“التجار الحكوميون” في جهاتنا العامة.. حل للنفاد من العقبات والعقوبات.. ضرب التهريب مهمة حكومية خاصة..!؟

هل من أحد سواء كان مسؤولا أم معنيا، سواء كانت المهمة في ذلك تقع على جهة أم جهات أم على أفراد..، فكر وبشكل استشرافي ومرحلي، كيف يمكننا ضرب التهريب حتى ولو من باب المحاولة للحد منه ومن أثاره الاقتصادية..؟
نسأل.. وبشكل أخر: هل حاول أحدا أن يتعب نفسه بإيجاد آلية مرنة نستطيع من خلالها أن نعتمد “التهريب الإيجابي”، تكون كفيلة بقطع الطريق على السلع المهربة التي تغزو أسواقنا، ليس تلك التي خارج سيطرة الدولة ومظلة الحماية الحكومية..؟.
آلية لن نطلب ارتكاب “المحرَّم” فيها، ردا على كل ما يستباح من المحرم بحق المواطن السوري، رغم أن “المحرَّم” معذورون عليه في ظل هكذا استوحاش وتكالب لتدمير الاقتصاد السوري في كل تفصيل من جزئياته، رغم أن الفروسية الاقتصادية بشكل عام لا مكانة لها في عالم المال والمصالح، لكن نطالب بأن تكون هناك آلية ما مشفوعة ومدعومة ببنية تشريعية وقانونية، تتناسب مع مفرزات الحرب علينا، والتي لم تترك محرما إلاّ انتهكته.
لا شك أن تساؤلنا صعب، والأصعب أن نجد من يتعب لأجل أن تتحقق المعادلة السهلة الممتنعة، لأنه حين يستحكم (التريع) بنمط تفكيرنا الاقتصادي، يغدو الخروج من شرنقة التقليدي في العمل الاقتصادي أمرا مستحيلا في الديناميكية التي تتصف بها العمليات الاقتصادية والتجارية.
موجود غير مولود ولكن..
مع إقرارنا بالصعوبة المصطنعة لا الحقيقية، لعل ما نطلبه هو بخانة المستطاع عليه، لكنه ليس بهذا الوضوح ولم يتم الانطلاق منه كما انطلقنا منه في طرحنا، وليس مستندا للأسباب والضرورات التي تبيح المحظورات التي بيّناها أنفا.
وهنا يمكننا التدليل على الموجود غير المولود، الموجود وعلى سبيل المثال لا الحصر، يتمثل بمؤسسة تجارتنا الخارجية، التي كان لها صولة وجولة فقدت الكثير منهما خلال السنوات الخمس من عمر الأزمة القاسية، نتيجة العقوبات الاقتصادية والحصار، لكن هذه المؤسسة ذات الأذرع الطويلة سلَّمت بالواقع ولم تحاول ترميم ما قصر جدا ولا نقول قطع، عبر إحداث التغيير الذي تقتضيه وتفرضه المرحلة، بالعمل على محاولة ” التحايل” المشروع في ظل الممنوع عليها، أي أن يكون لديها تجارها (تجار حكوميين)، يعملون وفق نظام واشتراطات يتفق عليهما حكوميا، تتناسب ومتطلبات النفاد من العقوبات، خاصة وأننا نمتلك في جهاتنا الحكومية مثل أولئك الكفاءات القادرة على لعب دور التجار في القطاع الخاص غير المُربَّطين لا بعقبوبات ولا هم يحزنون، ولديها بحكم سنوات خدماتها الطويلة وعلاقاتها الخارجية التي راكموها من الإيفادات والسفرات الخارجية، وغير ذلك من ميزات، ما يمكنها من تحقيق ما نأمل الأخذ به.
أما المولود والذي هو موجود فيتمثل مثلا بمؤسسة “عمران”، التي وكما علمت “البعث” لا تزال تحاول التغيير في مهامها عبر التعديل على مرسوم إحداثها، لناحية السماح لها للعب دور تجاري مباشر من خلال دخولها للقيام بعمليات الاستيراد من الخارج، محاولات وكلما رفعت للحكومة للبت فيها ترجع لوجود بعض “الملاحظات”..، أمر برأينا وبرأي المتابع لهذا الملف يثير التراخي والتمهل والاستمهال والمطمطة فيه ، ما يتعدَّ غير المفهوم منه و”لا الضالين “عنه.. !؟.
لكننا كلما حاولنا أن نفهم، نجد أنفسنا مرغمين أن نسأل: لماذا لا تعطى “عمران ” هذه الصلاحية القادر أصحاب فكرتها على تذليل العديد من العقبات وتجاوز العقوبات، والتي من شأن هكذا صلاحية قطع الطريق على التهريب الذي استفحل، والمهربين الذين باتوا بين ظهراني أسواقنا المسيطر عليها..!؟ وهي حقيقة أكدها مدير العام للجمارك أعلنها أمس بتصريحه عن وجود كميات كبيرة من البضائع المهربة في الأسواق المحلية..!؟.
باستطاعتها إذا..
أما ما نود التوقف عنده فهو تصريح معالي رئيس الوزراء خلال مؤتمر الاتحاد العام للعمال مؤخرا، الذي وضح فيه مسألة المناقصات التي تجري لعمليات التوريد لمختلف البضائع ومستلزمات حياة الناس وكذلك حاجات مرافق الدولة، إذ بين أن عدد التجار الذين يؤمنون احتياجات القطر لا يزيد عددهم عن 25 تاجراً والشريحة الأكبر من التجار في البلاد يقومون بدور وطني.
إذا الحكومة ولأنها لا تستطيع توفير احتياجات البلاد بشكل مباشر بسبب العقوبات المجرمة والحصار المفروض عليها تلجأ لذلك العدد من التجار، كما أنها ولتحقيق العدالة في إتاحة الفرص تعمل على تجزئة العقود وإجازات الاستيراد حتى يحصل جميع التجار على العطاءات ولا تكون محصورة بعدد قليل منهم.
بدورنا نتلقف فرصتنا مما تفضل به رئيس الحكومة لنطالب بإعطاء الفرصة للذي تقدمنا به، وما فيه من جديد يتعدى ما كان طرح من سنوات طويلة وهو إعطاء بعض القطاع العام ممن يبدي مقدرته على استثمار واقتناص الفرص التي تولدها الأزمات، ليثبت كفأته التجارية في استيراد ما تحتاجه السوق المحلية “المحمية” التي تئن من التهريب والتهرب وكمهما وكلفهما المدمران لاقتصادنا الوطني وأمام أعيينا.
أما وأن لفت معاليه إلى أن هناك مخاطر قد يواجهها التجار في توريد المستلزمات..، نتيجة القرصنة التي تتعرض لها السفن والأجور الكبيرة لعمليات النقل، فليسمح لنا بما فهمناه من مرمى كلامه وهو أن الجهات الحكومية لا يمكن أن تقوم بما يقوم به التجار لأن دونه مخاطر وبالتالي خسائر، علما أننا لم نسمع حتى تاريخه عن تاجر تعرض لما تم ذكره!؟.
كما هل يُراد أن يفهم أن الحكومة مسلمة بالأمر الواقع ولا حول ولا قوة لها في هذا الملف و أن هذا أقصى ما تستطيعه في وقت أن هناك يغمز بعكس ذلك…!؟
أبعد من التهريب..
ختاما يتبقى أن القول: إن عمليات التهريب تؤدي إلى خلق طبقات مستفيدة من اللاعبين الكبار (مافيا التهريب) الذين يتسببون في التأثير سلبا على البيئة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية فالذين يمارسونها ويجنون من ورائها الأموال الطائلة ويقومون بغسيل هذه الأموال لإدخالها في الدورة الاقتصادية دون الاهتمام بالجدوى الاقتصادية لاستثمارها، إنما يكون هدفهم توظيف هذه الأموال وإعادة تدويرها بما يعارض القوانين والقواعد الاقتصادية ولو على حساب التنظيم الاقتصادي للمجتمع ككل وبما يحقق منافع فئات ضالة في المجتمع.
إن استشراء التهريب يؤدي إلى التأثير السلبي على مصداقية السياسة الاقتصادية ويقوض ثقة المنظمات الاقتصادية والمالية باقتصاد البلد كما وتبقى محاولات الإصلاح الاقتصادي عقيمة بسبب ضعف الاقتصاد الوطني وإحجام المنظمات الدولية الاقتصادية والمالية عن تقديم الدعم الكافي له.
كما ويؤدي التهريب إلى زيادة معدلات التضخم عن وضعها الحالي بسبب زيادة معدلات الطلب مما يقود إلى ارتفاع معدلات أسعار المنتجات و السلع الاستهلاكية (السلة الاستهلاكية)، و حتى الخدمية، وهكذا تزداد وتقل الأسعار عموما وتقل بذلك القدرة الشرائية للوحدة النقدية رغم محاولات السلطات لوضع سياسة نقدية مستقرة وخفض معدلات التضخم ويسهم ذلك كله في إيجاد بيئة اقتصادية مصابه بالتشوه وطاردة للاستثمارات الأجنبية تستنزف أية معالجات إصلاحية و تفاقم تكاليفها.
وأخيرا أعذرونا..على ما تم تهريبه في هذه المادة..فقصدنا وقصدكم شريف، أما النية فـأكشاك وبسطات الدخان المهرب..على عينك يا تاجر !؟.
الخبير السوري – البعث – قسيم دحدل

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]