من يقف وراء إفشال مصنع متطور لصناعة مكثفات من حمضيات البلد ؟؟

الخبير السوري:

لم يفاجئنا امتناع عضو لجنة التصدير في غرفة تجارة دمشق، عن كشف أسباب إفشال مشروع استثماري، لو قُدِّر له أن يولد في ساحلنا، لكان استثماراً لكلّ حقول الحمضيات في سورية.. نعم كل الحقول، ليس لأجل تصدير هذا المنتج الزراعي بشكل خام، بل تصنيعه كمكثفات عصائر، أي تحقيق القيمة المضافة وبنسبها المطلقة، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على حلقة الإنتاج الأولى وهي الفلاح، وعلى تطور قطاع تصنيع حمضياتنا، ناهيك عما يعنيه انتقالنا من حالة التصدير الخام إلى مرحلة التصنيع، من فوائد اقتصادية وعائدية للقطع الأجنبي.

المستثمر، ومشروعه المتمثل بإقامة مصنع متطور لإنتاج مكثفات العصائر، لم يكن الأول الذي تمّ إفشاله، على الرغم من تفرده بتحقيق التصنيع الكامل، بل كان سبقه بسنوات عديدة أكثر من 10 عروض لإقامة مشاريع في سنوات سابقة.

خسرنا هذا المشروع، والذي كان اجتذابه بالتعاون ما بين رجال أعمال سوريين وسفاراتنا في الخارج، علماً أنه العرض الوحيد لتصنيع المكثفات.. خسرناه كما خسرنا غيره العديد من مشاريع إنتاج العصائر (وليس المكثفات) لأسباب غير مفهومة مطلقاً!

اليوم، وبعد أن وصلنا إلى مرحلة اشتدت فيها المنافسة أمام حمضياتنا في أسواقها التقليدية والرئيسية (العراق والخليج..)، حيث الحمضيات الإيرانية تغزو تلك الأسواق، وفق ما أكده رئيس لجنة تصدير الحمضيات في سورية، الذي اشتكى من عدم تنفيذ الحكومة لوعودها، ليصل به الأمر حدّ إلى إطلاق تحذير من أننا سنرى محصول حمضياتنا خلال هذا العام مرمياً في الشوارع، إذا ما بقي الوضع على حاله دون حلول ناجعة، وازدياد الخناق على المصدّرين، حسب قوله، حيث براد الحمضيات ينطلق من إيران الساعة الثامنة صباحاً ويصل العراق في عصر اليوم نفسه، كما أن الحمضيات الإيرانية، كانت وصلت قبل أيام إلى دبي وسيتمّ تحميلها إلى كل دول الخليج.

منافسة لا مجال للفوز فيها إذا ما ظلت الحكومة تدور في حلقة اجتماعاتها غير المُنتجة لأي قرار يمكنه انتشال حمضياتنا من كارثة محققة، سواء داخلياً لناحية الرسوم غير النظامية، والمحدّدة بـ 300 دولار، أو خارجية لناحية العمل مع الجانب العراقي، على إلغاء رسوم إدخال الحمضيات إلى العراق، والمحدّدة بـ 1400 دولار، الأمر الذي يمنع أن تكون الحمضيات السورية منافسة لأن الحمضيات الإيرانية وحتى التركية تدخل إلى العراق بكميات كبيرة جداً، وذلك بسبب إلغاء الرسوم الجمركية وتخفيف معوقات الجوازات والفيز؛ ناهيك عن نسبة الضريبة على الأرباح، البالغة 2%، والتي تفرضها وزارة المالية التي تتبع أيضاً مبدأ التعديل الضريبي، وفوق ذلك ضعف حجم الدعم المقدّم للحمضيات والمقدّر بـ 20 ليرة لنقل الكيلو الواحد، علماً أن الشحن البحري يتمّ باليورو، والبري بالدولار، ما يجعل تقديم الدعم بالليرة غير منطقي أبداً!

هذا وغيره من انتقادات عديدة تتناول موضوع تعهد القطع وسحب الأموال من المصارف لناحية سهولتها وكميتها وزمنها.. حين التعامل مع عمليات المصدّرين ومقارنة ذلك مع عمليات المستوردين!!

في هذا المشهد الذي لا تُحسد عليه حمضياتنا ومنتجيها ومصدريها، والذي يؤشر للقادم مما لا تُحمد عقباه، لا يسعنا إلاَّ القول: لقد أصبح تحسين بيئة الأعمال من أهم المفاهيم الاقتصادية المتداولة والمشهورة، بل باتت هناك مؤشرات وتقارير دولية مختصة بهذا الشأن، ومنها تقرير الأمم المتحدة الذي حدّد مفهوم تحسين بيئة الأعمال بترابط السياسات والشروط القانونية والمؤسسية والتنظيمية التي تحكم الأنشطة التجارية، وكذلك ترابط آليات السياسة الحكومية والترتيبات المؤسسية التي تؤثر في طريقة عمل الجهات الفاعلة الرئيسية.

والسؤال هنا: هل ما تمّ ذكره هو على أحسن حال لدينا، إن كان الجواب “نعم”، فالردّ على ذلك “هذا الماء وهذا الغطاس”، والقادمات ستحكم!!…البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]