مليار ليرة مقدار الكهرباء “المسروقة” من بداية العام الحالي…بين الدعم الرسمي والآخر “القسري” فاتورة أرهقت وقصمت..

 

دمشق – الخبير السوري:

تؤكد بعض المعطيات والتقديرات الرسمية وغير الرسمية، أن الدعم المقدم لقطاع الكهرباء يصل لنحو 300 مليار ليرة سورية سنوياً، وتحدد قيمة هذا الدعم عوامل عدة منها سعر صرف الليرة أمام الدولار وكميات الطاقة المنتجة واستخدام القوى البشرية، في حين يبقى العامل الأهم في ذلك هو تكاليف الوقود التي تصل إلى ما بين 80-90% من تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية، فالتكلفة الحقيقة للكيلو واط الساعي تصل إلى 40 ليرة حالياً ويباع وسطياً للاستهلاك المنزلي بين 50 قرشاً و2 ليرة لأكثر من 80% من المواطنين.

أرقام وللأسف ما زال الكثير غير مدرك لأعبائها المادية والتشغيلية وما تتطلبه من كوادر بشرية مؤهلة، فقبالة هذا الإيجابي من مؤشرات الدعم والتحمل للتكاليف واستمرار المقدرة على دفع فاتورتها الباهظة، والأهم التمكّن من استمرار تغذية معظم المحافظات السورية بالطاقة الكهربائية رغم كم الاستهداف و التدمير الإرهابي للبنى التحتية و الفوقية للقطاع، قبالة هذا..هناك على الوجه النقيض مؤشرات، أقل ما يقال عنها إنها سلبية على أكثر من صعيد و في مقدمها معضلة الاستجرار غير المشروع.

صعوبة الاحتساب

فإذا كان التقنين “أبغض الحلال” لدى إدارة الكهرباء وتلجأ إليه مضطرة، نظرا لانعكاساته الفنية السلبية على المنظومة الكهربائية بمختلف مكوناتها ومراحلها، فإن “سرقة” الكهرباء هو المكروه غير المحمود لا اقتصاديا ولا مجتمعيا وأخلاقيا، كونه استنزاف ليس فقط للمال العام، بل وأيضا تخريبا للشبكة، لو أردنا – في هذا السياق – حساب ثمن الكميات المسروقة فقط من الكهرباء التي أعلنت عنها وزارة الكهرباء وبلغت منذ بداية هذا العام وحتى تاريخه نحو 84 مليون ك.و.سا هي محصلة لنحو 20500 ضبط، لكانت النتيجة 3.360 مليار ليرة على أساس سعر تكلفة الكيلوواط الواحد 40 ليرة سورية.

وقد لجأنا لحسبتنا البسيطة هذه، بعدما سألنا عن الكتلة المالية المترتبة على الاستجرار غير المشروع، وكان الجواب المبرر بعدم إمكانية حساب ذلك لكون الأمر مرتبط بالكمية المُستجرة في كل ضبط ونوعيته (منزلي، تجاري، صناعي)، والمرتبطة بدورها باختلاف التقديرات لزمن الاستجرار، وبالتالي تحديد المخالفة وإقرار نسبها ومقدارها ماليا، وهذا -كما أكد لنا المهندس مصطفى شيخاني مدير عام مؤسسة التوزيع- غير ممكن للأسباب المذكورة.

متوالية خسائر

ما نود لفت الانتباه إليه هو أن تلك الـ 3.360 مليار ليرة يمكن أن تكون مضاعفة وأكثر، ما يعني أن الوعي أمر مطلوب عند أولئك الذين لا يدركون لغاية الآن كم الخسائر التي يلحقونها بالخزينة العامة والتي هي في المحصلة خزينتهم، غير منتبهين إلى أنهم يسرقون أنفسهم، فالخسارة ليست مقتصرة على تلك المليارات فقط، وإنما يستتبعها خسارات أخرى فالسرقة ينتج عنها – وبحسب شيخاني- احتراق المحولات والكابلات نتيجة الأحمال الزائدة، والتي بدورها تؤدي إلى حدوث أعطال متعددة وانقطاع الكهرباء لمرات متتالية خارج فترات التقنين، ناهيكم عن تأثيرها المباشر على استقرار المنظومة الكهربائية ووثوقيتها، ما يعني أن سلامة الأجهزة الكهربائية المنزلية مرتبط بمدى التزام المواطن بما له وما عليه، وهذا غير موضوع فوات المنفعة المادية والزمنية والتكاليف التشغيلية والبشرية.

صدور “التنفيذية”

من أجل ذلك أكد شيخاني أن وزارة الكهرباء بذلت جهوداً كبيرة واتخذت خطوات استثنائية لمكافحة هذه الظاهرة على جميع الأصعدة (الإدارية والتشريعية والفنية)، وذلك على مدى السنوات السابقة، وخاصة منذ بداية عام 2015 حيث تم التشديد على هذه الظاهرة واتخذت العديد من الإٌجراءات وتم إصدار المرسوم 35 لمكافحة الاستجرار غير المشروع وهو ذو أهمية كبيرة لناحيتين، الأولى تشديد العقوبة الجزائية، وأيضاً زاد من قيمة الطاقة المستجرة بشكل غير مشروع، بالإضافة إلى ذلك تضمن المرسوم فقرة هامة جداً تضمن منح وزارة الكهرباء والجهات التابعة لها الصلاحية بإغلاق أية منشأة تقوم بالاستجرار غير المشروع سواء كانت (تجارية – صناعية – سياحية ) لمدة أقصاها خمسة عشر يوماً، وبالتالي سيكون هذا رادع كبير للمشتركين أصحاب المنشآت الصناعية والحرفية والسياحية للامتناع عن هذه الظاهرة، كما تم قبل أيام إصدار التعليمات التنفيذية المتعلقة بالمرسوم ويتم حالياً العمل بها والمباشرة بتطبيق هذا المرسوم وإجراءاته.

محاصرة الظاهرة

كما أشار شيخاني إلى أنه تم تكثيف حملات الضابطة العدلية بشكل يومي بعد أن تم رفدها بعناصر جديدة وذلك في مختلف مناطق المحافظات، أما على الصعيد الإداري ونظراً لأهمية هذه الظاهرة فقد قامت وزارة الكهرباء بإحداث مديرية خاصة بمكافحة الاستجرار غير المشروع، و تأمين عدادات كهربائية بمختلف الأنواع يتم توزيعها على شركات الكهرباء في جميع المحافظات وبالتالي لن يبقى مشترك بالكهرباء من دون عداد وتتميز هذه العدادات بأنها إلكترونية وتحتوي على برامج تسجل أي تلاعب يمكن أن يحدث عليها وهذا يمنع أي شخص من التلاعب بالعداد لأنه سيتم كشفه مباشرة، كما تم مؤخراً تشكيل لجان رقابية لمتابعة وتدقيق عمل المؤشرين ومدى التزامهم في تسجيل التأشيرات الدقيقة والصحيحة من خلال العدادات كونه مرتبط بموضوع الاستجرار غير المشروع وقد باشرت عملها وتقوم بحملات رقابية على هؤلاء المؤشرين ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق جميع العمال المقصرين.

كما أكد أن هناك تعاون وتنسيق دائم يتم بين وزارة الكهرباء والوزارات المعنية، حيث قامت وزارة الداخلية بإصدار تعليمات لجميع الجهات الأمنية التابعة لها في المحافظات لمؤازرة عناصر الضابطة العدلية، وبدورها وزارة العدل أصدرت التعليمات اللازمة للتشدد بموضوع ضبوط الاستجرار غير المشروع، وهناك جهود كبيرة ومشكورة تقوم بها كل من وزارتي الأوقاف لجهة الوعظ والإرشاد والإدارة المحلية.

الحملات مستمرة

شيخاني أكد أيضا أن حملات مكافحة الاستجرار غير المشروع مستمرة على مدار العام وبشكل يومي في جميع المناطق لجميع المحافظات، والهدف من هذه الحملات هو معالجة هذه الظاهرة وتوعية المواطنين لأضرارها وأثرها في زيادة ساعات تقنين الكهرباء باعتبار أن المواطن الذي يلجأ للاستجرار غير المشروع يكون استهلاكه من الكهرباء أضعاف حاجته الفعلية، وهذا يكلف الوزارة أعباء كبيرة نتيجة الأضرار التي تلحق بمكونات الشبكة الكهربائية (احتراق المحولات والكابلات ومحطات التحويل ).

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]