تساؤلات حسابات سوق وصندوق جدلية الزراعة والغذاء بين وزارتين…هل تطعمنا الخطط على الورق خبزاً..؟؟

لم يعُد بالإمكان تجاهل أهمية الأمن الغذائي الذي بدأ خطره يمتدّ بامتداد الحروب على بقع جغرافية كبيرة من البلدان العربية، ما يدفعنا إلى توجيه أنظارنا باتجاه مواردنا الزراعية ودراسة واقع مواسمنا الزراعية وحقولنا والبحث عن حلول لمشكلات قديمة استمرّت إلى الآن على حالها، من هنا فإن عدم الاكتراث بمحاصيلنا من حيث الجودة والنوعية والكمية ينعكس سلباً على المستهلك والمصدّر لهذه المنتجات، يبدو هذا جلياً في واقع السوق الذي يعبّر بوضوح عن فوضى العملية التسويقية وعدم تنظيمها الذي أدّى إلى التهريب غير الشرعي لمعظم منتجاتنا وانعكاس ذلك على أسعارها في السوق الداخلية، أما إهمال بعض المحاصيل وعدم القدرة على تسويقها والترويج لها فقد أدّى إلى تلفها، وبالتالي خسارتها كمورد مالي مهم للمزارع وسلعة يمكن أن تلبّي حاجة السوق.
تهريب
حساسية المنتج الزراعي خلال عملية تصديره متعلقة بآلية تسويقه وحفظه وتغليفه وخاصة المنتجات الموسمية التي تتميز بدورة حياتها القصيرة كالحمضيات والتفاح والبندورة التي تبدو خسائرنا فيها كبيرة، يعكسه من جهة غلاء أسعار معظمها في أسواقنا المحلية، واللجوء إلى تهريبها من جهة أخرى إلى البلدان المجاورة.
تقارير
لم تغِب عن عيون وزارتي الزراعة والصناعة تلك المشكلات المتعلقة بآليات التسويق الداخلية والخارجية، وأهمية النظر إلى مواردنا الزراعية لدعم الواقع الاقتصادي على مستوى الفرد والمجتمع، الذي تم تأكيده في وضع الخطة التسويقية لعام 2016، حيث بيّن مدير التسويق الزراعي مهند الأصفر أهمية التركيز على الدور الأساسي لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في تأمين المنتج الآمن بشقيه (النباتي والحيواني) عن طريق تقديم كل الإجراءات والاستشارات الفنية المطلوبة، بدءاً من الحراثة وصولاً إلى الجني والقطاف، والتنسيق مع الجهات المعنية في عملية التسويق، مضيفاً: إن مديرية التسويق الزراعي عملت على تسليط الضوء على أهمية التواصل وإعداد التقارير الشهرية والربعية المطلوبة فيما يخص تسويق المنتجات الزراعية، بالإضافة إلى المساهمة في إعداد بعض الدراسات التي تتعلق بأهم المنتجات الزراعية لهذا العام (التفاح، والثوم)، والإشارة من خلال خطة 2016 إلى إيلاء الهوامش التسويقية التي ينبغي أن يحققها الفلاح، والعمل معه على أنه شريك أساسي لوزارة الزراعة بعملها والبوصلة التي يجب الاعتماد عليها في تحقيق نجاح العمل التسويقي.
معلومة
ولأن للمعلومة أثرها الكبير في إدارة مشروع التطوير الزراعي، لابد من اعتماد الدراسات لتطوير سلسلة القيمة للمحاصيل والمراحل المبكرة من العملية الزراعية ونشر الوعي بين الفلاحين فيما يخص اختيار البذار والأصناف والعمليات الزراعية بأكملها إلى أن يصل إلى مرحلة النضج والقطاف لزيادة فرص التسويق للمنتج داخلياً وخارجياً، ويرى رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو أن هناك ضرورات ملحّة تتعلق برفع جودة المنتج الزراعي وتخفيض نسبة التلف لزيادة قدرة المنتج على النفاذ إلى الأسواق الخارجية، ومعالجة السلسلة التسويقية وإزالة كل ما يؤثر سلباً في عملية التسويق الزراعي وإقامة الدورات والندوات وورشات العمل المتخصصة في مجال التصنيع الزراعي والصناعات الغذائية لدعم عمل الفلاح، وتطوير نوعية المنتجات لزيادة دخله، ورفع مستوى الفرز والتغليف والنقل.
جودة
أما رفع مستوى الجودة للمنتج الزراعي فيتعلق بالتنسيق والتعاون مع هيئة المواصفات والمقاييس العربية السورية التابعة لوزارة الصناعة، ويؤكد كشتو أنه لابد من الإعداد لتحديد المواصفات التي تساهم في خلق التنافس ودخول الأسواق العالمية واعتماد المواصفات القياسية للمنتجات الزراعية والغذائية، والتدقيق في مشاريع المواصفات واعتمادها.
شركاء
لا تتوقّف خطوات رفع مستوى الإنتاج الزراعي وتسويقه على الفلاح بل تتعلق أيضاً برفع حرفية المصدّرين والمستوردين والمنتجين، لذلك وحسبما يراه الأصفر في هذا الجانب أن الخطة لم تغفل هذا الجانب لذلك سيتم العمل على إعداد الجانب الرقمي والمعلوماتي في الدراسات التسويقية واقتراح ما يمكن تصديره وما يمكن منعه لبعض المنتجات الزراعية، مع تزويد المصدّرين والمنتجين بسجلات خاصة بأسعار المنتج (الصادر والوارد)، وإصدار تقارير نمطية دورية للتبادل التجاري للمنتجات الزراعية من المصادر الرسمية لدراسة تطوير التبادل والميزان التجاري العام والزراعي لسورية مع كل دول العالم.
مرونة
لابد في إطار العمل بآلية جديدة وخطوات دقيقة أن تظهر في عملية تطبيق المقترحات والخطة الجديدة بعض العقبات والصعوبات، إلا أن كشتو يستمدّ تفاؤله رغم صعوبة الظروف، من تكامل هذه الخطوات ومرونة البنود الموجودة في الخطة، معتبراً أن هناك نسباً لنجاح عملية التسويق.
أخيراً
يبدو من المريب عدم الاكتراث بأهمية الجانب الاقتصادي لعملية التنمية الزراعية والتسويقية وإيراداتها المهمّة لخزانة الدولة، أو لتأمين احتياجات السوق وتوفير القطع الأجنبي، وخاصة أننا من البلدان المتميزة بخصوبة الأرض وتنوع المحاصيل، إلا أننا في انتظار تطبيق الأفكار الجديدة التي طرحتها وزارتا الزراعة والصناعة لهذا العام، وجدية التعامل مع مصطلح الشريك (الفلاح) وتلبية جميع احتياجاته والعمل على نشر ثقافة جودة المنتج.
الخبير السوري – ميادة حسن

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]