على أنقاض ثقافة استهلاكية بائسة..سيادة مريبة لشركات عابرة لأدبيات السوق..

الخبير السوري:

لا تزال ثقافة الاستهلاك في مجتمعنا مرتبطة بالعادات والتقاليد أو بالحاجة اليومية دون الأخذ بعين الاعتبار مدى مطابقة السلعة للمواصفة، أو على الأقل الانتباه إلى بطاقة البيان المرفقة مع السلعة لمعرفة مكوناتها وحيثياتها، ويكتفي المستهلك في أحسن الأحوال بالاطلاع على تاريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، ما يعني أن المواطن مازال لا يعي حقوقه تجاه ما يشتري ويقتني من سلع ومواد، مسنداً هذه المهمة إلى الجهات الرقابية المفترض أن تقوم بحمايته، ما أدى في نهاية المطاف إلى استغلال هذا الوضع من قبل بعض التّجار والصناعيين لزج منتجاتهم بأسعار ربما تكون منافسة لكنها للأسف على حساب الجودة والنوعية.

 

مقاطعات

البعض حمّل جمعيات حماية المستهلك مسؤولية التقصير في القيام بدورها التثقيفي تجاه المستهلك، وعدم جديتها بدعوات المقاطعة واقتصارها على مقاطعة السلع والمواد عند ارتفاع أسعارها فقط، دون تحفيز المستهلك على مراقبة الجودة والنوعية ومقاطعتها عند اختلال هذه المعادلة.

في المقابل يرى بعض المراقبين أن للعولمة دوراً كبيراً في التأثير على العادات الاستهلاكية، معتبرين أن التقليد الأعمى هو سيد الموقف في هذه الحالة، علماً أن مجتمعنا يمكن أن يخطّ لنفسه نهجاً استهلاكياً –إن صح التعبير– يتناسب مع ثقافته وتراثه، وعلى كافة الشركات الإنتاجية المحلية أن تقوم بدراسة السوق المحلية لمعرفة احتياجاتها كخطوة استباقية، لضخ المنتجات المناسبة المنافسة من جهة السعر والجودة في الوقت نفسه.

 

دراسات تطويرية

الدكتور زكوان قريط (كلية الاقتصاد جامعة دمشق) دعا إلى ضرورة ووجوب إحداث دائرة دراسات وأبحاث في كل الشركات الإنتاجية العامة والخاصة، وذلك لإعداد دراسات تطويرية لمنتجاتها وتغيير مواصفاتها من ناحية الشكل واللون بين الفينة والأخرى، بحيث تنمّي وعي المستهلك إزاء النوعية وتلبي رغباته، والمواظبة بشكل مستمر على دراسة السوق لمعرفة أذواق المستهلكين والزبائن المحتملين، وقياس أطوار السلع والمنتجات وانسيابها في السوق حسب المستهلك.

وأضاف قريط: لابد كذلك من وجود قسم خاص للإعلان في كل شركة،  والقيام بحملات دعاية ضخمة تبرز جودة المنتج بعد تطويره، ومن شأن ذلك أن يعزّز ويقوي منافسة المنتج المحلي أمام الأجنبي، ما ينعكس إيجاباً على الثقافة الاستهلاكية المحلية، مشيراً إلى سيطرة البيروقراطية والروتين على إدارات الشركات –خاصة العامة منها– والتي لا تزال تتبع سياسة الباب المغلق أمام الشكاوى والاقتراحات والأفكار التطويرية..الخ.

 

أخيراً..

الفجوة لا تزال بين المستهلك والمنتج واضحة.. ومعنى ذلك أن المستهلك سيبقى رهن واقع السوق غير المرضيّ، والذي يزداد تردِّياً مع الصور القاتمة للواقع الحالي الذي تنبئ مؤشراته عن ازدياد في معدلات الفقر والبطالة بين أوساط شريحة واسعة من الشباب، والبطالة المقنعة وغيرها من الصور التي تستدعي (عمليات جراحية) لا إبراً مخدرة، فكيف لمواد تفتقر إلى أدنى مستويات الجودة ولو بسعر زهيد أن تقود السوق إلى تحقيق الرضى الاستهلاكي والربحية المأمولة لدى البائعين الذين ببضائعهم المتواضعة لا يرتقون إلى مستوى المسؤولية عما يروّجون، بينما المسؤولية الاجتماعية تعدّ العمود الفقري لتوجه اقتصادنا الوطني.

البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]