راتب الموظف السوري كان يساوي قسطاً شهرياً لمنزل في قلب العاصمة..تاريخ أجور السوريين حافل بالتقلبات وهذه هي تفاصيل الذكريات..!!!

الخبير السوري:

إذا ما أخذنا مؤشراً أعم من الأجور، وهو مؤشر الدخل الفردي الوسطي، الذي يشمل الحصة الوسطية لكل مواطن سوري من الناتج الإجمالي، فإن هذا الدخل أيضاً قد تراجع بمقياس الذهب بمستويات كبيرة. أي: أن عملية التراجع لم تقتصر على الأجور بل شملت كل السوريين وسطياً.

فكل فرد في سورية عام 1964 كان يحصل وسطياً على 975 ليرة سنوياً، وهذه كانت تعادل 260 دولاراً، وتعادل 243 غراماً ذهباً، وقرابة ربع كيلو سنوياً، وكان أصحاب الحد الأدنى للأجور قادرين على الحصول على مقدار أعلى من الوسطي وقرابة 450 غراماً سنوياً! أي: أن جزءاً هاماً من الدخل كان يذهب للأجور.

أما في الثمانينات فقد ارتفعت حصة الفرد من الدخل الوسطي، وأصبحت تقارب 1700 دولار، وحوالي 70 ألف ليرة، ولكنها أصبحت تعادل 188 غرام ذهب بتراجع بنسبة تفوق 20%. بينما أصبح أصحاب الحد الأدنى من الأجور يحصلون منها على 19 غراماً سنوياً فقط، ليكون تراجعهم أكبر بنسبة 96%!

أما اليوم، وتحديداً في عام 2016، فقد أصبحت حصة الفرد السوري من الدخل تقارب: 1200 دولار سنوياً، وهي تعادل 576 ألف ليرة، ولكنها لا تتعدى 30 غراماً ذهباً، لا يحصل منها أصحاب الأجور إلا على 9,6 غرام سنوياً.

لقد كان الدخل الفعلي لعموم السوريين أعلى في الستينات، وكان الأجر الفعلي للشغيلة أعلى بما لا يقاس، وخلال العقود التالية، كان الدخل الفردي السوري بمقياس الذهب ينخفض، ولكن الأجر بمقياس الذهب كان ينخفض بحدّة أكثر.الحد الأدنى لأجور الستينات بمقاييس اليوم

925000 ليرة

الحد الأدنى لأجر العامل السوري في الستينات، كان يعادل 37.5 غراماً من الذهب من عيار 21، أي: بمقاييس اليوم فإن الـ 150 ليرة في حينها، تعادل: 925 ألف ليرة تقريباً!

1100000 ليرة

الحد الأدنى للأجور في الستينات كان يعادل قسطاً شهرياً لشراء منزل في دمشق من ثلاث غرف وصالون، خلال أربع سنوات ونصف. أي: بمقاييس اليوم فإن الحد الأدنى للأجور كان يقارب: 1,1 مليون ليرة، لشراء منزل بـ 60 مليون ليرة خلال 4,5 سنة!

خلال خمسين عاماً بين الستينيات واليوم، تغيرات كثيرة جرت على الليرة السورية، وعلى مجمل الاقتصاد السوري… ولكن الاتجاه العام كان تراجعاً في قدرة النشاط الاقتصادي على مواكبة زيادة الضرورات سواء من حيث عدد السكان، أو من حيث عموم ضرورات التنمية. لهذا الاتجاه العديد من المؤشرات، ولكن واقع الدخل الفردي الوسطي يعبر عنها بشكل محدد، فكل سوري أياً كان صاحب أجر أو ربح أو مهني، كان دخله الوسطي وحصته من الناتج الإجمالي تتراجع. وبمقياس الذهب كانت حصة الفرد في الستينيات تشتري 8 أضعاف الذهب الذي يمكن أن تشتريه اليوم. وهو ما يدل على أن كل الشرائح الاجتماعية والدنيا تحديداً قد تراجعت حصتها، سواء أصحاب الأجور أو الفلاحين أو المهنيين.

أما على مستوى أصحاب الأجور فإن التراجع أكثر حدة وعنفاً، فبينما كان أجر الحد الأدنى يستطيع أن يشتري في السنة قرابة 450 غراماً ذهب، أصبح لا يستطيع شراء 7 غرامات في السنة في عام 2016.

البعض يقول ينبغي العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة، ولكن الواقع يقول أنه ينبغي العودة إلى أعلى نقطة في معيشة وأوضاع السوريين… عندما كان أجر الحد الأدنى قادر على شراء منزل في المدينة خلال أقل من خمس سنوات! وقادر على تغطية الحاجات الأساسية مع فائض ادخار وضمان للمستقبل… وهذا ما لم تشهده سورية منذ ستينيات القرن الماضي.

إن قراءة مسار التراجع الاقتصادي السوري القديم، ينبغي أن يجري بإطار جملة العوامل السياسية والاجتماعية التي لعبت دوراً في عدم تصاعد المسار بل تباطئه. لنستطيع القول إننا سنعود أفضل مما كنا!

هوامش:

*مصدر أرقام أجور وأسعار الستينات والثمانينات، من مقارنة سعرية أجريت في جريدة نضال الشعب أجريت عام 1984.

*سعر أونصة الذهب العالمية 1984: 35$- 1984: 320$- 2019: 1487$. كل أونصة تعادل 35,55 غرام عيار 21.

*الدخل الوسطي الفردي من أرقام world bank data.

عن صحيفة قاسيون

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]