فروقات من كعب الدست..في لبنان جميع المواد الغذائية دون استثناء أرخص منها في سورية بنسب تتراوح بين 20 و40 %

الخبير السوري:

لم تستطع السلل الغذائية والمبادرات، التي تكاتفت لتأمينها الجمعيات الخيرية والمؤسّسات الدينية من جهة، والجهات الأهلية والمهرجات قبيل وخلال شهر رمضان، أن تسدّ حاجة جميع المحتاجين خلال هذا الشهر. ولعلّ اتفاق الشريحة الكبرى من المواطنين الذين صادفناهم في أسواق دمشق على جملة “اعطيني وقية من أرخص شي” هي التي أكدت لنا نسيانهم لما يُسمّى بالنظام الغذائي الصحي، وابتعادهم كل البعد عن تحقيق الأمن الغذائي في بلد زراعي بامتياز تتلّون أسواقه خلال هذه الفترة بشتى ألوان المحاصيل الشتوية والصيفية بأسعار توحي لنا بأنّ هذه الخضار مستوردة بالعملة الصعبة، وبالتالي ستبقى حكراً على من استطاع إليها سبيلا، فمع التخفيضات والحملات والضبوطات التي طالت جميع السلع بقي الشراء “بالوقية والوقيتين” لسلع مجهولة المصدر لكنّها أرخص “بكم ألف” هي مطلب المواطنين، وأصبحت عبوات الزيت المختومة وتنك السمنة ورب البندورة والطحينية والمربيات وغيرها من المواد الغذائية تُفتح وتباع بالوقية، إلّا أن الفارق هنا هو حالة التذمر التي رافقت أصحاب المحال هذه المرة وعدم نسيانهم “تمنين” المواطن بأنهم خلال هذا الشهر في حالة عدم ربح تام، لكنّ الأمر الذي يدعو للتساؤل هو استمرار تفاوت الأسعار بين محل وآخر، وبالتالي فإن حملة التخفيضات لم تطل الجميع وما زال هامش الربح موجوداً لكنّه قليل وغير مُرضٍ للتجار.

نحن الأغلى

ولم يُخفِ الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب حسن حزوري، وفقاً لما أوردته صحيفة البعث في موقعها الالكتروني، جهود الجمعيات والمهرجانات ومساهمتها في تخفيف العبء، لكنه يبقى كالرمد أمام العمى، فالمشكلة تتمثل بضعف الدخل وغلاء الأسعار مهما تمّ الإعلان عن تخفيضات.

وقدّم حزوري مقارنة عن الأسعار بيننا وبين لبنان مثلاً، حيث إن جميع المواد الغذائية دون استثناء أرخص من سورية بنسب تتراوح بين ٢٠ و٤٠ بالمئة، الأمر الذي يتضح ببيع الكثير من السلع على الطرقات بين حمص وطرطوس بأرخص من أسعارها في المحلات النظامية رغم تكلفة تهريبها ونقلها من لبنان إلى سورية، كما أن معظم الخضار والفواكة تصل أسعارها إلى ثلث أو ربع سعرها في سورية، رغم أن الحدّ الأدنى للدخل في لبنان هو أكبر بـ ١٥ ضعفاً على الأقل من الحدّ الأدنى للدخل في سورية.

ونفى الدكتور حزوري أن يكون هناك خسارات للتجار خلال هذه المهرجات، فالتاجر لا يمكن أن يبيع بخسارة بالمطلق، لكنه يخفض من نسبة ربحه خلال المهرجان فقط.

لا خسارة للتاجر

في المقابل فرّق محمد الحلاق “عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق” بين المهرجانات والجانب البيعي، وبين التوزيعات التي تتمّ بالمهرجانات، فلا شك أن لأي نشاط إيجابيات وسلبيات، ولكن في رمضان تأخذ هذه المهرجانات خصوصيتها من خلق نشاط تسوق وجمع الشركات في مكان واحد يستطيع المستهلك أن يؤمّن احتياجاته من خلالها، لكن المشكلة الأساسية هي ضعف الدخل، وبالتالي في حال رغبة أحد المستهلكين بشراء كامل احتياجاته فهو بحاجة إلى كتلة نقدية كبيرة وأجور نقل مرتفعة أيضاً، وبالتالي فهي جيدة لمن يملك كتله نقدية وهم قلّه حالياً، أما بالنسبة للتوزيعات التي تتمّ كأعمال خيرية فهي بالطبع إيجابية وتؤمّن احتياجات الكثيرين، وكل الشكر لكل من يساهم بها من حكومة وأفراد وأصحاب شركات.

ولفت الحلاق إلى أن هذه المبادرات لا تعرّض التجار للخسائر، خاصّة وأن المطلوب منا مساهمة مجتمعية من خلال الدين ومن خلال واجبنا الإنساني، وبالتالي هي فرصة للجميع بشهر الخير من أجل زيادة التكاتف والتعاون وزيادة الإنفاق في هذا الشهر الكريم، ولكننا بالطبع نسعى كي تزيد فرص العمل وينشط الاقتصاد كي نتحول تدريجياً من الأعمال الإغاثية إلى الأعمال الإنتاجية والتنموية، فكلما استطعنا أن ننشط الاقتصاد كلما استطعنا تأمين فرص عمل، وبالتالي تحوّل البعض من محتاج إلى مكتفٍ أو معطٍ ومساهمٍ.

ميس بركات

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]