الحرب على النقود والعربدة الأمريكية

 

د. حيان أحمد سلمان

تستخدم النقود لتحقيق غايات أساسية وأهمها وسيلة مبادلة ووحدة حساب ومخزن إقامة…الخ، وقد استخدمت الماشية والملح وزيت الزيتون والتبغ والمعادن مثل النحاس والحديد والفضة والذهب وغيرها، ولهذه النقود قيمة بذاتها أي يمكن استخدامها في مجالات الصناعة..الخ، ومع التطور الاقتصادي وبسبب صعوبة تجزئتها ونقلها والاحتفاظ بها، تم استخدام النقود الإبرائية بشكلها المعدني والورقي، ومع القرن العشرين كانت العملة البريطانية هي التي تستخدم بشكل أساس في السوق العالمية، ومع تزايد القوة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى تم التوسع في فرض العملة الأمريكية على الصعيد العالمي، وتوج هذا في اجتماع (بريتون وودز) في منتصف أربعينيات القرن الماضي، وظهر بموجب ذلك (الدولار الذهبي) وبموجب ذلك تعهدت أمريكا بتبديل كل دولار بذهب وعلى أساس المعادلة التالية:

كل أونصة ذهب تعادل /33/ غراماً تعادل /35/ دولاراً تقريباً، أي إن كل غرام ذهب يعادل دولاراً واحداً، ولكن مع ارتفاع التضخم في أمريكا وتراجع سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى حاولت فرنسا استبدال كمية الدولارات الموجودة لديها بذهب، وقوبل هذا الطلب بخوف وبرفض الإدارة الأمريكية، لأن هذا سيؤدي إلى تسرب كمية الذهب من بنوكها للخارج، وصدر قرار رئاسي أمريكي بتاريخ 15/8/1971 بإبطال مبدأ (الدولار الذهبي) وكانت أكبر عملية خرق نقدي يشهدها العالم، وحاليا أتلمس محاولة أمريكية وأمام أعبائها ومديونيتها الكبيرة وتزايد مشكلاتها الاقتصادية وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، فإن الإدارة الأمريكية بدأت تروج للتحول من التعامل النقدي الحالي إلى التعامل الإلكتروني أي (النقود الرقمية)، والهدف هو مصادرة الأموال العالمية، وأيد هذا التوجه كل من صندوق النقد والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية،والخطوات العملية تتحقق من خلال سحب النقود من السوق، وكدليل على ذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية عام 2016 بسحب كميات كبيرة من فئة /100/ دولار،استجابة لطلب الكثير من الاقتصاديين والسياسيين الأمريكيين من أمثال (رئيس جامعة هارفارد السابق– وصحيفة وول ستريت…الخ) وتم استبدالها بالورقة النقدية من فئة /10/ دولارات، كما قام البنك الأوروبي أيضاً في عام 2016 بإلغاء العملة الأوروبية من فئة /500/ يورو، وهذا سيضطر المتعاملين إلى التعامل الإلكتروني في تنفيذ أعمالهم الاقتصادية والتجارية والمالية، وتمت الدعوة لتسهيل فتح حساب الودائع المالية وحوسبة النظام المالي،ويتم هذا بحجج واهية ومنها (تحسين التحصيل الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي وتسهيل العمل التجاري والنقدي وعدم دعم التنظيمات الإرهابية ومنع التحويلات المالية لها ومكافحة غسيل الأموال والجريمة المنظمة…الخ)، كما بدؤوا يفكرون بتعميم مفهوم (سعر الفائدة السلبية أو الصفرية)، وهذا سيؤدي إلى سحب الأموال من السوق العالمية وتكديسها في المصارف الغربية والأمريكية، وعندها ستخرج أمريكا من مشكلة مديونيتها الكبرى وتحل أزمتها على حساب الدول الأخرى، ولكن هل ستبقى القوى الاقتصادية العالمية مثل البريكس وشنغهاي واليابان وغيرها صامتة أمام هذه العربدة الأمريكية أم إنه يجب اتخاذ خطوة معاكسة لرغبة الإدارة الأمريكية؟!.

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]