“الفساد” يستهدف “الصحة” مجدداً …صفقة بمليار دولار تثير الشكوك..؟؟ توريد محاليل غسيل الكلى من تركيا رغم مقدرة شركاتنا الوطنية على تأمينه بمواصفات أعلى..!.

يبدو أن الفساد يصوب -ومنذ أشهر خلت- بوصلته نحو القطاع الصحي لاعتبارات منها موضوعية وتتعلق بحجم الدعم المقدم له والرغبة باستنزافها قدر المستطاع، ومنها ذاتية تعود إما لتراخي المؤتمنين على هذا القطاع وعدم أخذهم الحيطة والحذر من المتأبطين شراً لاقتناص ثغرات الولوج للمطارح الدسمة وتجيرها لجيوبهم بأي ثمن ووسيلة، أو أنهم بالفعل متورطين بهذه الملفات المشبوهة.!.
يبدو الاستقصاء ضروري حول صفقة لتوريد محاليل غسيل الكلى رست مناقصتها على شركة تركية عن طريق وكلائها، سيما أنها أكبر مناقصة في تاريخ وزارة الصحة حيث وصلت قيمتها إلى مليار ليرة سورية..!.
بين الصلاحية وانتهاؤها
وبحسب الكثير من الأطباء الذين حضروا مؤخراً المؤتمر السنوي لأطباء الكلى فإن الكمية المراد استيرادها تكفي وتغطي حاجة المشافي العامة لسنوات، موضحين دخول البضاعة في فترة انتهاء الصلاحية أو على الأقل اقترابها والاضطرار لإتلافها في المستقبل، بدليل أن وزارة الصحة تعمل حاليا على تزويد مشافي وزارة الدفاع والتعليم العالي بهذه المحاليل للتخلص من عبء العدد الكبير الذي قامت باستجراره، كما طرحوا تساؤلا كيف يمكن لهذه الكمية أن تنفذ مع خروج بعض مشافي الدولة عن الخدمة نتيجة الإرهاب..!.
تعويض..!.
ويؤكد مصدر مطلع في الوزارة أن الشركة الموردة تعمل وبالتنسيق مع بعض مفاصل الوزارة على تعويض الشركة لما تعرضت له من خسائر مالية نتيجة ارتفاع سعر الصرف نتيجة التأخر الزمني الحاصل بالتنفيذ والذي يتحمل مسؤوليته الوزارة، وهو الوقت الفاصل بين الإعلان عن المناقصة وإلزام الشركة بالتنفيذ الذي كان طويلا، وبحسب المصدر فإن سعر الصرف شهد ارتفاع بنحو 120 ليرة، مشيراً إلى أنه كان من الممكن تجنب ذلك إما من خلال التعاقد على كميات أقل، أو اللجوء للدول الصديقة، أو الاعتماد على ما تنتجه الشركات الوطنية سواء العامة أم الخاصة والمتمثلة في الشركة العربية الطبية “تاميكو” أو معمل “الديماس” التابع لوزارة الدفاع أو بعض من المعامل الخاصة مثل شركة أفاميا للأدوية.
لم نبلغ..!.
المسؤول عن شركة “تاميكو” في المؤسسة العامة للصناعات الكيمائية أكد أن خطوط تلك المحاليل يمكن لها أن تعمل بالوقت الراهن إضافة إلى قدرة معامل الشركة على أن تغطي من حاجة المشافي ما يصل إلى 30 وحتى 40%، لكن الشركة كانت متوقفة عن الإنتاج خلال الفترة الماضية نتيجة نقل الخطوط إلى أماكن آمنه نتيجة الإرهاب على مقر الشركة، موضحا أنه لم يصلنا من وزارة الصحة أي كتاب رسمي يبلغ عن نية الوزارة لاستحرار مواد غسيل الكلى.
ويؤكد مدير معني في معمل الديماس أيضاً أن خطوطا في المعمل تعمل على إنتاج تلك المواد الخاصة بغسيل الكلى، وأنه لم يتوقف عن الإنتاج خلال الفترات الماضية مع القدرة على تغطية تصل إلى 30% من حاجة المشافي، مشيراً إلى أن الصحة (لم تكلف خاطرها وتبلغ عن المناقصة)، لافتاً بالوقت ذاته أنه لو تم تأمين الدعم اللوجستي للمعمل لكان بإمكانه أن يؤمن احتياجات الصحة بشكل كامل من مواد غسيل الكلى دون الحاجة إلى تلك المناقصة..!.
شكوك
ما يثير الهواجس والشكوك حول هذه الصفقة هو التعميم رقم /20197/3 تاريخ 26/8/2015 الذي أصدره وزير الصحة والمتضمن منع مديريات الصحة ومشافيها من استجرار مواد غسيل الكلية إلا من الشركة التركية موضوع المناقصة، ما أثر بالنتيجة على الإنتاج الوطني بشقيه العام والخاص، مع التذكير طبعاً بقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم /6151/16/2 تاريخ 15/9/2015 القاضي بمنع استيراد المواد المصنعة أو المستوردة من تركيا.
استهداف
لعل أبرز ما يمكن قراءته من بين سطور هذه المناقصة بأن الهدف هو المشاركة بمحاربة الشركات الوطنية علماً أن هذه الشركات تعمل وتورد منذ سنوات ولم يتم سحب أي من منتجاتها الخاصة بغسيل الكلية، بل على العكس فإن أهم المشافي في وزارة الصحة استعملت منتجاتها وأعطت شهادات فنية رسمية بفعالية هذه المنتجات دون أن يكون لمنتجاتها أية مشاكل أو تداعيات، بينما تسبب المنتج التركي بتعطيل أجهزة غسيل الكلى في عدد من المشافي العامة، إذ تؤكد التقارير والوثائق التي حصلت عليها “البعث” الأعطال المستمرة لأجهزة غسيل الكلى بالمشافي العامة منها، ما بينه التقرير الصادر عن الهيئة العامة للمشفى الوطني بحماه بخروج 33 جهاز لغسيل الكلى (17 جهازا من نوع غامبرو، و6 أجهزة من نوع فريزينوس، و10 أجهزة من نوع هوسبال) وذلك نتيجة الترسبات التي تحصل داخل دارة الجهاز بسبب “البيكربونات” الناتجة عن محاليل غسيل الكلى (المنتج التركي)، فيما يأتي تبرير وزارة الصحة لخروج بعض الأجهزة عن الخدمة لأسباب تتعلق بانقطاع التيار الكهربائي ومحطات تحلية المياه التي بحاجة إلى صيانة.
مخالفات فنية
مدير عام شركة آفاميا للأدوية الصيدلاني عبد الرزاق الزعيم بين أن المناقصة تحتوي على جملة مخالفات فنية تتمثل بنوعية البيكربونات المقدمة لأجهزة فريرنيوس 5008 (علماً أن عدد أجهزة فريزينيوس 5008 التي لم يتم تأمين البيكربونات لها هو 220 جهاز من أصل 600 جهاز تمتلكها الوزارة أي ثلث أجهزة الوزارة) حيث تم تسليم بيكربونات خاصة بأجهزة فيريزينيوس 4008 عوضاً عنها، حيث يعمد الممرضين إلى فتح هذه الأكياس وحلها دون شروط صحية من حيث النظافة والتعقيم، هذا عدا عن الأعطال التي تصيب هذه الأجهزة من جراء استعمال هذا النوع من البيكرونات حيث خرج عدد كبير من الأجهزة من الخدمة، مشيراً إلى أن تكاليف إعادتها للخدمة يحتاج إلى ملايين الليرات السورية وبهذه الطريقة تكون الوزارة قد استنزفت الاقتصاد الوطني مرتين، مرة لصالح تركيا ومرة بإصلاح الأجهزة، علماً أن الوزارة تدعى الحرص على أموال الدولة بانجازها هذه المناقصة على حساب “مورّد ناكل” حيث ستدفع أموال طائلة لإصلاح الأجهزة، مع الإشارة إلى أن نفس المورّد للأجهزة قام بإعطاء الوزارة كتابا يسمح لها باستعمال البيكربونات التي يتم حلها يدويا لأنه يعلم بأنه سيعود لإصلاحها وقبض تعويض الصيانة، وإن نفس هذا المورّد رفض إدخال صنف وطني إثناء الأزمة لتشغيل الأجهزة التي يملك وكالتها بحجة أنها ستؤدي لأعطال في هذه الأجهزة وهنا يظهر حجم التواطؤ في إهدار المال العام ومحاربة الصناعة الوطنية.
كما أوضح الزعيم لـ”البعث” أن مادة البيكربونات الموردة لأجهزة “فريزينيوس وغامبرو” ستنتهي فعاليتها بتاريخ 2/2016 وهذه مخالفة واضحة وصريحة حيث أن مناقصات القطاع العام تشترط فترة صلاحية لا تقل عن ثلثي مدة المناقصة كما أن المخالفة بـ 15٪ من كمية المناقصة يتيح للجهة المعنية فسخ العقد.
موضحا أن محلول غسيل الكلية المصنع في الشركة التركية يؤدي لأعطال في الأجهزة وتقوم الوزارة بالتعتيم على الموضوع وإلقاء المسؤولية على وحدات تحلية المياه أو انقطاع التيار الكهربائي، وهذه حجج واهية إذ أن مشاكل وحدات التحلية وانقطاع التيار الكهربائي موجودة قبل استجرار المواد التركية، لافتا إلى أن المعنيين في الوزارة يسعون إلى تسمية أجهزة فريزينيوس 5008 باسم فريزينيوس S4008 بهدف التعتيم على مخالفة أخرى لذلك قد ينكر البعض وجود أجهزة فريزينوس 5008
ممنوع الاقتراب
وفي محاولة للوقوف على صحة ما ورد من معلومات والسعي للقاء وزير الصحة أكثر من مرة، لكن للأسف باءت محاولاتنا بالفشل كما المرات السابقة بحجة ضغط العمل، ما دفعنا لوضع جملة من الأسئلة في المكتب الصحفي استمرت في التداول لأكثر من 40 يوما، لتأتي الأجوبة مقتضبة ومختصرة وغير مقنعة، وسنختم بسردها كما هي دون صياغة صحفية:
“إن الأسباب الموجبة لفض المناقصة بمستلزمات جلسات الكلية الصناعية وتوابعها جاء وفقاً لنظام العقود الصادر بالقانون رقم 51 لعام 2004 والذي يتم بموجبه تأمين احتياجات الجهات العامة وفقاً للبنود التي حددتها المادة رقم /2/ من القانون المذكور، وفيما يخص جلسات غسيل الكلية الصناعية والمستلزمات الملحقة بها يتم من خلال تجميع احتياجات كلاً من الإدارة المركزية إضافة إلى احتياجات مديريات الصحة في المحافظات والمشافي التابعة لها والهيئات العامة المستقلة ليتم الإعلان عنها وفق الأنظمة والقوانين النافذة.
ويمكن للشركات الوطنية المصنعة الدخول بالمنافسة إذا توفرت لديها القدرة والإمكانيات وخاصة الفنية من خلال تقديم عروضها للاشتراك بالمناقصات واستدراجات العروض التي تجريها الوزارة، وإن جميع الشركات التي سبق وأن تقدمت بعروضها للاشتراك بالمناقصات هي شركات وطنية ومسجلة أصولاً لدى وزارة الاقتصاد ولديها سجل تجاري وحاصلة على شهادة تسجيل منتج في وزارة الصحة.
وقدرت الحاجة التقديرية لمرضى الكلية الصناعية للمحافظات خلال عام 2013 بـ 482000 جلسة وقد تم تأمينها عن طريق الخط الائتماني الإيراني، وتم تأمين المحاليل من خلال طلب عروض من شركات محلية”.
الخبير السوري – البعث – محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]