مفارقات ما بين تحالفين!!.. بقلم: ناظم عيد

 

قد لا نملك توصيفاً للموقف الغربي من دخول روسيا –عسكرياً– على خط مكافحة الإرهاب في المنطقة، بأقل من كلمة ذهول، رغم أن لا مفاجآت مفترضة في تطورات الميدان المتسارعة، بعد المقدّمات السورية والروسية التي سبقت كل خطوة فعلية.

والواضح أن عاصفة من تنازع المشاعر تجتاح أروقة القرار في واشنطن وبعض العواصم الأوروبية و”ملحقاتها” الإقليمية ومنها “إسرائيل”، بين المباركة القسرية للفعل الروسي و”التحالف الرباعي” المعزّز بمبررات موضوعية لا تقبل الجدل بلغة الشرعية الدولية، وبين الرفض القاطع لما جرى تحت إملاءات المصالح والحسابات، فكان أصعب ما في المشهد هو عدم قدرة صاحب الاعتراض على إشهار اعتراضه والانصياع إذعاناً لخيار الصمت.

إلّا أن حمّى البحث عن مسوّغات لتسجيل مواقف منتقدة للتحالف مع الروسي وبالتالي داعمة للإرهاب، لم تتوقف على ما بدا واضحاً منذ البداية، وخرجت تجلّيات التصيّد البائس بصيغٍ كوميدية جديرة بالرصد بقصد التسلية، وللجادين على شكل قرينة دامغة بتورط المتورطين بإهدار دم كل سوري منذ بداية الإرهاب على سورية وحتى الآن.

فقد لاذت واشنطن بكذبة “المعارضة المعتدلة” وتحدّثت عن وجوب حمايتها من القصف، رغم أن الأمريكان باحوا – فيما يشبه التندّر– بتبخر “معتدليهم” وذهابهم باتجاه” داعش أو النصرة” ولعلهم توسّلوا أحداً ما لبقاء الخمسة الباقين من آخر دفعة اعتدال زجّوا بها نحو الميدان السوري، وكانت اعترافاتهم الكئيبة بذلك شيئاً يستدعي الشفقة!!.

أمّا الأوروبيون فقد طالبوا بالدقة في استهداف “داعش” وليس سواه من الجماعات الإرهابية الناشطة في سورية، فيما كانت “أخطاء” تحالفهم المزيّف مع واشنطن تركّز على المنشآت والمرافق الحيوية السورية!!.

وكانت أكثر الآراء التي أطلقها داعمو الإرهاب استفزازاً للسخرية، تلك التي ترى أن التحالف الجديد سيزيد “الصراع في سورية سوءاً” ..!! فهل كانت مواقفهم برداً وسلاماً على سورية والسوريين؟.

لا بأس فكل ما سبق مواقف تعبّر عن مصالح أصحابها، وقد لا تقف الأمور عند حدّ الاحتجاج الخجول، بل ربما نجد من يغامر بمواجهة ولو محدودة، كالتركي مثلاً إن كلّفه الأمريكي بلعبة “جس نبض”، أو “الإسرائيلي” الذي لا يقلّ عن سابقه ارتباكاً على اعتبار أن الطرفين أقرب الجوار الملفوحين بنيران الحرب على الإرهاب في سورية.

لكن الثابت أننا أمام منعطف لا يقبل العودة إلى الوراء بتاتاً، بعد أن بات الجميع مكشوفاً في مواقعه، والمواقف مُعلنة بلا مواراة كما كان في السابق، فالإرهاب يجب أن ينتهي في سورية، وعلى الأرجح ثمّة مصلحة لكل الأطراف في ذلك، فيما لو نظرنا إلى المسألة بمنظار مصالح شعوب المنطقة وحتى الشعوب الأوروبية أيضاً، لكن ثمّة معضلة نعتقدها سبب المخاوف من مثل هذه النهاية المتوقعة، وتبدو على شكل تساؤل بالغ الأهمية وهو: إلى أين سيكون مآل الإرهابيين الهاربين من سورية الآن ولاحقاً مع استمرار عمليات التطهير التي يقوم بها الجيش العربي السوري؟. لا نعتقد أن ثمّة جواباً شافياً أبعد أو أقرب مما كانت تحذّر منه الدولة السورية منذ بداية الحرب على سورية، والمتعلق بارتداد الإرهاب على مطارح إنتاجه.

فالتركي في ورطة فعلاً، لأنه المرشح الأكبر لتلقي الصدمات الارتدادية واحتضان من دفع بهم إلينا، أو ترحيلهم إلى حيث أتوه، وهذا سيصطدم بمعارضة الدول الأم لهؤلاء – وهي أيضاً في ورطة- إن في أوروبا أو آسيا أو الدول العربية، وهذه الأخيرة جاهرت بذعرها ولم تسعفها هشاشة البنى السياسية في المكابرة على مخاوفها.

المهمّ أن عجلة تقهقر الإرهاب تتسارع، وأخبار الميدان تتحدّث عن إنجازات مشرّفة، لا تقبل احتمالات العودة إلى مربعات سابقة، وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد أمس: “لدينا ثقة بأن التحالف بين سورية وروسيا وإيران والعراق لمكافحة الإرهاب يجب أن يكتب له النجاح وإلّا فنحن أمام تدمير منطقة بأكملها”.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]