ميزات من ذهب تختبئ تحت التراب السوري…الزراعة العضوية تنتظر من ينبشها…تلكؤ تنفيذي وخطى متثاقلة..

 

 

دمشق – الخبير السوري:

بالرغم من امتلاك سورية للعديد من العوامل التي تدفعها نحو التحول من الزراعة التقليدية إلى الزراعة العضوية، مثل التنوع الكبير للأصناف المحلية من الأشجار المثمرة واستخدام المزارعين للأسمدة العضوية بشكل فطري، وتبني وزارة الزراعة سياسة التوجه نحو المكافحة الحيوية بالإضافة لتطبيق برنامج المكافحة المتكاملة، على كل من الحمضيات والزيتون للحد من التلوث البيئي سواء في المنتج أو في التربة، إلا أن سورية لا تزال في بداية الطريق نحو الإنتاج العضوي بشكل عام بالرغم من أنها قطعت شوطا في إنتاج القطن العضوي، حيث بدأت تجربة التحضير لنشر هذا النوع من الزراعة في سورية رسميا في العام 2006 من خلال مشروع التعزيز المؤسساتي للزراعة العضوية ( GCP/SYR/011/ITA ) والذي تم تنفيذه من قبل وزارة الزراعة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وبتمويل من الحكومة الإيطالية اعتبارا من حزيران 2006 ولغاية أيار 2009.

تراجع

اللافت في هذا السياق هو تراجع مساحة الأرض الزراعية العضوية في العام 2010 – 2011 بشكل واضح عن السنوات السابقة، إلا أن نسبة المساحة المزروعة فعليا كانت لا بأس بها – وذلك وفقاً لدراسة لوزارة الزراعة حول واقع تطور الزراعة العضوية في العالم وسورية –  إذ كانت نسبة الزراعة العضوية 0.15% عام 2005 من مساحة الأرض الزراعية البالغة 20500 هكتار، لتتراجع إلى نسبة 0.14% من مساحة 19987 هكتار عام 2011. ويدل هذا على زيادة الوعي من قبل المنتجين، وفقاً للدارسة التي أشارت إلى أنه تم ترخيص عدد من المنتجات الزراعية العضوية من قبل شركة AK الألمانية في سورية حتى تاريخ 12/9/2012. موزعة على مختلف المحافظات حيث بلغ إجمالي المساحة المرخصة 487 هكتار.

تكلفة صحية

على الرغم من أن الزراعة العضوية مازالت حتى الآن لا تتجاوز 1-2 % من المبيعات الغذائية في العالم إلا أن أهميتها تتزايد في مختلف أنحاء العالم، حيث يبقى الهدف الأكبر للجميع هو توفير الغذاء الآمن والسليم بغض النظر عن اختلافات الرؤى في تحقيق ذلك، قد تكون كلفة المنتجات العضوية أكثر بقليل من المنتجات العادية على المدى القصير إلا أن الكلفة على المدى الطويل للزراعة غير العضوية هي باهظة على صحتنا وصحة أجيالنا والبيئة المحيطة بنا ولا يزال من الضروري التركيز على برامج التوعية والإرشاد الخاصة بأهمية وفوائد هذه الزراعة في الحفاظ على الصحة العامة للناس بالإضافة إلى تشجيع المتاجر العامة أو الأسواق المركزية المحلية على عرض المحاصيل والأغذية العضوية.

عوامل للارتقاء

ثمة عوامل تؤثر على الارتقاء بسوق المنتجات العضوية بشكل عام لخصتها الدراسة وتتمثل ببناء الثقة المتبادلة بين المنتج والمستهلك من خلال تطبيق معايير الجودة فيما يخص الإنتاج والتصنيع وخاصة في حالة التصدير لأن الأسواق المحلية أقل تعقيداً ومرونة. والحملات التسويقية المكثفة من قبل الجهات المختصة سواء من جمعيات التجار أو جمعيات المزارعين. وتأمين الوصول للأسواق العالمية من خلال التقيد بمستلزمات التصدير إلى الأسواق العالمية والتي تتلخص بالحصول على شهادات السلامة العضوية والمطابقة للسلامة العضوية من قبل مؤسسات أو منظمات معترف بها في الدولة المستوردة. وتحديد المواصفات الأساسية للإنتاج والتخزين والشحن. والتعريف بوجود العلامة التجارية للمنتج العضوي السوري التي تعزز ثقة المستهلك والتي تعتبر جواز السفر للمنتج إلى الأسواق المحلية والخارجية عن طريق الترويج لمصطلح “عضوي” والتركيز بشكل رئيسي على الفوائد الصحية ذات الصلة بالغذاء العضوي، وينبغي التواصل مع تلك الرسالة بمختلف الوسائل بما في ذلك حملات العلاقات العامة مثل الإعلانات التليفزيونية، اللوحات الإعلانية، الأيام الحقلية والزيارات الإرشادية، بالإضافة إلى المعارض الزراعية الخاصة بالمنتجات العضوية. بناء قاعدة معلومات للمنتجات العضوية تتضمن كافة المعلومات الخاصة بالأسواق العالمية.

مقترحات

لعل أهمية توطين هذا النوع من الزراعات وتكريسها في بلدنا يقتضي إيجاد أسواق شعبية لتسويق المنتجات العضوية محليا. وتقديم الدعم للمزارعين العضويين من خلال تقديم المدخلات العضوية التي تساعد المزارع في إدارة مزرعته بالشكل الصحيح. إضافة إلى تقديم الاستشارات للمزارعين التي تساهم في رفع قيمة المنتج العضوي وتخفيض تكاليفه، وتشجيع المزارعين من خلال تقديم الدعم العيني لضمان استمرارهم بهذه الزراعة وهذا بدوره يشجع الآخرين بالدخول إليها. إلى جانب إصدار القوانين التي تحمي المزارع والمستهلك والجهات المانحة للشهادات. وكذلك إشراك القطاع الخاص في وضع السياسات والأنظمة والتشريعات الخاصة بالإنتاج والتصدير والتسويق للإنتاج الزراعي إلى الخارج. ووضع سياسات زراعية خاصة بالزراعة السورية العضوية لتقوية القطاع والأفراد الفاعلين فيه من خلال تدخلات حكومية سليمة ودعم تحول المزارع التقليدية لتصبح عضوية وبالتالي توسيع قاعدة الإنتاج لموازنة الطلب المحلي على المنتجات العضوية.

عالمياً

وبالحديث عن واقع هذه الزراعة على المستوى العالمي يتبين أن أهميتها تتزايد في قطاع الزراعة في العديد من البلدان المتقدمة، بغض النظر عن مرحلة نموها، حيث أظهر المسح الذي أجراه معهد أبحاث الزراعة العضوية في سويسرا FiBL والإتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية IFOAM حتى نهاية العام 2011 والذي شمل 162 دولة (160 في العام 2010) تزايدا في مساحة الأراضي الزراعية العضوية بما فيها الأراضي التي تم تحويلها خلال الفترة  1999 – 2011 حول العالم من 11 مليون هكتار إلى 37.2 مليون هكتار تضم أكثر من 600 ألف مزرعة موزعة حسب المسح إلى 12.2 مليون هكتار في قارة أوقيانوسيا وتشكل  33% من الأرض الزراعية العضوية في العالم، تليها أوربا 10.6 مليون هكتار 29%، ثم أمريكا اللاتينية 6.9 مليون هكتار 18.4%، آسيا 3.7 مليون هكتار 10%، أمريكا الجنوبية 2.8 مليون هكتار 7.5 %، وأخيرا أفريقيا 1.1 مليون هكتار 3%

تبلغ حاليا نسبة المساحة المزروعة عضويا في العالم نحو 0.9% من الأراضي الزراعية ويتركز حوالي ثلثها في الدول النامية والتي تبلغ حوالي 12.5 مليون هكتار وتشكل أكثر من 80% (1.5 مليون مزارع) من المنتجين والأسواق الواعدة الناشئة وتحتل أستراليا على مستوى الدول في العالم المرتبة الأولى من حيث مساحة الأراضي الزراعية العضوية وتبلغ 12.14 مليون هكتار وتشكل حوالي 19% من مساحتها المزروعة، يليها الأرجنتين 3.8 مليون هكتار ثم الولايات المتحدة الأمريكية 1.9 مليون هكتار) حيث المساحة المزروعة، وتشكل المساحة المزروعة عضويا في أكثر من عشرة دول أوروبية أكثر من 10 % من أراضيها المزروعة.

أما بالنسبة للمنتجين العضويين فقد ارتفع العدد بشكل طفيف على مستوى العالم في العام 2010 إلى 1.8% العام 2011 وهذا يدل على زيادة الطلب على المنتجات العضوية في الأسواق العالمية ويتركز حوالي 34% منهم في آسيا يليها إفريقيا 30% ثم أوروبا 16%، وتحتل الهند المرتبة الأولى من حيث تواجد أغلب المنتجين العضويين فيها حيث ارتفع عدد المزارعين من 400 ألف مزارع في العام 2010 إلى 548 ألف مزارع في العام 2011 تلتها أوغندا 189 ألف مزارع بزيادة بسيطة عن العدد في العام 2010 (188.6 ألف مزارع) وأخيراً المكسيك  170 ألف مزارع بينما كانت أقل في العام 2010 (168 ألف مزارع).

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]