10 % نسبة أصحاب الحرف السورية المهاجرة..و”استغاثة” من القطاع الحرفي ..

دمشق –الخبير السوري:

يتخوف العديد من أصحاب الشركات والمصانع في الجهات الخاصة والعامة من قلة  الكوادر الفنية والإدارية واليد العاملة في سورية، وخاصة بعد اتجاه العديد من الشبان إلى جبهات المواجهة في حربنا ضد الجهل والتخلف والتي أدت إلى فقدان طاقة بشرية شابة كانت قادرة على أن تكون حاملا هاما لحركة الأعمار وإعادة تفعيل جميع مؤسسات الدولة في القطاعين، ورغم ذلك فإن لدينا فرصة كبيرة لإيجاد الكوادر البشرية المتعلمة والمتدربة السورية لزجها في عملية بناء المصانع والمعامل والمصارف وباقي المنشات، وخاصة بوضع بعض الأطروحات التي نتجت عن اجتماعات متكررة تبنتها بعض الاتحادات وغرف التجارة والصناعة والتي اتجهت نحو إقامة الدورات التدريبية لتأهيل تلك الكوادر.

هجرة الخبرات

تعرض العديد من العاملين في قطاعاتنا إلى القتل والتصفية والخطف، إضافة إلى استهداف الشريحة الأكثر فعالية كالخبراء والعلماء والمختصين ونخب المهارات الصناعية التقليدية في سورية، وهنا يوضح رئيس اتحاد الحرفيين ياسين السيد حسن، أن قطاعاتنا تعرضت إلى نقص كبير في اليد العاملة ذات الكفاءة جراء الحرب القاسية، فهناك من تعرض للخطف والقتل أو لإعاقات دائمة، بالإضافة إلى نخب من أصحاب الحرف السورية اللذين هاجرو إلى دول عربية وأجنبية حيث تصل نسبتهم إلى 10%، أما ما تبقى منهم هنا فهم بلا عمل نتيجة الأوضاع الاقتصاد القاسية من عقوبات وارتفاع الأسعار، وعدم وجود أسواق لمنتجات الصناعات التقليدية، ويؤكد حسن أن هجرة الحرفيين السوريين إلى تلك الدول التي قدمت كل التسهيلات لتستقطب اليد العاملة السورية والاستفادة من خبراتهم وحرفيتهم في الصناعات التقليدية كحرفة صياغة الذهب وصناعة الرخام والشرقيات والحلويات والأطعمة، أدت إلى نقص كبير في الخبرات المحلية، ما يحتم علينا إعادة تلك الصناعات واستقطاب أصحاب الحرف والمهن وإعادة تشغيلهم بالتوازي مع إعداد كوادر جديدة للحفاظ على استمرار تلك المهن، وصناعة جيل جديد يرث تلك الحرف والأشغال التقليدية ويعمل بها، بالإضافة إلى إعطاءهم شهادات خبرة بعد حصولهم على دورات تأهيل وتدريب في تعلم صناعة ما، أسوة بالدول الأوربية التي تُخضع الحرفيي إلى الكثير من الاختبارات للحصول على ترخيص وافتتاح ورشة تصنيع خاصة به، ووضع ضوابط دقيقة وعلمية كشرط للحصول على أي حرفة كصناعة الأحذية أو الألبسة أو غيرها من المهن.

توظيف القدرات

العديد من المهن والأعمال المقبلة في مرحلة إعادة الأعمار تحتاج إلى اليد العاملة المحترفة والمتعلمة وخاصة المتعلقة في مهن البناء كالدهان والتمديدات الكهربائية والصحية وغيرها، وبمعنى آخر فإن عملية التنمية تحتاج إلى أيادي أبناء الوطن، وفي هذا السياق يرى رئيس غرفة تجارة دمشق محمد غسان القلاع أن معظم المعامل والمصانع خسرت أكثر من نصف العاملين فيها حيث تم تشريدهم مع عائلاتهم من المناطق التي يعملون بها كعدرا العمالية وغيرها، لذلك فان إعادة الكوادر البشرية السورية تحتاج إلى رعاية خاصة من قبل الحكومة إما من جهة تقديم التسهيلات وتبسيط الإجراءات عليهم أو من حيث إعادة النظر في منح المكافئات والحوافز التشجيعية لإعادة إغناء مشاريع التنمية في المرحلة المقبلة، ويشير القلاع إلى أن ” أثمن رأس مال هو رأس المال البشري” لذلك فإن المرحلة المقبلة تحتاج منا السعي للتمسك باليد العاملة السورية ودعمها، وإعداد وتعزيز وتوظيف قدرات الفنيين والمهندسين والمشرفين المناسبين واللازمين لإعادة دورة الإنتاج والخدمات لجميع العناصر التي خسرناها خلال الأزمة من علماء وخبراء وحرفيين وصناعيين وغيرهم.

استنزاف

لعلنا نحتاج إلى الجدية والعقلانية لتعزيز المهارات البشرية السورية، والقدرة على استيعاب مخرجات التعليم من المعاهد والجامعات وحسن توظيفها والتعامل معها لتكون الأداة الفعالة في ترميم ما خسرناه من بنية المجتمع المادية والمعنوية، وتصحيح الخلل في هيكلية القوى العاملة بعد حالة الاستنزاف لفئة الشباب والخبرات المتقدمة، وإشباع حاجاتنا عن طريق الاستفادة من الموارد الاقتصادية المتاحة وحسن توظيف اليد العاملة السورية فيها، وهنا يوضح خبير اقتصادي في جامعة دمشق أنه يجب الإيمان بمهارة العقل السوري المبدع وأن نعمل بجدية لفتح الأفاق أمامه ليكون الباني الأول في إعادة الأعمار، خاصة أنه يعد من البناة الأهم داخل وخارج القطر، وله الأولوية في الحضور والتوظيف والاختبار والتدريب والـتأهيل وتأمين فرص العمل التي يستحقها، ويكشف الخبير أن جزء كبير من مسؤولية تبني وتوظيف وتفعيل الكوادر السورية هو واجب هام يقع على عاتق الحكومة والدولة والمؤسسات والوزارات التي لابد أن تعي أهمية اليد العاملة التي تحتاجها على كامل مساحة الوطن وخاصة في مرحلة البناء والأعمار القادمة.

حقائق

بعض الدراسات تشير إلى واقع استغلال اليد العاملة السورية بشكل غير صحيح وعدم استغلال الكفاءات والخبرات من الشهادات الجامعية والدراسات العلية، وتبين إحدى الدراسات انخفاض المستوى التعليمي لليد العاملة في القطاع العام الصناعي والتي تتوزع بين 63% من حملة الإعدادية وما دون، و28% من حملة الثانوية والمعاهد متوسطة، و9% فقط من حملة الشهادات الجامعية. ويشير هذا الواقع بحسب الدراسة إلى الوضع التكنولوجي المتردي للصناعة السورية واعتمادها بشكل أساسي على العمل اليدوي وبمستوى تعليمي متدن، الأمر الذي لا يحقق قيمة مضافة كبيرة من خلال مهارة اليد العاملة ومستوى تعليمها وتدريبها وتكنولوجيا الصناعات التي تعمل فيها، ما يتطلب إعطاء الأهمية المناسبة لتحسين التركيب التعليمي للعاملين فيها، وهنا لابد من الاعتراف بأن اليد العاملة السورية الماهرة والمدربة موجودة في كل محافظات القطر، ويمكن أن تلبي كل ما تحتاجه البلد من كفاءات وتحتاج إلى تبنيها من قبل الحكومة لتوظيفها وتوزيعها توزيعا عادلا.‏

ميادة حسن

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]