المسؤول الناجح

من يعرف واقع الحال في الحسكة ويعيشه يدرك أن هذا الواقع يبدو مركباً وأكثر تعقيداً من غيره في محافظات أخرى لعدة أسباب يأتي في مقدمتها الاحتلالين الأميركي والتركي والآثار المترتبة نتيجة الممارسات المتعمدة لقطع كل شرايين الحياة عن سكان المنطقة ومنع وصول الاحتياجات الأساسية لمعيشة المواطنين. وبالتالي لا يمكن هنا التقليل من صعوبات إيصال هذه الاحتياجات لا سيما أن قوات الاحتلال ومرتزقته يسيطرون على أجزاء كبيرة من المناطق والطرق المؤدية إليها. إلا أنه في الوقت نفسه كان ومازال ثمة حقيقة بأن هناك ما هو ممكن ويحتاج إلى جهود ومبادرات وإلى روح المسؤولية للتغلب على هذه الصعاب، وقد أشرنا في مرة سابقة أيار الماضي إلى مبادرة من فرع السورية للتجارة وكيف استطاع أن يعزز ثقة الناس بمؤسسات القطاع العام من خلال التدخل الإيجابي والتخفيف من ثقل الأعباء المترتبة على المواطن نتيجة ارتفاع الأسعار ولاسيما المواد الأساسية من المواد الغذائية.

اليوم أيضاً ثمة ارتياح كبير من المواطنين بعد وصول كميات من المواد الغذائية إلى الحسكة وتزويد صالات ومنافذ البيع العائدة للسورية للتجارة بمئات الأطنان من السكر والخميرة والمنظفات والمواد الغذائية المختلفة والقرطاسية واللوازم المدرسية وكل ما تحتاجه المحافظة من مواد وكانت تفتقده بسبب (شماعة الظروف الصعبة) لا بل أكثر وأبعد من ذلك فقد وصلت مثلاً كمية ٥٠ ألف طن من الخميرة للمخابز في حين كان يتم شراؤها من تجار وسماسرة وبأسعار خيالية ونوعيات رديئة.

ووصلت أيضاً كمية ٤٠٠ طن من السكر كدفعة أولى وأصبحت تباع في صالات السورية للتجارة إضافة إلى مواد كثيرة.

هذا الارتياح يقابله سؤال: كيف وصلت هذه المواد..؟ ولماذا لم يكن متاحاً لها أن تصل سابقاً ؟ وهل تغيرت الظروف وزالت العوائق ؟.

الحقيقة لم يتبدل أي شي في الظروف التي جرت العادة أن تكون هي الشماعة لأي تقصير أو ضعف في الأداء، الأمر ببساطة يتعلق بالأداء وروح المبادرة وهاجس المسؤول وتفكيره واهتمامه وقدرته على التغلب على الصعاب، ولذلك عندما نريد أن نحصي أصناف المسؤولين سيكون من بينهم الذي يهتم بالمظاهر ووجاهة المنصب وعقد المجالس لجوقة الذين لا يعملون ولا يريدون لغيرهم أن يعمل.

وبالمقابل تجد المسؤول الناجح الذي يبتكر أي أسلوب ويستثمر أي جهد ممكن لتجاوز الصعاب على عكس ما يقوله غيره بأن الظروف الصعبة لا تسمح له بعمل شيء.

هذا النموذج من المسؤولين الذين يخترقون جدار الظروف الصعبة ويكون كل همهم ووقتهم لخدمه المواطن ويتفرغون للعمل ولا يختزلونه بأقوال لا تقترن بالأفعال، مثل هؤلاء هم الذين يجسدون بالفعل ما قاله السيد الرئيس بشار الأسد في اجتماعه مع المحافظين الجدد قبل أيام بأن المسؤول الناجح هو القادر على تحويل المجتمع إلى مجتمع متحرك وفاعل بحيث يستطيع عبر حواره مع مختلف الشرائح التحريض على التفكير وتوليد الأفكار النوعية والبحث عن القضايا والحلول المشتركة واستخراج الأفضل والأنسب منها.

يونس خلف – الثورة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]