توقعات بإيرادات مالية كبيرة في سورية تستدرك جزءاً مما خربته الأزمة.

 

 

 

الخبير السوري:

توقعت بيوت خبرة سورية محلية سنة مالية استثنائية جدا ربما ستكشف عنها الإيرادات العامة للدولة نهاية العام الحالي مقارنة مع سنوات الأزمة الأولى الثلاث 2011-2012-2013- وبالتالي ترتفع حصة التوقعات المتفائلة بمواجهة أفضل للعجز الناتج عن مفرزات الأزمة.

وبالاستناد إلى مؤشر مشروع الموازنة للعام 2015 الذي قدر بنحو 992.28 مليار ليرة سورية (إجمالي الإيرادات العامة بما فيها القروض والموارد الخارجية) مع ملاحظة زيادة إجمالي الموارد العامة المقدرة في مشروع موازنة عام 2015 بمقدار 108.91 مليارات ليرة سورية عن موازنة عام 2014 وبنسبة زيادة مقدرها 12.3%.

وبالنظر إلى أهم موارد الدولة خلال الأزمة وبعد خروج إيرادات ضخمة مثل النفط والسياحة، فقد وصلت الإيرادات الجمركية، على سبيل المثال، منذ بداية العام ولغاية 17 حزيران الجاري نحو 43.1 مليار ليرة، وحسب بيانات رسمية حكومية، بينت المؤشرات المادية لأداء عمل المؤسسة العامة للمناطق الحرة منذ مطلع العام حتى نهاية شهر أيار الفائت عن إيرادات لامست المليار ليرة، وحققت مديريات النقل في سبع من المحافظات السورية خلال أشهر ثلاثة من العام الجاري نحو 1.8 مليار ليرة على شكل رسوم محصلة، إضافة إلى 206 مليون ليرة سورية على شكل ضريبة دخل خلال الربع الأول من العام الجاري، وكذلك بلغت إيرادات الشركة العامة لمرفأ طرطوس 1.5 مليار ليرة خلال الربع الأول.

من هذه المقدمات يمكن التوصل إلى نتيجة تحصيل أفضل من سياسة ضغط النفقات التي تتبعها الحكومة منذ عامين وخصوصاً الناتجة عن تقليص دعم المشتقات النفطية وترشيد الطاقة، والبدء بالإصلاح السعري التدريجي (الذي بدأ بالفعل)، ثم الانتقال لمرحلة رفع كفاءة استخدام الطاقة، ودعم الصناعات الأكثر أهمية للمرحلة الراهنة، وإصلاحات هيكلية في نظام البترول ومكافحة تهريب منتجاته..لكن تظل تلك الخطط غير واضحة ويحيطها التعتيم، ولا يمكن التنبؤ بأي إطار زمني للتنفيذ أو أي تقدير لكلفة تلك الإجراءات، بالطبع، ما عدا “الإصلاح السعري” الذي بدأنا نشعر بتداعياته بالفعل.

لكن إذا نظرنا لنظام الدعم بشكل عام، نجد أن هناك إصرار من جهة الحكومة على التضييق على الإنفاق على الدعم بدون الإشارة الجادة لإصلاح منظومة توزيع الدعم، حيث تكرر الحكومة أن الدعم لا يصل لمستحقيه، ونكرر نحن أن الحل لا يكمن في إلغاء الدعم ولكن في تطوير شبكات الوصول للمستحقين وإعادة تعريفهم.

وفي هذا السياق لابد من القول أنه ربما يوجد قرارات يمكن الإشادة بها في مشروع الموازنة، مثل العمل فعلياً على تحسين الوضع المعيشي الذي زاد بمعدل وسطي قدره 25 ٪ مع توسيع قاعدة المستفيدين لتشمل العسكريين والمتقاعدين العسكريين والمدنيين على حد سواء، وهي في نهاية المطاف رفعت من الطلب على السلع والخدمات وحسنت بالتالي من الإيرادات العائدة من ضرائب ورسوم المبيعات، وبالطبع تحصيل إيرادات عامة بشكل جيد يؤدي إلى تغطية النفقات العامة في الموازنة العامة للدولة، ويعدّ الدخل القومي المصدر الرئيسي للإيرادات العامة، والتي يشكل أهمها الإيرادات الجارية والمتمثلة بـ: الضرائب والرسوم، بدل الخدمات، وإيرادات متنوعة..

وجدير ذكره أن الحكومة نجحت وإلى حد ما في رفع حصيلة الإيرادات الضريبية في العام الماضي وأظهرتها الموازنة العامة، كما أن التوقعات تشير إلى إيرادات مضاعفة ناتجة عن الضرائب والرسوم حيث تقدر الزيادة في إجمالي الإيرادات الجارية المقدرة في مشروع موازنة عام 2015 بالمقارنة مع موازنة عام 2014 بنسبة زيادة مقدارها 10.3% إلى الزيادة المقدرة في الضرائب والرسوم، وحسب مصادر مسؤولة يتوقع زيادة تتجاوز 12 % العام الجاري، بالإضافة إلى الزيادة في بعض الإيرادات الأخرى، في حين يتوقع انخفاض في فروقات الأسعار وبنسبة انخفاض قد تصل إلى 7 % أي بأقل من العام الفائت البالغة نسبتها 13.2% ورغم ذلك سينعكس ذلك سلباً على إيرادات باب (الإيرادات المتنوعة) بنسبة انخفاض محتملة معدلها 5 % أي أقل عن العام الماضي المقدرة بنسبة 11.1%.

وللمزيد من الإيضاح تجدر الإشارة إلى أن الموازنات العامة في سورية نمت خلال الأعوام العشرة الأخيرة بنسب معقولة، باستثناء موازنة 2012 التي قفزت بحوالي 58.80% عن موازنة 2011، لتعاود نموها في العامين 2014 و2015.

وأن السياسة المالية وأدواتها جزءاً من السياسة الاقتصادية العامة، لأن تغيّر إيرادات الدولة ونفقاتها له تأثير مباشر على التوازن الاقتصادي العام، أي أن المتغيرات المالية تؤثر على المتغيرات الاقتصادية، والعكس صحيح.

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]