هل ستعود سورية “يابان الشرق” ..قادة منظومة التصدير ووعود من ذهب..

الخبير السوري:

من ساحة الأمويين، ساحة كل السوريين، وإلى جانب السيف الدمشقي، وزنوبيا ملكة تدمر، وضع رمز هام أخر إلى جوار هذه المعالم التي تشكل تاريخ وحضارة ومستقبل لكل سوري مهما كانت انتمائه، “ماكينة نسيج” بألوان زاهية تبهج القلب، ساهمت في وقت سابق في تصدير منتجات “صنع في سورية” إلى مختلف أسواق العالم وتصدرت رفوف محلاتها بسبب جودتها العالية وسعرها المنافس، واليوم وأن تركت الحرب ندبات على هذه الالية وأدمت أيدي حرفييها إلا أن مهارة الصناعي السوري كفيلة بإزالة هذه الآثار وإعادة تشغيل محركها من جديد بحيث تعود منتجاتنا المحلية إلى أسواق الرئيسية وتكسب أسواق جديدة، وهو ما حصل فعلاً بدليل إقامة العديد من المعارض الداخلية والخارجية التي شكلت مصدر إبهار للمستوردين العرب والأجانب، الذين لم يستطيعوا إخفاء دهشتهم عند رؤية المنتجات السورية مشغولة بحرفة واتقان رغم الحرب الإرهابية على البلاد واقتصادها، فكيف يمكن لصناعيين تدمرت معاملهم بالكامل وربما سويت بعضها بالأرض بفعل الإرهاب إنتاج مثل هذه السلع بهذه الجودة، ليعرفوا لاحقا ًأن الصناعيين السوريين ومنهم كبار الكار أيضاً فضلوا العمل في أقبية تحت الدرج للحفاظ على منتجات “صنع في سورية” بحيث يضمون العودة إلى السوق بقوة عند جلاء شبح الحرب بالكامل عن حياتهم وصناعاتهم.

وجود ماكينة النسيج وسط ساحة الأمويين له دلالاته الكثيرة، ولعل أبرزها التأكيد للسوري قبل مواطن أي دولة أخرى أن صناعة النسيج، التي تعد أساس الصناعة السورية حية لا تموت، كالسوري نفسه، الذي مهما ألم به من مصائب ونكبات قادر على الوقوف على رجليه مجدداً، ومعاودة النهوض والسير وكأن شيئاً لم يكن، بل على العكس ربما زاده ذلك قوة وعزيمة على تحقيق ما يصبوا إليه، فكيف بصناعي يشهد له من الغريب قبل القريب بقدرته وبراعته على إنتاج سلع متقنة وبمواصفات تنافس أفضل السلع بالعالم، ولو ذلك لما عملت الكثير من الدول على استقطاب الصناعيين السوريين وتقديم لهم كل ما يلزم من أجل البقاء في البلدان المهاجرين إليها مع كل المزايا والعطايا لمعرفتهم الأكيدة أن ذلك سينعكس بالنهاية على اقتصاد بلدانهم جودة ومالاً، بدليل ما قام به الصناعيين السوريين في مصر والأردن وحتى تركيا الدولة التي سرقت ونهبت معامل الصناعة السورية وتحديداً في حلب، لكنها في الوقت ذاته لم تدخر جهداً لاستقطاب خيرة الصناعيين وأكثرهم خبرة وحرفية.

عرض ماكينة النسيج فكرة مبتكرة من إنتاج اتحاد المصدرين، الذي لا يولي جهداً لدعم صناعيي النسيج وفتح الأبواب أمام ترويج وتصدير منتجاتهم، واليوم هدفه من إعادة تمركز هذه الماكينة وسط دمشق للقول لكل مواطن يمر من عند هذه الآلة أن الصناعة المحلية قادرة على إنتاج سلع تغطي السوق المحلية بجودة عالية وسعر منافس وأفضل من المنتج المهرب والمستورد، ومن الضروري التوجه نحو دعم المنتج الوطني واختياره وتفضيله عن غيره حماية لجيبه أولاً واقتصاد بلاده من منتجات تنافسه في قعر داره، وربما اليوم يجدون في المهرب خيار لهم بسبب قلة الدخل لكن حينما يتحول البلد إلى مستورد سيتحمل وزر ذلك أضعافاً عبر تحكم الدول الأخرى برقابنا من خلال عرض منتجاتها الرديئة بأسعار مرتفعة، وهذا ما لا يرغب فيه أي سورية وخاصة أنه لطالما كان مرفوع الرأس بسبب سياسة الاكتفاء الذاتي لناحية المنتجات الصناعية والزراعية، “فمن يلبس مما يصنع ويأكل مما يزرع” لا يضعف أبداً.

مناسبة عرض ماكينة النسيج مجدداً في ساحة الأمويين، ومسارعة كل من يراها إلى التصوير بجانبها، هو إقامة معرض “صنع في سورية” للألبسة والنسيج ومستلزمات الإنتاج ربيع صيف 2019, الذي تمتد فعالياته من 14 الشّهر الجّاري لغاية الـ17 منه، وسط توقعات بتحقيقه نجاح لافت بعد سعي اتحاد المصدرين إلى مشاركة عدد كبير من الصناعيين في هذا المعرض الهام بغية الترويج لمنتجاتهم وعرضها بطريقة تجذب الزبون المحلي قبل الخارجي على شراء المنتجات المحلية علماً أن عدد الشركات المشاركة وصل إلى 300 شركة وهو رقم كبير نسبياً في بلد لا يزال يعاني من تداعيات حرب كونية غير مسبوقة.

وفي هذا الصدد أكد رئيس اتحاد المصدرين محمد السواح أن غاية المعرض هذا العام التأكيد على إمكانية إنتاج سلع بمواصفات جيدة تغطي كامل السوق المحلية، فالصناعي استمر بالإنتاج و التصدير رغم الظروف الصعبة التي واجهته خلال الأزمة، وإقامة معارض الألبسة دليل آخر على إدارة الحياة لدى الصناعي السوري، التي تشكل المعارض نافذة حيوية لتسويق بضاعته، وخاصة في ظل وجود رجال أعمال ومستوردين من 18دولة، وذلك يضمن الصناعي والمصدر السوري ضرب عصفورين بحجر واحد أي كسب الزبون المحلي عبر إنتاج سلع جيدة المواصفة بأسعار مقبولة، والزبون الخارجي من خلال إبرام عقود مع المستوردين أو أقله إعادة التشبيك معهم تحضيراً للتعاون في المستقبل القريب وخاصة أن الصناعة السورية بدأت تتعافى وتشهد نهوضاً يمهد إلى عودتها إلى سابق عهدها رغم محاولات الكثيرة من قبل الدول المتأمرة لمنع حصول ذلك بدليل اشتداد الحصار الاقتصادي لغايات في نفس منفذيه.

على أية حال وجود ماكينة النسيج وحدها كفيلة للقول للعالم أجمع أن سورية كانت في السابق يابان الشرق وستعود بقدرة صناعيها وإبداع مصدريها، فكيف عند معاودة إقامة هذه المعارض وتوجيه رسالة للعالم أجمع أن الصناعة السورية عائدة بقوة إلى أسواقها وبأجود الأنواع وأفضلها.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]