ثلاثية القوة والضعف..!بقلم: حسن النابلسي

 

 

طالما شكّلت الإخفاقات والانتكاسات والارتكاسات، حافزاً ليس على المستوى الفردي فحسب بل على المستوى الدولي وتحديداً الاقتصادي أيضاً، والأمثلة كثي رة في هذا السياق..

فعلى المستوى الأول لم يستكِن “والت ديزني” لما حلّ به بعد طرده من الصحيفة التي كان يعمل بها لقلّة خياله وافتقاره إلى أفكار مبتكرة، بل شكل هذا الأمر منعطفاً كبيراً في حياته أوصله إلى ابتكار شخصية “ميكي ماوس” العالمية، وكذلك الأمر بالنسبة لـ”ألبرت آينشتاين” الذي تنبّأ مدرّسه بأنه لن تصبح له قيمة في المستقبل، ليسحق بنجاحاته الفيزيائية مقولة مدرّسه التي ربما كانت المحفز الأساسي لنجاحاته.. والقائمة تطول..!.

أما على المستوى الاقتصادي، فلعلّ النهوض الاقتصادي لنمور آسيا هو أبرز ما نستشهد به في هذا السياق، ولاسيما ماليزيا التي ظلت بعد الاستقلال تراوح مكانها أكثر من سبعة عشر عاماً (1963 – 1980م)، لا تملك معرفة جيّدة بحاضرها، ولا رؤية واضحة لمستقبلها، ولا تعرف (وربما لا تملك أيضاً) الطاقةَ القادرةَ على التفكير في النهضة، لكنها في هذه السنوات الجامدة حظيت بحراك فكري وثقافي على يد مجموعة من شبابها المخلصين، أفضى –مع الأيام- بفئات عريضة من المجتمع الماليزي إلى مطلب عام، يمكن أن نعبِّر عنه هنا بـ (إرادة التغيير)، ولربما كانت التجربة اليابانية أيضاً دليلاً أكبر بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وتدمير مدينتيها (هيروشيما وناكازاكي) نووياً..!.

وعلى اعتبار أن اقتصادنا الوطني عانى بمجمل قطاعاته خلال هذا العام الحالي الذي نعيش خواتمه من ثلاثية (الإخفاق، والانتكاس، والارتكاس)، نعتقد أن حتمية الأمور تستوجب تشريح المَوَاطن التي أصيب بها أحد مفرداتها (أي الثلاثية)، عسى أن تكون بالفعل حافزاً للتغيير وتحويل مواطن الضعف إلى قوة..!.

وأغلب الظن أن دراسة وتحليل وتمحيص مسبّبات ارتفاع الأسعار -على سبيل المثال لا الحصر- بشكل جدي وفعلي لابد أن تفضي إلى أفكار ومبادرات على الأقل تحقق استقراراً للأسعار إن لم نقل تخفيضها، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية المفاصل الاقتصادية كالاستيراد والتصدير ومحاولة إعطاء زخم أكبر للثاني عبر معرفة الأسباب المعرقلة لعملية الإنتاج وإيجاد الحلول لكل تفصيل معرقل، وينسحب هذا أيضاً على عملية مكافحة الهدر وخاصة في القطاع العام وتحويله إلى وفر حقيقي يمكن استثماره في قنوات استثمارية حقيقية…الخ.

يبقى أن تكون هناك بالفعل -في حال قرّرنا التصويب- إرادة حقيقية للتغيير وقلب معايير 2016 لتكون أساس الانطلاقة الفعلية لتجدّد اقتصادنا الوطني، وتقوية بنيانه وتمتين أواصره، فهل من تمحيص حكومي لما سبق يطول بشكل تفصيلي كلّ مُخفق ومُركّس ومُنكّس مهما صغر ساهم في تأزيم مفاصل قطاعاتنا الاقتصادية..؟!.

عن” البعث”

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]