أموال ضائعة على الخزينة العامة تتحدى من يعترف بحقيقتها …ومسؤولون يهربون من مسؤولياتهم …

دمشق – الخبير السوري

لم تعد تقتصر المخالفات والتجاوزات التي ترتكبها شركات استثمار النقل الداخلي الخاصة على قلّة عدد الباصات واختلال حركة تواترها، إلى جانب تكديس الركاب بطريقة تفتقر إلى أدنى المعايير الحضارية، إضافة إلى انكفائها عن العمل مع غروب الشمس عدا مخالفات  التعرفة والاقتصار على خطوط وضعتها بنفسها، بل تعدّى ذلك ليصل حدّ تهرب هذه الشركات من تسديدها للرسوم والضرائب المالية المفروضة على باصاتها “كرسوم تجديد الترخيص- رسوم الفحص الفني – رسوم  التأمين” لصالح وزارة النقل، إلى جانب تهربها بالأساس من تسديد بدلات الاستثمار لصالح وزارة الإدارة المحلية والبيئة، إضافة إلى حصول الباصات المتوقفة عن العمل في هذه الشركات على مخصصاتها من مادة المازوت وبشكل يومي من شركة “محروقات”، وبحسب المعنيين في الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق فإن الشركة توقفت عن تقييم عمل هذه الشركات منذ سنوات لأسباب لا تزال غامضة، معتبرين أداء هذه الشركات خلال الأعوام السابقة غير سويّ عكس ما كانت عليه قبل العام 2011 إذ تميزت بالأداء الجيد، وبحسب رأيهم فإن مردّ ذلك هو نتيجة خروج ملف النقل الداخلي برمته من صلاحيات وزارة النقل لصالح وزارة الإدارة المحلية والبيئة التي لم تحسن التعامل مع هذا الملف بالشكل الأمثل!!.

 

(200) مليون

 

وأشار بعض المعنيين في الشركة إلى أن الحال في الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق ليست أفضل من حال هذه الشركات، إذ وقعت هي الأخرى في مطب المخالفات والتجاوزات رغم ما يقدّم لها من دعم مالي وصل عام 2014 إلى 200 مليون ليرة لصيانة وتأهيل عدد من الباصات المتضررة والموجودة في مرآب الشركة، أي بمعدل مليون ليرة لكل باص وذلك من ضمن بند “لجنة إعادة الإعمار”. كما تتمثّل المخالفات في الشركة -بحسب المعنيين- في آلية عمل سائقي باصات الشركة، إذ اتفقت إدارة الشركة مع سائقيها على استثمار الباصات لقاء دفع مبلغ مالي مقطوع يتمّ الاتفاق عليه بين الطرفين، على أن يتقاضى السائق مبالغ تكاليف الصيانة والإصلاح وغيرهما من الأعطال، ما أدى إلى تزايد أعطال الباصات.

 

تعطل (70) باصاً

 

وتطرق المعنيون في الشركة إلى الإشكاليات التي رافقت صفقة شراء باصات “جولدن دراجون” صينية الصنع عام 2015 المتمثّلة بالمخالفة الفنية لمواصفة المقصات، والمدونة في العقد المبرم مع الشركة المصنّعة والموردة، بأن تكون في هذه الباصات على شكل بوالين هوائية لا علب سرعة عادية، الأمر الذي أدى إلى توقف وتعطل أكثر من 70 باصاً من أصل 100 باص، والتي لم يمضِ على تشغيلها أكثر من عامين، مع الإشارة إلى أن التكلفة المالية للباص الواحد وصلت إلى أكثر من 60 ألف دولار، مرجحين أن سبب فشل الحكومات السابقة في حلّ موضوع النقل الداخلي، والذي تحوّل إلى أزمة مستدامة تقضّ مضاجع المواطنين على مدار الساعة، يعود لتواطؤ بعض المفاصل التنفيذية المعنية مع المستفيدين من حالة الفوضى الناجمة عن احتكار الخطوط من شركات النقل الخاصة.

ولدى محاولتنا وضع مدير عام شركة النقل الداخلي بدمشق المهندس سامر حداد بصورة هذه التجاوزات، للوقوف على مدى دقة حيثياتها، اعتذر عن الحديث وعدم الخوض بقضايا هي بالأساس معروضة ومتابعة من الرقابة- على حدّ تعبيره، مكتفياً  بالإشارة إلى قيام الشركة بإعداد دراسة هيكلة جديدة للشركة تتضمن الجانب الاستثماري والمالي لها.

 

تهرب من الرسوم

 

مدير مديرية النقل بدمشق المهندس ياسر المحمد أكد أن غالبية باصات النقل الداخلي الموضوعة في الاستثمار لم تجدّد ترخيصها في مديرية النقل، وبالتالي تكون قد تهرّبت من تسديد رسوم التجديد المفروضة على المركبات، إلى جانب تهربها من تسديد رسوم الفحص الفني ورسوم التأمين منذ سنوات، مبيناً أن قيمة الرسوم المالية للباص الواحد تصل إلى 100 ألف ليرة سنوياً، ما يعني خسارة وضياع ملايين الليرات على الخزينة العامة للدولة، طالباً من إدارة المرور متابعة وملاحقة الباصات المخالفة، موضحاً أن تأجيل الفحص الفني للمركبات لا يلغي الرسم المالي الخاص بالتجديد، نافياً إعطاء هذه المركبات أية وثيقة “كشف اطلاع” من المديرية ما لم يبادر مالكوها إلى تسوية أوضاع الباصات، مؤكداً أنه بإمكان مالكي هذه الباصات تسديد الرسوم المترتبة عليها من خلال دوائر النقل الموجودة في دمشق.

 

الربح فقط..!

 

بدوره عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة دمشق هيثم ميداني لم ينفِ المخالفات التي ترتكبها شركات استثمار النقل الداخلي، وسعيها الدائم للربح بدلاً من تقديم خدمة تليق بسمعة هذه الشركات، مؤكداً أن غالبية هذه الشركات لا تلتزم بالتعليمات الصادرة عن المحافظة لجهة تنظيم عملها، مبيناً أن الأعطال التي تتعرّض لها باصات شركة النقل الداخلي بدمشق الحديثة “جولدن” ناتجة عن علبة السرعة الخاصة بالباص وهي من النوع العادي، والتي كان من المفترض أن تكون علب السرعة لهذه الباصات بالأتوماتيك، كاشفاً عن استقدام 200 باص خلال 80 يوماً لصالح الشركة من أصل ألف باص تسعى الحكومة من خلالها لرفد أسطول شركات النقل الداخلي في محافظات: دمشق– حماة– حمص– اللاذقية.

يُذكر أن وزارة الإدارة المحلية والبيئة وضعت في خطتها للعام الحالي تطوير آليات العمل ضمن شركات النقل الداخلي من خلال تنفيذ نظام للمراقبة والحماية، وشراء الآلات والمعدات الضرورية لعملها، إلى جانب تأهيل عدد من الباصات لوضعها بالاستثمار مع تقديم الدعم اللازم للنقل الجماعي داخل المدن.

 

المصدر: البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]