بطاقة رشيقة تكشف هواة العزف على ” طنبور الفاسدين ” في سورية..إن كنت بريئاً لمِ كل هذا الصراخ”..

الخبير السوري:

عندما تتأكد الدولة أن ثمة هدر وتهريب وفساد في جانب معين من الأنشطة الخدمية والاقتصادية وبخاصة المرتبطة بحاجة المواطنين ولدها الوسيلة الناجعة و التي اثبتت جدواها في حل منظومة فساد وتهريب سابقة فان عدم استخدام هذه الوسيلة لحل المشكلة الحالية هو تكريس لهذه المشكلة التي ستتفاقم بالتأكيد ولن تجد لها حلا في المستقبل. الحديث هنا عن عملية الفساد و التهريب و الهدر فيما يتعلق بكافة مراحل تصنيع الخبز و الذي هو قوت وغذاء المواطنين الرئيسي والذي كان وسيبقى خطا أحمرا في التعاطي معه سواء في عملية تصنيعه حتى وصوله إلى المواطنين والوسيلة التي استطاعت تجفيف منابع فاسد وتهريب المشتقات النفطية من مازوت أو غاز سابقا في ظل محدودية الموارد من هاتين المادتين مع العقوبات المفروضة على البلاد وصعوبة استيرادها وتوفير الكميات اللازمة لحاجة البلاد هي ببساطة “البطاقة الذكية” او ما يسمى بطاقة الخدمات الالكترونية من خلال توزيع الموارد المتاحة على المواطنين و التي تؤمنها وزارة النفط المتمثلة بشركة محروقات وحسب ما هو متوفر لديها من كميات. ومع بداية تطبيق البطاقة الذكية لتوزيع تلك المشتقات شهدت وسائل التواصل الاجتماعي هجوما منقطع النظير.. لن نقول إلا انه كان فيه من عدم العلم بالشيء و الجهل و الخلط بين من يدير توزيع هذه المشتقات وهي “شركة محروقات” وبين البطاقة الذكية و التي نعود لنؤكد انها وسيلة لتنظيم الحصول على الموارد ومنها المشتقات النفطية القليلة حيث ساهم في هذا الهجوم ممن كانوا مستفيدين من عملية توزيع المشتقات التي كانت سابقا و الخلط المقصود بهدف اجهاض تلك لتجربة و التي عبرت حاليا إلى بر الأمان واستقرت.. فلولا تلك البطاقة كيف كان المواطن سيحصل على اسطوانة الغاز حاليا في ظل تراجع الواردات من الغاز الى 36 بالمئة من احتياجات لبلاد كنا سنرى طوابير طويلة تحمل اسطواناتها وتنتظر الدور الذي قد يأتي ولا يأتي واسطوانات قد تباع بعشرات أضعاف ثمنها. اليوم وقد اثبتت هذه البطاقة جدواها في توزيع المشتقات النفطية سابقا وفي توزيع المواد التموينية لاحقا بحسب ما هو متوفر لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مع الاخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي واجهت عملية التوزيع.. فإن الدولة يبدو أنها حسمت امرها لضرب عصفورين بحجر واحد هو من جانب اختيار هذه الفترة لتطبيق توزيع الخبز عبر البطاقة الذكية هو تخفيف الازدحام على الأفران انسجاما مع الاجراءات الاحترازية للوقابة من فيروس كورونا ومن جانب اخر اغلاق مزاريب تهريب الطحين الذي تقدمه الدولة بسعر مدعوم ليقوم أصحاب الأفران بالاتجار بجزء من مخصصاتهم عبر بيعه في السوق بأسعار حرة للاستفادة من فرق الدعم اضافة الى الاتجار بالخبز سواء من قبل أصحاب الأفران انفسهم أو من يشترون الخبز لتجفيفه وبيعه كعلف للحيوانات وهناك حادثة لضبط احد المعتمدين قبل ايام لديه نحو 300 ربطة خبز كانت مخصصة للمواطنين وقام بتجفيفها لبيعها لتجار الأعلاف.. وان كان ثمة من يكتب ضد توزيع الخبز بموجب البطاقة الذكية ويستبق التجربة التي تبدأ اعتبار من اليوم بدمشق و ريفها ويحاول افشال التجربة من خلال خلق رأي عام ضدها فإنه يصب في خانة المنتفعين من حلقات فساد تهريب الطحين المدعوم و الاتجار بخبز المواطنين .. فان كنت لاتدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة أعظم.. وهنا لابد من الاشارة الى ان عدد الافران الخاصة يصل الى أكثر من 1400 فرن على مستوى سورية وهؤلاء جميعا ودون استثناء كانوا يستفيدون من تهريب الطحين وعلى مرأى المواطنين اضافة الى الاف المستفيدين من تجار الطحين وأصحاب افران الخاصة وتجار خبز واعلاف وغيرهم.. فلا غرابة ان نجد أصواتا كثيرة تعترض على هذه التجربة في بدايتها وكون الآلية الجديدة اغلقت جزء كبير من ابواب الانتفاع حيث تضبط هذه الألية مدخلات كل فرن من كميات الطحين ومخرجاته من كميات الخبز إلى المعتمدين وهؤلاء ايضا يتم ضبط مبيعاتهم من الخبز الى المواطنين وبشكل مؤتمت مع وجود بطاقات واجهزة خاصة لضبط كل هذه العملية.. مع ترك هامش للمعتمدين يصل الى 10 بالمئة لتوفير احتياجات الافراد ممن ليس لديهم بطاقة والتي يمكنه الحصول عليها خلال مدة عند تسجيل معلومات عنه لدى مختار الحي او رئيس البلدية . وان شكل موضوع جودة الرغيف هاجسا لدى المواطنين فان زيادة عدد المعتمدين ونقاط البيع و حصول كل معتمد على كميات قليلة كفيل بعدم تكدس ربطات الخبز لفترات طويلة و بالتالي حصول لمواطن على خبز جيد عند تأكده من موعد وصول مخصصات كل معتمد بالقرب من مكان سكنه. وان كانت التجربة في بدايتها فانه علينا دعم هذه التجربة عبر البطاقة الذكية وتقديم الملاحظات بشكل حضاري لتستقيم التجربة لكي نحصل جميعنا كمواطنين على حقوقنا من الدعم المخصص لنا و ليس خلق الفوضى دون هدف.

أحمد سليمان

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]