تشوّه..!!

 

لم نحسم بعدُ مسألة الالتزام بالبرامج الزمنية لما نرسمه لمشاريعنا الاستثمارية والخدمية، إذ لا تزال هذه المسألة محطّ استسهال ولا مبالاة، يرتبط جزء منها بالمقيت من الفساد، وآخر له علاقة بضبابية الرؤى التكتيكية والاستراتيجية..!.

لن نسهب في الحديث عن مشاريع بعينها، أضحت الهياكل الإسمنتية لبعضها، وحفر أساسات بعضها الآخر مشاهد مألوفة للسوريين، كحالة معبّرة عن توقف حيناً وتراجع حيناً آخر لمعدلات النمو..!.

وقبل أن يتنطّع لنا أحدهم ويعزو مردّ هذا الأمر إلى الأزمة وتداعياتها ضمن سياق التبجّح والذرائعية، سندع لشريط ذاكرتكم المجال لاستعراض شواهد المشاريع الجاثمة دون حياة -على الأقل في العاصمة- لمعرفة إلى أي عقد من الزمن يعود تاريخ إطلاق صافرة بداية إنشائها..!.

ولنا أن نتصوّر فوات المنفعة الناجم عن استثمار مجمع يلبغا مثلاً، ومنعكسات تشرذم الإدارات المركزية لوزارة النقل نتيجة عدم استكمال أعمال بناء الإدارة العامة للوزارة الكائن في منطقة نهر عيشة، ناهيكم عن فقدان الاقتصاد الوطني لنسبة من مساهمة القطاع الخاص الذي أصابه –على ما يبدو-  هذا المرض، في الناتج القومي الإجمالي نتيجة عدم استكمال عدد من المنشآت التابعة لهذا القطاع وخاصة تلك المنتشرة على طول أتواستراد نهر عيشة – صحنايا وغيرها..!.

فإذا لم يكن لدينا تصوّر كامل وشامل عمّا نخطط، فما الذي يجبرنا على الخوض في غمار تنفيذه، لنصل إلى مرحلة نعجز فيها عن الاستمرار لإتمام ما بدأناه، ونتكبّد بالنتيجة خسائر كان يمكن توظيفها في قنوات أكثر دسماً وإدراراً؟ وكأن المقصد من وراء ذلك هو الاستعراض الإعلامي ليس إلا..؟!.

وإذا ما اعتبرنا أن التمويل ليس هو العائق الفعلي لهذه المسألة، وأن السر يكمن بإشكاليات ربما لها علاقة ببنية التربة، أو بتشابكات إدارية وإجرائية بين جهات عدة، أو حتى بالاصطدام بأي طارئ يعيق إنجاز هذا المشروع أو ذاك لأسباب قد تتعلق بعدم مواءمة المشروع لنمط الحياة الاستهلاكية أو ما شابه، فتلك بالفعل مصيبة أكبر تشي إما بضحالة الدراسات الأولية لهذه المشاريع، وإما بارتكابات تمّت لتمرير صفقات مشبوهة لمصلحة بعض المستفيدين من المتنفذين..!.

فالمسألة باتت أقرب إلى العار التنموي، يفترض أن يستفزّ الحكومة لاتخاذ إجراء حاسم يبتره من جذوره، مع مكاشفة إعلامية لجميع المتورّطين، وإلا فالقادم أكثر سوداوية..!.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]