هيئة رسمية تكشف عن خسائر “كارثيّة” ..ربع الثروة الحيوانية في سورية ضاع في زحام الحرب..

الخبير السوري:

كشفت الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار (مديرية الأبحاث والدراسات) عن حقائق ومعطيات مفاجئة عن استهلاك مادة اللحوم في السوق المحلية وتربية الثروة الحيوانية والعوامل المؤثرة في زيادة إنتاجيتها أو العكس صحيح..

ومن خلال الدراسات التي نفذتها الهيئة وضعت جملة من الحقائق عن هذا القطاع بعضها تعلق بمؤشرات القوة فيه ونقاط الضعف ووضع المقترحات اللازمة لمعالجة الضعف من جهة وتعزيز مواقع القوة من جهة أخرى.

وفي آخر دراسة – عرضتها صحيفة تشرين – بينت أن الثروة الحيوانية قد انخفضت بصورة واضحة وذلك وفق المجموعة الإحصائية الصادرة عام 2017 – مقارنة بالعام 2011 أي قبل بداية الأزمة التي أظهرت تراجعاً في قطاع الأغنام بواقع 23% والأبقار 25% والماعز 21%.

عوامل مؤثرة

وتالياً هذا التراجع فرضته جملة من الظروف والعوامل في مقدمتها الظروف المناخية في كل عام, وإن ارتفاع معدل الهطل المطري يؤدي لوجود مراعٍ طبيعية, وموسم حبوب وبقول جيد ينتج عنه توافر في الأعلاف وبتكلفة منخفضة, وهنا يلجأ المربي إلى التمسك بالتربية والامتناع عن البيع للذبح والاستهلاك، ما يؤدي لانخفاض العرض من اللحوم عن الطلب, مقابل ارتفاع الأسعار خلال الفترة حتى فترة انتهاء المراعي الطبيعية أو جفافها وحصد محاصيل الحبوب والبقول شهري (أيار وحزيران) فيتم طرح ما تمت تربيته لأن تكاليف العلف الجاهز مرتفعة, وهنا يزداد العرض على الطلب ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار حينها, والعكس صحيح في المؤشرات المذكورة في حال انخفاض الهطل المطري وسيطرة الجفاف على مساحات واسعة من المراعي.

ومن المؤثرات أيضاً فترات الأعياد والمناسبات التي ترتفع فيها أسعار اللحوم نتيجة زيادة الطلب على استهلاكها ولاسيما خلال شهر رمضان وصولاً إلى عيد الأضحى.

لكن الأسعار العالمية وأسعار دول الجوار له دور كبير في ارتفاع الأسعار وتالياً عند ارتفاع أو انخفاض أسعار اللحوم عالمياً ينعكس على أسعار اللحوم في دول الجوار التي تنعكس بدورها على الأسعار المحلية، ففي حال ارتفاعها في دول الجوار المستوردة (الأردن – العراق- لبنان) بشكل مجزي سيتحقق فيها عائد أكبر من السوق المحلي, فيتم التهريب إليها ما يؤدي إلى نقص العرض محلياً, .

إضافة إلى أن الأسعار في المحافظات مختلفة فهي منخفضة في المحافظات المنتجة, ومرتفعة في المحافظات المستهلكة, وتالياً فإن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء, يؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء وذلك بسبب تحول شريحة واسعة من المواطنين لاستهلاكها ولأنها بديل عن اللحوم الحمراء .

مقارنة

وأوضحت الدراسة مقارنة واقعية على أسعار اللحوم المنتجة محلياً خلال الفترة من شهر تموز 2018 وحتى شباط 2019 , وبتحليل هذه الأسعار نجد أن أسعار لحم الغنم مستقرة عند سعر 5350 ليرة كغ تقريباً في الفترة ما بين أيار وحزيران 2018 لتبدأ بالارتفاع في شهر تموز وتستقر خلال الفترة الممتدة من أيلول في مستوى لها خلال العام المذكور لتبلغ 5350 ليرة وذلك بسبب الاحتفاظ والطلب على الخروف للتربية.

علماً أن الأسعار قد انخفضت بعد عيد الأضحى بنسبة 13% خلال الفترة من تشرين الأول إلى كانون الأول في العام الماضي بسبب انخفاض الطلب وزيادة في العرض, لكنها عاودت الارتفاع في بداية العام 2019 وبنسبة تزيد على 2.9%, ومن ثم ارتفاع آخر في شهر شباط لتصل الأسعار إلى 6000 ليرة كغ الواحد حيث سجلت نسبة الارتفاع عن العام 2018 بحدود 16.8% .

وتوقعت الدراسة الاستمرار في زيادة الأسعار خلال العام الحالي ولاسيما بعد انتهاء شهر رمضان وعيد الأضحى المبارك وخاصة مع بداية جفاف المراعي في شهر أيار والتحول إلى الأعلاف, وهذا سيرافق تأهب المربين للإحجام عن البيع وطلب الأغنام للتربية والتسمين.

والحال ذاته ينطبق على أسعار الفروج حيث بينت الدراسة أن سعر الفروج المحلي بلغ 1300 ليرة كغ الواحد والأردني 1367 ليرة , واللبناني 1942 ليرة , وهذا يظهر لنا أن أسعار الفروج الأردني متقارب مع السعر المحلي بسبب العوامل ذاتها التي أشير إليها للحوم الحمراء , أما في لبنان فهي أعلى بصورة واضحة الأمر الذي يشجع على التهريب إليها وتالياً حدوث نقص واضح في السوق المحلية .

بالنتيجة

من خلال ما تقدم من مجريات الدراسة نجد أن هناك جملة من العوامل المؤثرة في أسعار اللحوم الحمراء والفروج محلياً منها على سبيل المثال؛ أعداد الثروة الحيوانية – ظروف المناخ – فترات الأعياد – تطورات أسعار الصرف – الأسعار العالمية وأسعار دول الجوار – تصنيف المحافظة – ارتفاع أسعار لحم الغنم محلياً نتيجة جملة من العوامل , والأهم غياب وعدم مساهمة القطاع العام عبر مؤسساته ومهامه في منع أو التخفيف من ارتفاع الأسعار ولاسيما للفروج, وتراجع تدخل المؤسسات الحكومية التي يتوافر لديها كل المستلزمات للتدخل والشراء المباشر والتخزين عند تدني الأسعار عن السعر العادل للطرفين المنتج والمستهلك للحد من تدهور الأسعار, ومنع خروج المربين من السوق وضمان استمراريتهم فيه.

وتالياً لا يوجد أي مصدر بديل ما خلا ما يتم تهريبه من الفروج المجمد من دول الجوار, وتالياً فإن السيطرة على أسعار اللحوم أو تخفيضها أو تأمين استقرارها بالحد الأدنى أمر يمكن تحقيقه من خلال توازن العرض والطلب فقط بتيسير توفير البدائل من خلال السماح باستيراد اللحوم المجمدة أو المبردة بأسعار جيدة ومنافسة, وحماية المربين وتلافي خروجهم من السوق أكثر أهمية وجدوى وفائدة من دعمهم ومساعدتهم للعودة إلى الإنتاج والتوريد مجدداً بعد خروجهم .

بعض الحلول

وبناء على ما سبق فقد حددت الدراسة جملة من المقترحات تشكّل برنامجاً داعماً لمعالجة واقع الثروة الحيوانية وعودة تميز سورية بثروتها الحيوانية مع توفيرها في السوق, ومعالجة للحالة القائمة حالياً ومانتوقعه من ارتفاع مقبل في أسعار اللحوم الحمراء واستمرارها بمستويات مرتفعة حتى ما بعد منتصف آب الحالي فإن هيئة المنافسة ومنع الاحتكار ترى في دراستها: السماح باستيراد اللحوم الحمراء المثلجة أو المبردة بأقصى سرعة ممكنة لسد النقص الحاصل والفجوة القائمة ما بين العرض والطلب عليها، إلى جانب تخفيض التعرفة الجمركية للحوم المستوردة بجميع أشكالها وأنواعها الحية والطازجة والمبردة والمجمدة لتصبح 1% بدلاً من التعرفة السائدة وهي 5% للحوم الحية و10% للطازجة والمبردة والمجمدة.

أما بالنسبة لمادة الفروج وريثما يتم طرح الأفواج التي بدئ بتربيتها نتيجة ارتفاع أسعار الفروج والمتوقع أن تكون بعد حوالي 40 يوماً، فإنه لابد من متابعة الكميات المهربة من حيث صلاحيتها للاستخدام من عدمه ليصار إلى زيادة التوريد للأسواق ضغطاً للأسعار وللحدّ من ارتفاعها.

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]