صراع على السيادة ؟؟!!

أوس عيد – الخبير السوري:

القانون هو نظام تتقيد فيه جميع الدول بمؤسساتها ومواطنيها، بالتالي نحن أمام حالة سيادية وهي ” سيادة القانون”.

وعلى الرغم من أن عبارة سيادة القانون، تبدو مصطلحاً غامضاً.. لكن نستطيع أن نقول إن هناك أرضية مشتركة بخصوص الميزات الأساسية لسيادة القانون، توافقت عليها وجهات النظر الأكاديمية عموماً.. فإن لحكم القانون سلسلة أغراض.. ينبغي أن يتكفل بالحماية من الفوضى أو من حرب ، و أن يسمح للناس معرفة عواقب تجاوز القانون،  وهناك غرض أخير لسيادة القانون وهو التمسك بحقوق الإنسان..

 لكن لا يكفي مبدأ سيادة القانون فقط  لفرض الالتزام بمضمون أو جوهر القانون، بل يجب أن يكفل الحريات والحقوق للأفراد جميعا أما إذا حصل العكس يبدو القانون وكأنه لا يأبه.. فالقانون لا يعلو ولا يسود ولا يسمو إلا لكفالته للحقوق والحريات العامة، وبموجبه يتم تنظيم العلاقات الاجتماعية وحماية القيم والمبادئ .

وسمة السيادة المطلوبة في عمق تطبيقات القانون والنظرة إليه..لا تنفي صفة  الديمقراطية..لكن بالتأكيد ليس الفوضى، لأن للديمقراطية مفهوم محدد  تعني.. تمتع الأفراد بجميع الحقوق سواء كانت مدنية أو سياسة أو اقتصادية،  ويجب أن يعتمد الأفراد على مضمون القانون في تسيير حياتهم اليومية، و على وجود مؤسسات العدالة وفرض العقوبات على مخالفة قاعدة ما.

هي مقتطفات من نصوص موثقة في  المناهج الأكاديمية بخصوص توصيف مبدأ سيادة القانون وعلاقة المجتمع به..وفي سياق ديمقراطي بعيد كل البعد عن الفوضى..

إلّا أن سؤالاً محرجاً يقفز إلى ذهن من يطالع هذه النصوص، حول مصير سيادة القانون في مجتمعات كمجتمعاتنا يصفها المثقفون بيننا بمصطلح ” تراحميّة”..أي ما مصير القانون وسيادته أمام العرف الذي يحكم مجتمعاتنا ويفرض سيادته بسلطات افتراضية غير مكتوبة ولا منصوص عليها في مراجع، بل لدى مرجعيات..أي من وكيف سنحل مشكلة تنازع السيادة بين القانون والعرف.

فعلاً هذه إشكالية كبيرة جداً..على الرغم من أننا ندرك أن سلطة القانون في حال جرى الاحتكام علناً هي الأقوى..لكن ماذا لو كان العرف هو السائد حيث لا مجال لدخول القانون، أو حيث يبدو الاحتكام إلى القانون ” هروب أو ضعف أو انهزام موصوف”؟؟؟

من هنا علينا أن نقتنع بأن الثقافة القانونية يجب أن تكون واسعة الانتشار وليست حكراً على المختصين عبر الدراسة الأكاديمية..فالاختصاص مطلوب نعم…لكن المعرفة أيضاً مطلوبة..إذ تؤكد القاعدة أن ” لا جهل في القانون”..فماذا لو كان الجهل بالقانون كبيراً إلى حدود مقلقة ؟؟

نعتقد أنه لو تمّ تعميم ونشر الثقافة القانونية، واجتهدت وسائل الإعلام والمراكز الثقافية في ذلك، لتعززت سيادة القانون وارتقينا بالمستوى الإدراكي لمجتمعاتنا، و أنقذناها شيئاً فشيئاً من سيادة وسلطة العرف..

فلم يعد بالإمكان العيش بعقلية ” العكيد ويوميات باب الحارة” ..لأن الفعل الدرامي شيء والسلوك الحياتي شيء آخر…سيادة القانون تطور وسيادة العرف تخلف..والازدواجية في الأحكام تورث “الفصام الاجتماعي”..وهو مصطلح وحالة خطيرة علينا معالجتها كل وفق مقدراته.

  • طالب حقوق في جامعة الشام الخاصّة.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]