عبر حدود سوريا ـــ لبنان… مؤنٌ رهينة سائقين ومهرّبين و«كورونا»

الخبير السوري:

كما رمت الأزمة الاقتصادية بثقلها على معظم اللبنانيين في العامين الأخيرين، أضافت ضغوطاً معيشية جديدة على اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان. العمال اليوميّون عانوا الجوع وقلّة المال، ومنهم من عجز عن تسديد أجور السكن، وآخرون اضطرّوا إلى العودة ـــ ولو بطرق غير شرعية، أو حاولوا الوصول إلى وجهة أوروبية.

 

 

كان أمام العائلات داخل سوريا، والتي يقيم أبناؤها في لبنان، طريق لدعمهم، عبر إرسال مؤن وبضائع تخفّف عنهم نفقاتهم، مستفيدين من فروق الأسعار بين البلدين؛ ولكنّ هذا الطريق باتت دونه عقبات مالية فرضتها طرق التهريب ومكاتب السفر.

 

تقول سلوى التي يقيم ابنها في لبنان: «في كل عام أرسل له الملابس والمؤن، مستعينة بسائقي السيارات العاملين على خط دمشق ـــ بيروت، في عامَي 2018 و2019 ارتفعت أجور نقل البضائع لدى مكاتب السفر، بقرارات مزاجية. فكلّ مكتب يطلب مبلغاً يختلف عن المكتب الآخر. وهناك سائقون يرفعون تسعيرة النقل بشكل كيفي بحجة الرسوم الجمركية على الحدود بين البلدين».

 

كذلك، يشير أحمد الذي يرسل إلى أقاربه بضائع عبر الحدود، إلى أن «أجور النقل ارتفعت بعد انتشار كورونا وإجراءات الإغلاق التي منعت السيارات العمومية الحاملة للّوحات سورية، من الدخول إلى الأراضي اللبنانية (..) فالطرد الذي كنا نرسله عام 2019 بمبلغ عشرة آلاف ليرة، أصبحت كلفته خمسين أو ستين ألفاً، وهذا المبلغ يفوق قدرة أي مواطن سوري إذا ما قورن براتبه أو أجور عمله».

ويشرح أن السائقين «يبررون ذلك باضطرارهم إلى الاستعانة بسيارات داخل لبنان، فمهتهم تنتهي بإيصال البضائع إلى الحدود ومن هناك تنقل عبر سيارة ثانية إلى لبنان، وهذا من شأنه فرض أجور مضاعفة فنحن ندفع أجور سيارتين لا واحدة».

 

«البطالة ولا الخسارة»

بعض أصحاب المكاتب والسائقين دافعوا عن رفع الأجور بالإشارة إلى «الغلاء المتفشي وتكلفة السفر وهوامش الربح والخسارة»، مشيرين إلى السعة المحدودة لسيارات نقل الركاب، ما يجعلهم أمام خيار بين نقل البضائع أو أحد الركاب، إلى جانب استخدام سيارة ثانية لإتمام المهمة داخل لبنان.

 

محمود، أحد السائقين العاملين على هذا الخط، يقول إنه يفضّل البطالة والمكوث في منزله على العمل بخسارة. ويشرح: «لديّ عائلة ومصاريف تتعلق بتأمين وقود السفر والصيانة الدورية للآلية والضريبة التي يفرضها المكتب المتعاقد مقابل تأمين الركاب. إذا كان العمل خاسراً أفضّل عدم استهلاك دواليب سيارتي في سفر يمتد لساعات»، مشيراً إلى أنه رغم ذلك يوصل الأمانات والمؤن «وإذا كانت الكمية قليلة لا أتقاضى أي أجر».

 

تدخل على جملة مبررات السائقين عوامل أخرى، بينها إدراكهم أن كثيراً من البضائع تُنقل بهدف تحقيق ربح مادي، عبر إعادة بيعها في أسواق لبنان؛ إذ يرسل البعض منتجات مصنّعة منزلياً لأقاربهم أو معارفهم، ليبيعها هؤلاء «بأسعار مضاعفة تفوق سعر الكلفة وبهوامش ربح مرتفعة». ولذا يقول بعض السائقين إن لهم «حق الانتفاع أيضاً» لمساهمتهم في «إنجاح هذه التجارة».

 

وتنتشر في لبنان، وخاصة في بعض المناطق القريبة من الحدود مثل مدينة شتورة، محالّ تبيع منتجات سورية دخلت رسمياً أو من معابر التهريب، وتباع بأسعار أرخص من مثيلاتها المتوفرة في السوق اللبنانية.

 

كذلك، فإن البعض يعمل في «تجارة ضيّقة» لبيع مواد ينتجها أهله أو أقاربه، ولا سيما المؤن المنزلية مثل التين المجفف والكشك والزبيب والجوز وغيرها. ويمرّ معظم هذه البضائع بشكل رسمي، لغياب القدرة على التنسيق والتواصل مع مهربين، على هذا المستوى الضيق. ولذا فهي تحت رحمة «تسعيرة المكاتب».

 

لا ضوابط رسمية

يشير مصدر في مديرية الأسعار التابعة لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إلى أن المديرية «معنية بتحديد أجور نقل الركاب فقط بالنسبة إلى باصات وسيارات النقل الخارجي، وتشرف على عمل هذه المكاتب وضمان عدم التلاعب بالأسعار، أما بالنسبة إلى نقل البضائع فهي لا تخضع لأي منظومة لأن المكاتب تقوم بهذا العمل بشكل فردي وسري في كثير من الأحيان أي بما يشبه التهريب، لأن التراخيص النظامية لعملها هي نقل الركاب فقط».

 

ويلفت إلى أنه «منذ سنوات، لم نتلقّ شكاوى ولم يطرح الأمر حتى تتم معالجته بشكل رسمي»..الأخبار

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]