علموهم ولا تطعموهم..!

 

تنتابنا حالة من الاستهجان لدى سماعنا أرقاماً حول مدى اضطلاع رجال أعمال المجتمع الغربي بمسؤوليتهم الاجتماعية، وخاصة في ظلّ شبه انعدام ما قد يصدر عن مجتمعنا الشرقي من أرقام تُظهر أن الجانب الاجتماعي محطّ اهتمام قطاع الأعمال!.

وإذا ما أردنا الحديث عن الحالة السورية تحديداً، لا ننكر بداية أن هناك شريحة من رجال أعمالنا تضع الاهتمام بالجانب الاجتماعي والإنساني على سلم أولوياتها، من خلال تخصيص مبالغ مالية شهرية لعائلات بعينها تعاني ضنك العيش، لكن هذا الأمر للأسف لا يزال عبارة عن مبادرات فردية أو حالات محدّدة، ولم يرتق بعد إلى درجة الظاهرة الإيجابية، هذا على مستوى رجال الأعمال.

أما على مستوى الشركات الكبرى وخاصة المساهمة العامة منها، فنجد أن الأمر لا يزال في حدوده الضيّقة، إذ يقتصر نشاطها في الجانب الاجتماعي على بعض المناسبات كإقامة حفل إفطار في شهر رمضان المبارك، أو توزيع حقائب مدرسية في موسم افتتاح المدارس، أو تكريم بعض المتفوقين في الشهادة الثانوية وغير ذلك..!.

لعلّ المطلوب من هذه الشركات أكبر من ذلك، وخاصة فيما يتعلّق بتأمين فرص العمل بالنسبة لجميع هذه الشركات عموماً، إضافة إلى تسهيل الإجراءات التمويلية لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالنسبة للمصارف الخاصة تحديداً.

أما على مستوى اتحادات الغرف فلا ضير أن تلحظ إحداث صناديق خاصة لإقامة مشاريع إنتاجية متناهية الصغر موجهة لتوظيف المحتاجين، من خلال العمل على إنشاء قاعدة بيانات على مستوى كل منطقة تتواجد فيها فروع لهذه الاتحادات ترصد عدد المحتاجين للعمل والمساعدات الإنسانية، على ألا يقتصر تقديم هذه المساعدات بشكل عيني ونقدي إلا في حالات خاصة جداً، وإنما تتمّ المساعدة في إطارها العام من خلال توسيع قاعدة المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، أي على مبدأ “أعلمه الصيد خير من إطعامه السمك”!!.

ويبقى دور الجهات الحكومية هنا لرسم خارطة تنموية ترسخ العناقيد الصناعية، ولاسيما تلك المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالإنتاج الزراعي، لتصبّ منتجاتها في نهاية المطاف ببوتقة مستلزمات إنتاج المصانع والشركات الإنتاجية الكبرى وتدخل ضمن مكونات إنتاجها النهائي، فبذلك يمكن رفد اقتصادنا الوطني بتوظيفات استثمارية صغيرة تنعكس بالضرورة على نظيرتها الكبيرة من جهة، ونستثمر خاماتنا المجتمعية بما يخدم التنمية الاقتصادية ككل من جهة ثانية.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]