كاريزما المدير والوزير والسباق الصامت بين مقدّمات النجاح و الفشل..

 الخبير السوري:

تبدو الملفات ثقيلة بالفعل، تلك التي تم إفرادها في أروقة وزارة    ” الاقتصاد السوري”..و التسمية ليست خطأً مطبعي ..بل نحن نعني هذه الإشارة بشأن وزارة تكسر اليوم الكثير من القوالب الجامدة وتقاليد الأداء المتردد في غرف كان أقل ما يمكن أن توصف به أنها “باردة”..لتتناول أخطر و أعقد المسائل الاقتصادية بمفردات بالغة البساطة،  تقارب بها احتياجات بلد يستجمع قواه لإكمال رحلة الانتصار في حرب لم يُشعل فتيلها – من أشعله أساساً – لتترك أخضراً ولا يابساً.

والواقع بوقائعه الجديدة يطرح تساؤلاً كنّا نظنّه صعباً، حول سرّ التحوّل في هذه الوزارة من “الصلف المعلن” إلى الحالة الشعبيّة البسيطة، والمردوديّة واضحة المعالم التي تحاكي غلال الحقول و أحلام الأيدي المنتجة المباركة الصادقة، و أماني البسطاء الأسخياء في سورية الخير..؟؟

إلّا أن الدخول بهدوء إلى ملفات الوزارة و الأدبيات التي تُدار بها سيكشف أن العبرة تكمن هناك في مقصورة الإدارة وبشخصيّة حامل الحقيبة..ومن يستطيع أن ينفي الأثر العميق لشخصيّة المدير أو الوزير على أداء فريقه؟؟..

و إن بحثنا عن الجواب بكلمة سنتوافق على أنه ” التصالح” ..

ففي “سحنة” الدكتور محمد سامر الخليل وزير الاقتصاد والتجارة الخارجيّة ، وقوامه النفسي الذي يفضّل بعضنا اختصاره بكلمة         ” كاريزما”، يبدو التصالح هو العلامة الفارقة لأداء الرجل المتدرّج بمراتبه ومهامه الوظيفيّة، من تصالحه مع ذاته إلى تصالحه مع فريقه ثم مع أعماله و مع الواقع أيضاً، لكن ليس استكانةّ بل مقاربة هادئة غير عدوانية وغير صدامية..ولعلّها الدبلوماسية الرصينة في التعامل مع الملفات الصعبة، وكل ملف في عمل هذه الوزارة هو حالياً صعب، بسيرورته وبيئة إنضاجة التي هي جزء من بيئة الحرب والأزمة المعقّدة.

في المخرجات الجديدة لوزارة الاقتصاد ما يشي بكم هائل من الدأب في المتابعة..فمبنى الصالحيّة في قلب العاصمة لم يعد مقرّاً أو مجرد مكنة لإصدار القرارات ذات الطابع الموسمي – أي تحصيل حاصل على طريقة تصريف الأعمال- بل ثمة مطبخ هناك  لإنتاج سيناريوهات العمل و الرؤى التنفيذية التي يُدفع بها طازجة إلى ميدان التطبيق، بإدارة ذلك الرجل المبتسم دوماً حتى في أصعب المواقف، والدافئ في مصافحته لأصدقائه ولموظفيه..ابتسامة تملي على كل من يلتقيه إحساساً بالمسؤولية العميقة..وتفاؤل ..ومبادرة..وحب للعمل والمتابعة و استنهاض كل ضروب الجلد والصبر التي تختزنها الذات البشرية بفطرتها لكنها بحاجة إلى استنهاض احترافي..

ملفات تتزاحم في الحقيقة أمام كل راغب بالمتابعة، من التحريك السريع والمتسارع لعجلة الصادرات..إلى التوطين المحلّي لبدائل السلع المستوردة..إلى إعادة إحياء المناطق الحرّة كميدان راقٍ لـ ” البزنس العابر للحدود” .. تشذيب مسارات العلاقة مع الخارج – حيث يجب يبدو على وزير الاقتصاد أن يكون ” وزير الخارجية الاقتصادي” وقد نجح الدكتور الخليل في حيازة اللقب دون أن يطلبه…وصولاً إلى الإنجاز الاحترافي لدورات معرض دمشق الدولي، الذي تحوّل إلى مناسبة وطنيّة عامة وليس مجرد تظاهرة اقتصادية..وهو مناسبة حديثنا عن هذا الرجل الذي لم يكل ويبدو أنه لن يملّ من عبء المواظبة والمتابعة الرشيقة لوزارته و استحقاقات أعمالها الصعبة، فقد كان لإعلان الوزير الخليل اليوم خلال اجتماع خاص بتحضيرات دورة المعرض لهذا العام، وقعاً مطمئناً بالفعل، ففي جعبته أرقام بالغة الأهميّة بصدد ما أنجز في هذا المعرض كعلامة انتصار فارقة لسورية الدولة .

في كل اجتماع أو لقاء يزداد تقديرنا  لهذا الوزير الذي له من اسمه نصيب كبير، ويزداد أيضاً حجم التساؤل في داخلنا، عن سبب عدم الحرص دوماً على إدراج الملامح والخواص الداخليّة للشخصية، في مقدّمة الروائز التي تُطرح على الطاولة خلال معايرة خيارات الإسناد والتكليف بمهمة أو مسؤولية من النوع الذي نسميه عموماً ” منصب” ؟؟

المسألة بالغة الأهمية أيها السادة..شخص المدير أو الوزير مسألة يجب أن تكون حاضرة دوماً في الذهن ..فإن كان اعتبار غير كاف لكنه لازم ولازم بشدّة و إلحاح..وعلى طباعه وخواصه يتوقف إقدام الفريق أو إحجامه بكل هذا الفرق الهائل بين الحالتين.

نحن في زمن حرب و انكشاف وتعرية حقيقية لمعادن الأشخاص..ونبدو بأمس الحاجة إلى نمط الإدارة بـ “الباب المفتوح أو على الأقل الموارب” وليس الباب المغلق..الإدارة بالاحترام والتصالح والتسامح، وليس بالفوقيّة و إطلاق العنان لنزعات الفرديّة والأنانيّة، الإدارة من الأرض وميدان العمل الإنتاج، وليس الهروب إلى المكاتب واللوذ بالستائر السميكة.

وزير الاقتصاد والتجارة الخارجيّة لك منّا كل الاحترام والتقدير..لأنك تستحقّ..

تعليق 1
  1. الدكتور مريع فلوح يقول

    الدكتور سامر الخليل مستحق للتقدير

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]