بيروت … تفجير داخل الإنفجار !

فاديا مطر – الخبير السوري:

من على شرفات بيروت التي شهدت أكبر انفجار منذ قرن من الزمن تتموضع الكارثة ، و من شوارعها التي عصف بها ٤ آب تتسم الصورة الحقيقة لمشهد الانفجار المروع ، فالحقيقة باتت ضائعة مابين من حلت به النكبة و من يستجمع الداخل و الخارج لتطعيم مشهد الانفجار بتفجير يؤلم أكثر ، حيث لا تسعف الكلمات الصور ،و لا ترتب الخراب الأمنيات ، إلا أن مشهد الانفجار مازال يريد العصف بتفجير ما تبقى من شجر و حجر وبشر ، فهي ذات الأيدي التي صوبت منذ الدقائق الأولى للانفجار ناره باتجاه المقاومة كما جرت العادة و وثقت سابقاً أحداث عام ٢٠٠٥ ذلك ، و هي ذات الأجندة التي ما زالت تعتبر نفسها رابحة برغم الخسارة في العام ٢٠٠٦ و مشهد الانكسار الذي حل بالعدو الإسرائيلي ، فلم تعطي الدروس العِبر و لم تمل أيدي الخراب من التخريب ، حيث تقف الحكومة اللبنانية أمام فوهتي مدفع داخلي و خارجي بدت جاهزيته للإطلاق قبل إخماد نار مرفئ بيروت ، و لم تكن المقاومة ببعيدة عن ذات التسديد ، فالواقع يحرك ذاته باتجاه معين من التدويل إلى الدعوات للتخريب إلى محاولات استهداف الوزارات التي تُعنى بترتيب ما تحطم و التي مازالت تبتعد بنفسها عن مسائلة من السبب و لماذا ، وهي بانتظار الوقت المتبقي لإعلان النتائج من الفريق الحكومي و الأمني لشرح ما حدث ، ولعل استباق ما حدث قد حط رحاله في شوارع بيروت المنكوبة قبل أي إعلان رسمي سوى ما أعلنه في ذات اليوم الرئيس الأمريكي ترامب من أن انفجار بيروت يبدو ” مفتعلاً ” و دعمه بذات التصريحات الزائر الأول لبيروت بعد الكارثة قادماً من باريس ، و التي لم تخبئ جعبته المقصد ” الإنساني ” و السياسي و دفتر الشروط لمؤتمر باريس الداعم للبنان ، فالذي بدأه مانويل ماكرون يحاول بعض الشارع اللبناني استكماله في مشهد كان الإعلام المسموم سيده قبل و بعد الحدث ، و الداعم الإعلامي كان استنادا لقنوات ” إسرائيلية ” نفت ما جاء على لسان القنوات اللبنانية التي بثت الخبر ، فيما كان حديث سماحة السيد حسن نصرالله موصفاً للواقع و متجاوزاً لخبث تلك القنوات التي أفشلت نفسها بنفسها ، فالمراقب لجملة المشهد في بيروت الجريحة قد أصبح إمام تساؤلات جمة تشوبها استفهامات كثيرة و تعتصرها أحداث شارع يحاول التفجير بعد الانفجار ، فالمشهد الداخلي اللبناني بات بزمام من بصماته لم تغادر المكان ليغير المشهد من ما بعد الانفجار إلى مشهد ما قبل التفجير عبر متنبئين جاءت تصريحاتهم ما بين طلب الوصاية الدولية و التشكيك بقدرة الحكومة على النهوض و ما بين الاستقالة التي ربط بعضهم فيها نفسه بكلام الليل الذي محاه النهار ، لتقف ضفتي بيروت أمام استحقاق ربما يأخد ما وضعته الكارثة بعيداً عن متناول التشاركية التي جسدها المشهد الشعبي و الشبابي المتكاتف  بهول الكارثة ، فمحاولة إحداث تفجير بعد الانفجار تبدو حامية في رؤوس البعض من مرتهني الخارج لتكبير رقعة الخراب و تدمير ما لم يدمره انفجار ميناء بيروت ، و المستهدف ربما وسّعت رقعته بعض الأحزاب السياسية ليصل إلى خارج الحدود و إلى خارج خارج الحدود ، لكن الرسائل التي بعث بها سيد المقاومة للداخل و الخارج ستكبح طموحات من خابت أمانيه و ستفعل فعلها في مؤتمر باريس الذي لملم الكثير من متمني الخراب للبنان برغم تفاؤل سماحة السيد نصر الله الحذر من أن الوضع الخارجي حتى الآن جيد تجاه من يريد المساعدة ” الحقيقية ” للبنان في محنته ، فأي بصمات سترفع بيروت عن مفتعل مصيبتها ؟ و أي تكشفات ستحمل الأيام القادمة ؟ و أي مساومات ستعبر إلى مطار الحريري لوضع الشارع في بازار ابتزاز قبل البدء بالحديث عن مساعدات الشرق ، و هل فتيل التفجير أقرب إلى الماء منه إلى نار أخرى تجوب الشوارع السياسية و المالية ؟ كل ذلك رهن ببصمات من تلطخت يده في حادثة بيروت الأليمة و ما حملته من تغيرات لكل لبنان الإقليمي و الدولي ، في مقابل محور بدأ العمل بميثاق الشرف الوطني الذي لم يتخلَ عنه يوماً و قد دفع فيه الكثير من الدماء و العرق كما دفعت شوارع بيروت ، فالسائل لن يُطيل جوابه الانتظار حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود من الفجر.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]