مناطق خارجة على القانون…ملعب هواة الهروب من “الكونترول” الإجتماعي..

 

على الرغم من القوانين والإجراءات الحكومية الشديدة التي سعت للحدّ من ظاهرة السكن العشوائي، إلا أن واقع الحال يظهر عجزاً واضحاً يكتنف هذه الإجراءات!!.

ومردّ هذا العجز يعود إلى أن بوصلة هذه القوانين والإجراءات استهدفت معالجة النتائج فقط، دون الأسباب التي أدت إلى ذلك..!.

إن استمرار توسع مناطق السكن العشوائي دليل على استمرار أسباب نشوئها، كما أن الاقتصار على معالجة النتائج بإجراءات متشدّدة دون النظر للأسباب غير مجدٍ، إضافة لكونه يضع جميع قاطني هذه المناطق في خانة مخالفي القانون والمتجاوزين عليه، وبالتالي المساهمة في نشر ثقافة قبول مخالفة القانون وتجاوزه تحت ضغط ووطأة الحاجة، وقصور هذا القانون عن تلبيتها!.

وتوضح بعض البيانات أن عمر هذه الظاهرة في سورية بحدود نصف قرن أو يزيد، وبناءً عليه يمكن تقسيم الأسر في مناطق السكن العشوائي إلى عدة أجيال: يمثّل الأول الأسر الوافدة من مدن أو مناطق أخرى، ولم تجد لها مستقراً إلا في محيط المدن وأسّست هذه المناطق العشوائية.

وجيل ثانٍ يتضمن الأسر الجديدة الوافدة لهذه المناطق القائمة من مدن أخرى أو من مناطق نظامية في المدينة نفسها.

وأسر ولدت وتكوّنت داخل هذه المناطق، وهذه نقطة غاية بالأهمية، حيث تعطي مؤشراً عن بداية تحوّل هذه المناطق من سكن طارئ ومؤقت (سكن حاجة) لأسر لا ترتبط بهذه المناطق ولا تنتمي لها أساساً، وفدت وأقامت فيها وهي تمتلك خصائص المناطق والمجتمعات التي وفدت منها إلى مناطق استقرار اجتماعي لأسر ولدت وتكوّنت فيها، وتنتمي إليها بكافة خصائصها، وبدأ الموروث الثقافي والاجتماعي الخاص بكل منطقة من هذه المناطق بالتشكل من مكوّناتها المتناقضة، وغالباً ما يكون هذا الموروث الوليد صورة مشوّهة عن الموروث الثقافي والاجتماعي للمجتمعات التي وفد منها قاطنو المناطق العشوائية.

لاشك أن موضوع السكن العشوائي كان همّاً واهتماماً لدى العديد من الجهات العامة المعنية به، وكذلك عند الباحثين المهتمين، وأنجز في هذا الإطار العديد من الدراسات، ولضعف مصادر البيانات التفصيلية الخاصة بهذه المناطق سابقاً، فقد تركزت معظم الدراسات السابقة على توصيف هذه الظاهرة (عمرانياً، اجتماعياً) بشكل عام، وبتنا بالتالي على عتبة اتخاذ إجراءات فعلية تعالج أسباب نشوء هذه الظاهرة بكل تفاصيلها، عسى أن نصل إلى وصفة علاجية تمهّد لبناء عمراني لا يفتقد أدنى مواصفات السلامة والأمان على أقل تقدير.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]