفقاً للتقديرات غير الرسمية فإن نسبته ارتفعت من نحو 40% قبل الأزمة إلى أكثر من 60% في الوقت الحاضر، وهذا يعني أن 60 % تقريباً من النشاط الاقتصادي السوري لا يخضع لأي نوع من الضريبة.

جانب آخر ضريبي في غاية الأهمية، من وجهة نظر مديرية التشريع الضريبي، يتمثل في زيادة حجم الضريبة على نشاطات دفعت بها الأزمة إلى الواجهة مثل مبيعات الأغذية والمواد الأساسية الاستهلاكية، بحيث ترفع قيمة الضريبة على مبيعاتها، كنسبة وتناسب على حجم الأرباح الخيالية التي يتقاضاها التجار بجميع حلقاتهم، إذ تؤكد المصادر أن نظام الفوترة التي تعتزم الحكومة تطبيقه في وقت قريب جداً، كفيل بتحصيل ضريبي جيد، كونه سيكون إلزامياً، وبالتالي سيكشف مكاسب كبيرة جداً.

إمكانية الخروج بتشريع ضريبي جديد يتناسب والظروف الاقتصادية الراهنة في ظل قائمين حالياً على وزارة المالية يعانون من ضعف واضح في اتخاذ القرارات الجريئة أو أي إجراء ضريبي يتعارض مع مصالح أصحاب النفوذ ومن في حكمهم (كبار التجار والصناعيين)، وهذا من وجهة نظر خبراء اقتصاديين، ما يحول دون تعديل التشريعات الضريبية وتطويرها باتجاه العدالة وتحصيل حقوق الخزينة العامة، ويرى هؤلاء أن محاباة هذه الفئة الأكثر إفادة من الأزمة باتت مكشوفة، والدليل عدم فرض رسم أو ضريبة ولو واحدة على نشاطاتهم الاقتصادية، تتناسب والأرباح الخيالية التي يجنوها، وكل ما اجتهدت به الوزارة زيادة نسب الرسوم والضرائب المعمول بها سابقاً، كونها عاجزة عن تخطي الخط الأحمر المرسوم لها من قبل الكبار، على حد تعبير رئيس قسم المحاسبة.

وعلى عكس التوقعات، فقد كان على المشرّع السوري خلال سنوات الأزمة أن يتجه إلى إصلاح النظام الضريبي، من خلال تعديل قانون ضريبة الدخل رقم / 24 / تاريخ 2003، الذي ألغى بموجبه القانون رقم 85 تاريخ 21/5/ 1949والعديد من التشريعات المرتبطة به، وأبقى القانون على أسلوب التحقق والتحصيل الضريبي كما كان في ظل القانون السابق، إذ يفترض لحظ بعض التعديلات مثل إعادة ضرائب ورسوم قديمة مناسبة للظروف الحالية، واللافت أنه تم إجراء تعديل وحيد تمثل بإعادة فرض ضريبة الآلات رغم أن جدواها الاقتصادية تعد قائمة.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]