“الدبلوماسية الشعبية”..  أداة حيوية لتعزيز صورة سورية الدولية..مشاركة واستثمار نحو أفق أكثر إشراقاً

الخبير السوري:

في عصر العولمة والترابط البيني العالمي، برزت أهمية الدبلوماسية الشعبية كأداة رئيسية للدول التي تسعى لتشكيل ورسم صورتها الدولية، باستعمال مجموعة من الأنشطة المصممة للتأثير على الرأي العام وبناء العلاقات مع الجماهير الأجنبية والتشاركية والتشبيك مع مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك وسائل الإعلام الدولية والمنظمات غير الحكومية والشعوب الأجنبية، لبناء وتعزيز تصور إيجابي لقيم الدولة وثقافتها وسياساتها، لتكون هذه الأنشطة أداة فعالة لتبديد المفاهيم الخاطئة ومواجهة الروايات السلبية الكاذبة وتعزيز التفاهم والتعاون مع المجتمع الدولي.

وسورية التي تشق طريقها اليوم على طريق إعادة البناء وإعادة مكانتها التي تستحقها على المسرح العالمي، تحتاج إلى تسخير قوة الدبلوماسية الشعبية لتعزيز الدبلوماسية الرسمية الناشطة اليوم على كل الجبهات، حيث أن التحريف الغربي الواسع النطاق لمجريات الأحداث على الساحة السورية والإمعان في الكذب والضخ الإعلامي الكبير لتسويق الادعاءات التي تبرر من وجهة نظرهم الاحتلال والحصار الخانق الذي تتعرض له سورية، يؤدي إلى بناء تصورات غير حقيقية لا تعترف بعراقة الحضارة السورية وثراء التاريخ السوري وثقافة شعبها الصامد، وهنا يمكن أن تساعد جهود الدبلوماسية الشعبية في مواجهة مثل هذه التشوهات من خلال عرض الموروث الحضاري السوري وفنونها وآدابها النابضة بالحياة وإسهامات شعبها في الحضارة العالمية.

علاوة على ذلك ، يمكن للدبلوماسية الشعبية أن تساعد في إعادة بناء الثقة واظهار الصورة الحقيقية لسورية كعضو مسؤول ونشط في المجتمع الدولي، من خلال المشاركة الفعالة في المنتديات الدبلوماسية والمؤتمرات الدولية والتبادلات الثقافية التي تتم في اطار الدبلوماسية الشعبية، فهي فرصة لنا لنظهر حقيقتنا كدولة ملتزمة بالحوار والتعاون والاستقرار الإقليمي، واظهار جهودنا الحثيثة لاستعادة البنى التحتية، وتعزيز التنمية الاقتصادية ، وسعينا للارتقاء بالمستوى المعيشي  لمواطنينا، الذي ينطلق من التزامنا بالتقدم والسعي لمستقبل أفضل، وذلك طريق فتح قنوات للسوريين لمشاركة قصصهم وتطلعاتهم وأحلامهم مع المجتمع العالمي، فمن خلال تمكين الأفراد والمنظمات الشبابية من الانخراط مع الجماهير الدولية، يمكن لسورية إضفاء الطابع الإنساني على قصتها ، وتعزيز التعاطف والتضامن والدعم الذي تستحقه، فهذا النهج الشعبي يمكننا من إعادة تشكيل التصورات وتعزيز الفهم الدولي للتحديات التي تواجه وطننا ، وفي نهاية المطاف تمكننا من حشد الدعم الدولي لدعم مسارنا نحو الاستقرار والسلام.

كما يمكن للدبلوماسية الشعبية أن تلعب دوراً هاماً في جذب الاستثمار الأجنبي وإعادة بناء الاقتصاد السوري، من خلال تسليط الضوء على فرص الاستثمار، وضمانات الاستثمار، وإبراز إمكانات رأس المال البشري، وتشجيع السياحة، والترويج لما تقوم به الدولة السورية من خطوات لإيجاد بيئة مواتية للنمو الاقتصادي، فإن الصورة الإيجابية التي تشكلها مبادرات الدبلوماسية الشعبية ستسهم في القضاء على المخاوف وتشجيع الشركات الدولية على استكشاف الشراكات وآفاق الاستثمار، مما يؤدي إلى خلق فرص العمل والاسهام في التقدم التكنولوجي وتعزيز الرخاء للسوريين، حيث أن مهمة إعادة إعمار سورية تحتاج حشد كل الطاقات والكفاءات، والدبلوماسية الشعبية هي الأداة القوية لبناء التصورات الدولية حول سورية وتنمية العلاقات مع الشعوب والشركات والفعاليات العالمية، فمن خلال تسخير هذه الأداة واستعمالها ، يمكن لسورية التغلب على التحريف والتزوير الممنهج، والحصول على الدعم لجهود إعادة الإعمار، وجذب الاستثمار الأجنبي، وإعادة الاندماج في المجتمع الدولي بإظهار حقيقتها كجهة فاعلة محترمة ومؤثرة.

بينما تتخذ سورية خطوات نحو مستقبل أكثر إشراقاً ، علينا أن ندرك الدور الحيوي الذي تلعبه الدبلوماسية الشعبية في تحريك عجلة البناء والازدهار وتسويق أفكارنا ورؤيتنا عالمياً، من خلال تبني هذا النهج مع التخطيط الاستراتيجي لاستعماله على الشكل الأمثل، يمكن لوطننا أن يشق طريقه نحو مستقبل مزدهر، حيث يشكل تاريخنا الغني وثقافة شعبنا النابض بالحياة على الرغم من ملحمته التاريخية منارة إلهام للعالم.

‎المحامي قيس الكفري

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]