هنا نتحاور وليس هناك…بقلم:ناظم عيد

لم يعد جنيف3 يعني أكثر من التزام أملته تفاهمات سابقة خارج “الدائرة السورية”، ولعل التعلّق بمجرد موعد الانعقاد بعيداً عن أي اعتبار آخر، لا سيما النتائج المفترضة، يؤكد أن المناسبة باتت مرسّخة لحفظ ماء وجه الأمم المتحدة المهدّدة بإحراج جديد إزاء الملف السوري، وقد يكون في اعتراف دي مستورا وشكواه من العرقلة السعودية لمهمّته تأكيد لحالة الإحباط التي تعتري “المنظمة الدولية”.
والواقع أن ما آلت إليه “أحوال جنيف3” من محاولات زجّ الإرهاب على الطاولات بين الأطراف المعنية بالحوار، يشبه الكوميديا السوداء، بل هي بحد ذاتها، فقد بات من المؤكد أن المطلوب ليس حواراً سورياً-سورياً، بل سوري- سعودي، أو مع داعمين آخرين للإرهاب بأخطر أشكاله وتنظيماته..!!
فقد تابعنا على مرّ الأيام السابقة حراكاً مُريباً رشح عنه ما ينعي أية أوهام أملٍ اعترت من اعتادوا قراءة المشهد بشكلياته، وتسرّعوا بتخيّل صور السلام في سورية على خلفيات تصريحات الأميركي، باعتباره القابض على “لجام” الفاعلين والمؤثرين في تحريك نار الحرب الإرهابية القذرة على سورية.
وأغلب الظن أن “المحفل” المنتظر، تحوّل وفق المقدّمات التي جرت، إلى مطرحٍ مفخّخٍ يجري تحضيره لتوقيع كل السوريين – دولة ومعارضة– على محضر إذعانٍ خطيرٍ يوطّن ويُمأسس الإرهاب والفكر الهدّام في حنايا دولة علمانية متحضّرة، وهذا ما بات يقيناً وليس شكاً، لا يحتاج إلى قرائن إثبات أكثر مما جرى الإعداد له في “مضارب” آل سعود، وما توحي به تصريحات الأميركي جو بايدن، الذي اختار تركيا –وثمّة إشارة هنا في هذا المكان، لا بدّ من التقاطها بغض النظر عن التوضيحات المخاتلة اللاحقة من إدارته- للتلويح بخيارات عسكرية بديلة لـ “الحل السياسي” المطروح من قبلهم باتجاه واحد وفق السيناريو الذي أعدّوه للاعتماد في جنيف!؟.
إن أبسط الاحتمالات التي يمكن استنتاجها من سياسة الشدّ والرخي، التي يتعاطى بها الأميركي – في تصريحاته وليس في أفعاله– مع الإرهاب على سورية، هو أن الإدارة الحالية التي تحزم حقائبها للرحيل، تعتمد خيار التسويف واللعب في الوقت الضائع، لترحيل الملفات إلى عاتق من سيلي أوباما، المكبّل بالمسارات المسدودة التي سلكها في سياساته على مرّ ثماني سنوات من ولايته.
وهذا يعني أن الصراع مع الإرهاب مفتوح في بعده الزمني، خصوصاً وأن الأخير مُبرمج على معادلة “إما قاتل أو مقتول”، بل وسيكون أشدّ خطراً بعد جولات جنيف سواء حصلت أم لم تحصل، لأن ثمّة سعاراً سيشتعل في دواخل داعميه، الذين ارتبط بقاء كياناتهم باستمرار بقاء عصاباتهم في سورية، وهذا سيرتّب الدفع بالمزيد من القتلة نحو المضمار السوري.
ونعتقد أن المعارضة السورية وصلت الآن إلى قناعة بأنها شريكة في الاستهداف، وأن عليها حمل السلاح للدفاع عن سورية، وبعدها يكون الحوار السوري-السوري الحقيقي هنا في دمشق وليس في أي مكانٍ آخر.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]