هلوسات “الاعتدال والديمقراطية”!! ….بقلم ناظم عيد

 

ربما لن يتأخّر بنا الحال لنجد أنفسنا نحن وكل الباحثين – فعلاً– عن حل لمشكلة “تعثر” الجهود الدولية الساعية لمكافحة الإرهاب في سورية، أمام إعلان طارئ معزز بمكافآت مالية مغرية لمن يعثر على أثر لـ “معارضة معتدلة” من النوع المرشح في عرف واشنطن و”ملاحقها” في المنطقة، للتعويل عليه في مشروع مزعوم اسمه “مكافحة الإرهاب”!.

فالحديث عن وهم “الاعتدال” الذي يسوّقه اللاعبون بالنار السورية يستوجب مثل هذه المقاربات الساخرة، بل ومن شأنه أن يدفع لسلسلة طويلة من عبارات التندر ويستفز ملكات السخرية لدى حائزيها!.

ورغم أن تصريحات الناطق باسم الرئاسة الروسية عقب اجتماع “رباعية فيينا” وتأكيده أنّ روسيا لم تستطع حتى الآن العثور على “معارضة معتدلة مستعدة للانخراط في النضال ضد الإرهاب” لم تكن تصريحات تهكمية، إلّا أنها تشي بما دار من مداولات ومواقف رخوة لدرجة الميوعة، أغلب الظن أنها طفت على السطح في تعاطي ثلاثة من أصل أربعة أطراف مجتمعين، مع مسألة مكافحة الإرهاب في سورية، كملف من أعقد الملفات الحساسة التي تشغل العالم اليوم.

ولعله من المحبط أن يحوّل الأمريكي و”توابعه” كل اجتماع أو لقاء لمناقشة سبل مكافحة الإرهاب في سورية، إلى مناسبة استهداف للسيادة السورية، والقفز فوق الوقائع إلى آفاق فانتازية لا هدف منها إلا تقويض إرادة الشعب السوري، والتسويف المعلن لإطالة أمد أزمته؟!.

وبات هؤلاء يستخدمون ورقة الإرهاب بصفاقة موصوفة للضغط من أجل تنازلات ذات بعد سيادي، وفي ذلك إعلان صريح لتبنيهم السافر للجماعات الإرهابية المسلّحة وممارساتها التدميرية في سورية والمنطقة، ليبقى التساؤل ملحّاً عن أية حلول ترتجى من الحوار مع دعاة للقتل متنكرين بأثواب الساعين للسلام؟.

لقد تسلل الأمريكي والتركي والسعودي إلى اجتماعات فيينا بجواز عبور تحت عنوان مكافحة الإرهاب، لممارسة خلطٍ هائل في المفاهيم، والاستغراق في طروحات بالنيابة عن الشعب السوري، دون أن يتخلّوا عن خاصية الإفراط في تكرار مصطلح الديمقراطية.. وكان المريب أن السعودي أكثر من أمعن في ذلك رغم أن العالم على قناعة مطلقة بأن فوبيا الديمقراطية تستحكم به استحكاماً مطلقاً فكيف بتطبيقاتها إذاً؟.

على العموم لسنا متشائمين في نظرتنا إلى كل اللقاءات التشاورية لحل المسألة السورية بالطرق السياسية، بل دوماً كانت الدولة السورية سباقة إلى طرح المبادرات الخلاقة في هذا الاتجاه، ودوماً أيضاً كان التعطيل يأتي من الأطراف ذاتها التي “تلوك” الحديث عن الحل السياسي وتجتره باستخفاف مطلق، دافعة بجحافل المرتزقة لإطفاء أي بصيص أمل حقيقي.

وفي زحام مسوغات التشاؤم التي تتوالى ازدياداً في كل يوم يمر على مراوغات هؤلاء، وفصول إضاعة الوقت والسفاسف التي درجوا عليها ، لابد من التعويل على معطى واحد رشح أو نتج عن رباعية فيينا وهو الاتفاق على توسيع رقعة المشاركين لتشمل مصر وإيران، وهذا من شأنه إضفاء بعض التفاعل في الرؤى والأفكار وكسر حالة الاستحواذ والمحاولات الظاهرة لتحييد دفة النقاش باتجاهات بعيدة عن مضمار الهدف الأساس.

لكن علينا دوماً أن نعاير مساحات التفاؤل المتاحة أمامنا ونقيسها بمسطرة لم تخطئ قياساتها بالتجربة بتاتاً، تتمثل في الإجابة عن تساؤل تقليدي مزمن وهو: هل يتخيل أحد الحالمين في هذا العالم، أنه من الممكن أن تتصالح واشنطن والرياض والدوحة وأنقرة أردوغان مع أي حالة ديمقراطية في المنطقة عموماً وليس في سورية فحسب؟.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]