كتب الدكتور عامر خربوطلي- الخبير السوري:
(إبريق الزيت) عنوان لمسرحية لبنانية حديثة تتحدث عن تحولات الهجرة والانتظار عبر الأزمنة والأزمات والتغيرات الكبرى في المنطقة وتأثير الحالة الاقتصادية على الأوضاع الاجتماعية بشكل عام وهي مأخوذة من مثل شعبي يتحدث عن اللاحكاية أي حالة الانتظار والفراغ والتململ دون نتيجة .
ما معنى الحنين للزمن الجميل فيما مضى وهل هو جميل حقاً أم إنه بمقاييس تلك المرحلة كان هو الأجمل؟؟ وهل من المنطق انتظار عودة هذا الزمن الجميل إذا كان جميلاً حقاً؟؟
الزمن لا يعود والماضي فات وانتهى ولا معنى من الوقوف على الأطلال فلكل مرحلة اقتصادية /اجتماعية/ ثقافية ميزاتها وسلبياتها وأكثر ما هنالك هو إن الإرتياح المادي كان سيد الموقف في المراحل السابقة ولكن ليس في جميع المناطق والطبقات والشرائح.
الهجرة والاغتراب كانت على مدى القرنين الماضيين صفة واضحة لمنطقتنا لأسباب منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي واجتماعي ولعل الأزمة التي مرّت بها سورية سجلت أكبر نسبة مغادرة للوطن نحو بلاد الله الواسعة وخلقت حالة في اللاوعي أنه لا فائدة من انتظار الغد الأفضل أو عودة الماضي الجميل بل لا بد من عيش الحاضر القلق في مكان غير محدد مبدئياً.
ما اكتشفه الراحلون عبر الزمن والمكان أن الوطن الأصلي سيبقى الملاذ الآمن وهو مفخرة النجاح والتفوق ولا معنى لنجاح لا يعلم فيه إلا القليل والسعادة دوماً تحتاج للمشاركة وبدون هذه المشاركة من الأهل والأصدقاء والمعارف فإن السعادة لا طعم لها.
الهجرة إلى الوطن لم يعد شعاراً سيريالياً للمستسلمين أو غير المغامرين بل هو خيار تحقيق الذات وتقدير هذه الذات لأبعد حدود.
عندما نشارك في أي عمل اقتصادي أو تنموي أو معرفي أو مجتمعي فإن ذلك يخلق في داخلنا نشوة الانتصار على سلبية الهروب إلى المستقبل المجهول أو الحنين للماضي الجميل.
نحن من نصنع المستقبل وهو لا يصنعنا، ونحن نحسَّن من الحاضر ولا يجوز أن نتغنى بالماضي ونسعى أن يعود لأنه ببساطة لن يعود وإنما الذي سيأتي هو المستقبل الجديد المتجدد، المفعم بالحداثة، الغني بالتطور والتطوير ،العميق بالقيم والثقافة، والمتجذر بالقواعد الاقتصادية الناجحة، والمتعزز بمشاركات الجميع ومساهماتهم الإيجابية، ينبغي أن لا يكون لدينا (إبريق الزيت) المتمثل باللاحكاية بل أن يكون انا حكايتنا الجديدة المفعمة بالأمل والانتظار.
ا
الاقتصادية السورية