هذه حقيقة” الهولندي” المأفون…من يُحاكم ويُحاسب الرجل الذي أرعب السوريين والعالم؟؟؟

الخبير السوري:

“كذب المنجمون ولو صدقوا”…وربما الأدق هي عبارة ” ولو صدفوا”…

لنا مع المنجمين حكاية مضنية فيما يخص زلزال 6 شباط الذي وقع في سورية وتركيا..وظهر من بين الركام ” نجم” اسمه فرانك فرانك هوغربيتس – هولندي الجنسية، الذي اتضح لاحقاً أنه مجرد ” مهرطق” أحدث رعباً في أوساط مئات الملايين من البشر بتنبؤاته عن إحداثيات الزلازل القادمة.

فمن هو فرانك هوغربيتس..و ماذا يملك من مؤهلات..وهل له أن يتنبأ علمياً في مثل هذه الظواهر النادرة؟؟؟

تساؤلات ملحة طرحها موقع ” عربي بوست” في تقرير أعده حول حقيقة عالم الزلازل وفي تتبع تاريخ هذا ما وجده الموقع وإليكم القصة كاملة..

فبينما استفاق العالم، فجر الإثنين 6 شباط 2023، على كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، مخلفاً عشرات الآلاف من الضحايا ودماراً هائلاً، انبعث من وسط غبار الكارثة الإنسانية اسم شخص وصفه الكثيرون بـ”العالم”، وأصبح حديث الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتعلق الأمر بالهولندي فرانك هوغربيتس، الذي تنبأ بالزلزال قبل يومين من وقوعه.

هنا تفرض تساؤلات نفسها، من هو فرانك؟ هل هو عالم كما تصفه بعض وسائل الإعلام العربية؟ وهل فعلاً يمكنه التنبؤ بالزلازل؟ وهل علينا أن ننصت له؟ وهل صدقت كل تنبؤاته؟ وما هي الأسس التي يستند عليها للتنبؤ؟ وبالأهمية ذاتها ما هي الأفكار التي كان يروج لها فرانك قبل عقد من الزمن؟

هذه الأسئلة وغيرها، سنجيب عليها في هذه المادة الاستقصائية، التي تتبعنا فيها قصة فرانك منذ عام 2004.

كان اسم فرانك قد برز في البداية، عندما تنبأ في عام 2015 بأن زلزالاً بدرجة 8.8 سيضرب مدينة نيويورك، لكن شيئاً لم يحدث، وعندما تنبأ فرانك بالزلزال، لم يكتفِ بتحديد يوم 28 أيار 2015 كموعد لقدوم الزلزال، بل حدد أيضاً الساعة التي ستحدث بها الهزة، ووجه تحذيراً للسكان، الأمر الذي أدى لانتشار الخوف بين البعض، لكن في ذلك اليوم أمضوا حياتهم بشكل طبيعي ولم تكن توقعات فرانك صحيحة.

زلزال

وعادت الأضواء لفرانك الذي أصبح حديث شبكات التواصل الاجتماعي لدى العرب والأتراك، بعد الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، وشعرت به دول عربية، يوم 6 شباط 2023، وكان بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر.

قبل زلزال تركيا وسورية بثلاثة أيام كتب فرانك تغريدة قال فيها: “عاجلاً أم آجلاً، سيحدث زلزال بقوة 7.5 درجة مئوية في هذه المنطقة (جنوب وسط تركيا والأردن وسوريا ولبنان)”، وحتى صباح الأربعاء 22 فبراير/شباط 2023، وصل عدد مشاهدات هذه التغريدة إلى 59 مليون مشاهدة.

قبل كتابته للتغريدة التي “تنبأ” فيها بزلزال تركيا وسوريا، كان يتابعه بضعة آلاف، لكن حتى صباح الأربعاء 22 شباط 2023، أصبح لديه أكثر من 1.3 مليون متابع، أما تغريداته فتصل إلى ملايين الأشخاص، وبات ضيفاً حاضراً في العديد من وسائل الإعلام العربية والتركية، وبعضها وصفته بـ”العالم”.

أصبح البعض ينظر لفرانك على أنه مصدر لمنح الشعور بالطمأنينة، أو بمثابة جرس إنذار لزلازل قادمة، وهو أمر مخالف للعلم الذي يؤكد أنه لا يمكن التنبؤ بالزلازل، وهو ما سنوضحه بالتفصيل.

طريقة فرانك في التنبؤ بالزلازل

قبل الخوض في تفاصيل طريقة فرانك في التنبؤ بالزلازل، تجدر الإشارة إلى أنه يصف نفسه بـ”الباحث”، وبعد التحقق من سيرته الذاتية، لا يمتلك فرانك أي شهادة علمية متعلقة بالزلازل أو الكواكب (التي يبني نظريته عليها في التنبؤ بالزلازل).

بحثنا في الموقع الإلكتروني السابق لفرانك، وفي الموقع الحالي لـSSGEOS، الذي ينشر فيه فرانك تنبؤاته، ولم نجد ما يشير إلى دراسته لعلم “الجيولوجيا” (علم الأرض، أو علم طبقات الأرض).

ليس ذلك فحسب، فلم نجد لفرانك مقالاً أو دراسة له نُشرت في مجلة علمية محكمة، والتي هي عبارة عن دورية علمية، تنشر أبحاثاً متخصصة في مجالات محددة، وتخضع الأبحاث المنشورة فيها لتحكيم وتمحيص من قبل متخصصين في المجال نفسه.

يتبع فرانك طريقة مختلفة كلياً في التنبؤ بالزلازل تعارض المنهج العلمي المُتبع من قبل علماء “فيزياء الأرض” في تفسير الهزات الأرضية، والمنهجية المُتبعة من قبل هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (التي تضم آلاف الموظفين).

ينطلق فرانك في تنبؤه بالزلازل من خلال أن مواقع الكواكب والقمر تؤثر بشكل واضح على الزلازل الكبيرة وتحفزها، ويستند بذلك إلى “العلاقة المباشرة بين قشرة الأرض وتراكم الإجهاد فيها، وبين هندسة الأجرام السماوية المرتبطة بالزلازل الأكبر”.

يتحدث فرانك عن أن اقتران الكواكب يؤشر إلى حدوث الزلزال، ويقول إن التقاء كوكب الأرض في خط مستقيم مع أجرام سماوية أخرى بالمجموعة الشمسية يولّد مجالاً كهرومغناطيسيّاً من شأنه أن يؤثر على قشرة الأرض، ويحفّز لحظة انفجار الزلازل عبر الصدوع الموزّعة على امتداد الجغرافيا الأرضية.

يعتمد فرانك في روايته، على ما قال إنه “نظام محاكاة شمسي”، وينشر فيديوهات يشرح فيها وجه نظره، كما ينشر صوراً تظهر اقتران الكواكب في محاولة للتأكيد على صحة تنبؤاته.

تتناقض “منهجية” فرانك بخصوص حدوث الزلزال، مع ما يقوله الرأي العلمي من أن الزلزال هو اهتزاز للأرض، وتتراوح قوته بين خفيف وعنيف، ناتج عن الحركة المفاجئة للمواد الصخرية تحت سطح الأرض، ويحدث الزلزال عندما تنزلق كتلتان من الأرض فجأة عبر بعضهما، ويُطلق على السطح الذي تنزلق منه اسم الصدع والحزام، ويُطلق على الموقع الموجود فوق سطح الأرض حيث يبدأ الزلزال اسم مركز الزلزال.

إضافة لذلك، ووفقاً لما ذُكر في موقع Physics Stack Exchange فإنّ الكواكب لا تؤثر على الزلازل على الأرض، ولكن الشمس والقمر يؤثران، وذكر الموقع أنّ الزلازل تحدث بسبب سلالات في قشرة الأرض، بينما سلالات الجاذبية التي تنتجها الكواكب والقمر والشمس على قشرة الأرض هي تأثيرات مدية.

هل تنبؤات فرانك صحيحة؟

بالنسبة لعلماء الأرض فطريقة تنبؤ فرانك غير صحيحة، وفي الأصل لا يمكن التنبؤ بالزلزال، بحسب ما تؤكد هيئة المسح الجيولوجية الأمريكية، وقبل الخوض في تفاصيل هذه الإجابة، فإن فرانك وعلى مدار سنوات يصدر توقعات بحدوث زلازل، ولكنها لا تحدث، وأجرينا فحصاً لعدد من التنبؤات، ونظرنا إلى التواريخ التي ذكر أن الزلزال سيحدث بها، وتأكدنا من عدم حدوث زلازل فيها.

أيضاً، أشار موقع logically البريطاني لمواجهة المعلومات المغلوطة، إلى أن المؤسسة التي يقول فرانك إنه يعمل بها، قالت في تغريدة في يناير/كانون الأول 2023، إن الاصطفاف الهندسي الحرج للكواكب، أو (المحاذاة الكوكبية)، من 19 إلى 22 يناير/كانون الثاني، قد تتسبب في وقوع زلزال بقوة 7 درجات أو 8 درجات بالقارتين الأمريكيتين خلال أيام قليلة.

أعاد فرانك نشر هذه التغريدة، وأشار logically إلى أنه عندما تمت مراجعة موقع “هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية”، لم يتم العثور على تسجيل لأي زلازل قوية في المنطقة أثناء تلك المدة.

أيضاً في 20 كانون الأول 2022، نشر حساب SSGEOS تغريدةً، تزعم أن زلزالاً كبيراً قد يقع في المدة من 23 إلى 26 كانون الأول دون تحديد موقع حدوثه، وأعاد فرانك نشر هذه التغريدة أيضاً، وبالنهاية لم تُسجل أية زلازل بقوة 7 درجات أو أكثر خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2022.

تجزم هيئة المسح الجيولوجية الأمريكية، بأنه لا يمكن لأحد حتى الآن التنبؤ بشكل دقيق بحدوث الزلزال، ولدى الهيئة ثلاثة معايير لا بد أن تتحقق جميعها في وقت واحد، حتى يمكن القول إننا أمام تنبؤ مفيد حقاً لحدوث الزلزال.

هذه المعايير هي: تحديد الموقع الذي سيحدث فيه الزلزال، ومتى سيحدث بالضبط، وشدة الزلزال، وبدلاً من ذلك ينتج الجيولوجيون أفضل تخميناتهم عبر ما تسميه هيئة المسح بـ”خرائط المخاطر”، حيث يحسبون احتمالية وقوع زلزال خلال إطار زمني يمتد لعدة سنوات.

تُشير هيئة المسح الجيولوجي أيضاً، إلى أن العالم يشهد في كل عام نحو 20 ألف زلزال، أو ما يقرب من 55 زلزالاً يومياً، وذلك ناجم عن حركة صفائح الأرض، ولكن الناس لا تشعر بجميع الهزات بسبب ضعفها

لماذا إذاً بدا تنبؤ فرانك صحيحاً في زلزال تركيا؟

لا بد من التذكير هنا مجدداً بأن فرانك يصدر على الدوام توقعات بحدوث زلزال، ولا تحدث، وبالنظر إلى توقعاته فهو يعتمد على أمرين أساسيين لزيادة حظوظ تحقق نبوءاته:

أولاً: فهو يتوقع حدوث زلزال في المناطق المعروفة أصلاً لدى علماء الأرض، ولدى عامة الناس المُهتمين بالهزات الأرض، بأنها مناطق نشطة زلزالياً، ويشبه البعض توقعات فرانك، بالقول إن المطر في منطقة ما سيهطل، لأن هذه المنطقة بالأصل ستشهد منخفضاً جوياً.

لذلك فإن تنبؤ فرانك بأن زلزالاً سيضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، ليس بجديد، بل هو أمر معروف.

زلزال

خريطة للمناطق المُعرضة لخطر الزلازل في أوروبا

ثانياً: لا يستطيع فرانك أن يحدد وقتاً محدداً ودقيقاً لحدوث الزلزال، وبدلاً من ذلك يتحدث عن فترات زمنية لا حدود لها، أي إنه يخبرك بأن زلزالاً قد يحدث في منطقة ما، ولكنه يعجز عن تحديد التوقيت، وقد يحدث في هذه المنطقة زلزال بعد يوم أو شهر أو عام أو أكثر، وهذا ما يجعل تنبؤ فرانك يبدو حقيقياً لدى البعض.

ولذلك إذا ما نظرنا إلى التغريدة التي تنبأ فيها فرانك بحدوث زلزال تركيا وسوريا، نجد أنه قال “عاجلاً أم آجلاً”، أي إن المجال الزمني لاحتمال حدوث زلزال يبقى مفتوحاً إلى ما نهاية، في منقطة هي بالأصل معروف عنها تعرضها للزلزال.

ما جعل البعض يعتقد بأن تنبؤ فرانك صحيح هو فقط عامل الزمن، إذ جاءت التغريدة قبل يومين من وقوع الزلزال، ورغم ذلك قوبلت تغريدته بالتشكيك من قبل الخبراء؛ لأن اعتماده على نظرية تأثير الكواكب على الأرض غير علمية.

في هذا الصدد، تُشير صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، إلى أن فرانك نشر، على مدار ثلاثة أشهر في عام 2019، تنبؤات بحدوث زلازل كبيرة خلال مدة 28 يوماً، وتضيف: “من خلال تقديم تنبؤات غامضة فإنه يضمن وقوعها بشكل صحيح بين الحين والآخر”.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]