الحكومة تحدد مكامن أوجاع الزراعة…التنمية الريفية متعثرة و الخلل إداري عام بالدرجة الأولى..

 

صاغت دراسة رسمية صادرة مركز دعم القرار في الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء جملة من التحديات التي تواجه قطاع الزراعة ليس في هذه المرحلة فحسب، بل سبق وأن واجهته أيضاً في مرحلة سنوات ما قبل الأزمة، وأثرت بالنتيجة على أداء هذا القطاع ودوره في عملية التنمية المخطط لها في خطط التنمية الخمسية.

أوجاع

وقد لامست هذه الدراسة من خلال عرضها للتحديات، أوجاع قطاع طالما أنَّ ولا يزال من وطأتها، تتصدرها ضعف عملية التسويق والترويج للمنتجات الزراعية، إذ بينت الدراسة أن المزارع ما يزال الحلقة الأضعف في ظل تعدد الحلقات الوسيطة وغياب الآليات الحكومية الفاعلة التي من شأنها ضبط السوق، حيث يلاحظ محدودية نشاط القطاع العام، وكذلك الخاص في إقامة مؤسسات وشركات تسويقية متخصص، تتيح الاستفادة من القيمة المضافة للمنتجات الزراعية وتصديرها وفق المواصفات القياسية الدولية. إلى جانب المشكلات المتعلقة بالسياسات الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومة خلال الخطة الخمسية العاشرة، والتي أثرت سلباً على تنافسية القطاع الزراعي وعلى معيشة المزارعين في العديد من المناطق الزراعية، لاسيما ما يتعلق بسياسات التسعير وإعادة النظر بالدعم الزراعي ورفع أسعار الوقود وغيرها.

افتقار

وعزت الدراسة أسباب -الافتقار لإستراتيجية واضحة ومتكاملة لـ”موضوع إدارة وتنمية البادية السورية” وتأثير ذلك سلباً على تطوير البنية التحتية لها، وعلى تنظيم وإدارة المراعي للحفاظ على هذا المورد الزراعي الهام- لتعدد الجهات العامة المسؤولة عملياً عن تنظيم وإدارة تنمية المناطق الرعوية في البادية، الأمر الذي يؤدي إلى تبعثر الجهود، وضياع المسؤولية، لاسيما ما يتعلق بمنع التعديات على الأراضي والمراعي في البادية وتجنيبها أخطار التصحر. وقاربت الدراسة أسباب ضعف الاستثمار الخاص في القطاع الزراعي رغم التسهيلات التي قدمت للاستثمار بشكل عام في سورية، مبينة أن أسباب هذا الضعف تعود لارتفاع نسبة المخاطرة وطول فترة الاسترداد، ولارتفاع مستوى المنافسة الذي تواجهه المنتجات الزراعية السورية، بسبب ارتفاع تكاليفها وافتقارها للدعم المناسب، في الوقت الذي تمنح فيه العديد من دول العالم دعماً كبيراً لإنتاجها الزراعي.

وعرجت الدراسة على عملية التنمية الريفية والتي اعتبرتها متعثرة، لاعتبارات تتعلق بتدني وضع المرأة الريفية اجتماعياً، وارتفاع نسبة الأمية بين النساء، وتعدد الجهات المسؤولة عن موضوع التنمية الريفية، ما أدى إلى استمرار ضعف المشاركة الأهلية في عملية التخطيط والتنفيذ لبرامج التنمية.

تحديات أخرى

يضاف إلى ما سبق مشكلة التصحر التي تواجه مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، مما يؤدي إل انخفاض إنتاجية الأرض، أو فقدانها نهائياً، وذلك لأسباب بيئية أو بشرية، منها الجفاف وسوء التوزع المطري والرعي الجائر والاحتطاب والتملح وانجراف التربة وغيره. إلى جانب تدني مستوى التأهيل والتدريب لغالب قوة العمل العاملة في القطاع الزراعي، المترافق مع ضعف جهاز الإرشاد الزراعي لا بل وانعدام دوره في الكثير من المناطق الزراعية بسبب ضعف المستوى الفني وغياب الخطط والبرامج الإرشادية وعدم الانضباط الإداري. إلى جانب استمرار تسرب القوى العاملة من الريف إلى المدينة، لاسيما المتعلمين منهم، بسبب انخفاض دخول العاملين في القطاع الزراعي وتعاقب مواسم الجفاف، مما حرم الزراعة القوى العاملة المناسبة للعمل في هذا القطاع، حيث تراجعت القوى العاملة خلال 2000 – 2010 من حوالي 24% إلى 14%.

ومن التحديات أيضاً تشتت الحيازات الزراعية، حيث أم متوسط الحيازة الزراعية في تناقص نتيجة ازدياد عدد الحائزين الزراعيين، مما يؤثر سلباً على استخدام التقنيات الحديثة وعلى إنتاجية العمل، ويعيق استثمارها بسبب تدني عائد الاستثمار الذي لا يغطي في الكثير من الأحيان تكاليف مستلزمات إنتاجها. كما أن ضعف المكننة الزراعية أفسح المجال لتغلب الأساليب التقليدية خاصة في الأماكن ذات الكثافة السكانية المنخفضة، مما انعكس سلباً على إنتاجية العمل وعلى جودة الإنتاج واتساع الرقعة الزراعية. إلى جانب عدم وجود صندوق خاص للتأمين والضمان الاجتماعي لتعويض المزارعين عن أضرارهم بسبب الظروف الطارئة، كالكوارث والجفاف والصقيع والفيضانات والانخفاض الحاد في الأسعار،. وعدم مواكبة القوانين والتشريعات الناظمة للمتغيرات التي لحقت بالعملية الزراعية وبالواقع الاقتصادي، مثل قانون العلاقات الزراعية، والتملك والإرث، والحراج وغيرها، وعدم كفاءة تطبيق بعضها، مما أدى إلى المزيد من الهدر في الموارد والتعدي على الأراضي الزراعية.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]