“عاصفة” تطهير تجتاح الجمارك السوريّة …النقل الاحترازي ليس آخر جولة محاسبة الفاسدين..

 

عندما تبلورت صيغ إصلاح الجهاز الجمركي بقائمة من العاملين المنقولين إلى الجهات العامة، لم يك الإجراء من منطلق العقوبة التي يفسرها البعض من المصطادين على أنها خطوة بمثابة “النصف مكافأة”، فالدخول إلى أروقة التفاصيل و”ما ورائيات القرار” تظهر توجهاً لا يتعدى البعد الهيكلي والتراتبي المرتبط بتحريك عائدية ومرجعية العمل لنحو “12” موظفاً شاءت القضايا والملفات التحقيقية والتفتيشية أن يكونوا من الفئة الأولى أي من الصف القيادي الأول، وكلهم تم ترحيل أضابيرهم وذاتياتهم إلى وزارات أخرى، في وقت تؤكد المرجعيات صاحبة القرار في المديرية العامة للجمارك أن الشق الرقابي والتفتيشي والتحقيقي سيبقى قائماً وستتابع الجهات والأجهزة المختصة عملها ومتابعتها للمنقولين وهم على ذمة وزارات أصبحوا بعهدتها إدارياً وبذمة الرقابة والتفتيش “احترازياً”.

ومع أن مصادر جمركية مطلعة ربطت الخطوة بسيرورة مشروع حكومي واسع الطيف يرمي إلى “تنظيف” المؤسسة التي تحمل شعار “حماة الاقتصاد الوطني” من تراكمات قديمة من الملفات “الرمادية”، فإن ثمة عيون وصائية ترنو إلى أبعد من مجرد صدور قرار “يتيم” بل سيتبعه قوائم أخرى ضمن سياق مجريات إعادة الأداء الجمركي إلى نصاب الاعتدال والاستقامة في القيام بالأدوار وتطبيق المسؤوليات الملقاة على عاتق خندق التجارة الأول على ثغور الحدود والبوابات الجمركية البرية والبحرية والجوية، والتي تشتغل المكنة السياسية والأمنية والتنفيذية على ملف إعادة أهم وأجدر المنافذ الحدودية إلى حضن الدولة وبالتالي فتح معابر تدفق الحياة في الشريان الاقتصادي والتجاري للبلد المحاصر والمقاطع منذ سنوات طوال.

قد يبدو الانشغال الحكومي بوضع القطاع الجمركي برمته تحت مجهر المعاينة والفحص والتقييم على مستوى الإمكانيات والقدرات والتشريعات وعلى مستوى تصحيح الإعوجاج الذي صاحب عقود وجود هذه الجهة على صعيد الكفاءة البشرية المتهمة مسبقاً بالفساد والذي تفوح رائحته بمجرد أن سيلان لعاب الشباب على مسابقات القبول فيها، كل ذلك يبدو نتيجة طبيعية لمشروع الدولة في الإصلاح الإداري والإنتاجي، وهنا يرتفع منسوب التعويل الذي يثبته المراقبون والمحللون بأن “الجمارك” بقدها وقديدها مقبلة على مرحلة جديدة من “الولادة” الجديدة التي تضع المولود على السكة الصحيحة وتضع اليد على ثغرة مالية وضريبية وتعرفة قديمة في خاصرة الدولة الرخوة، ما يجعل المضي في هذا الخيار “المبارك” حكومياً وشعبياً إنجازاً محموداً يحسب لخانة الانتصار الاقتصادي في زمن الانجازات العسكرية والميدانية .

في قراءة بسيطة لقائمة القرار /1993/ الذي ذيل بتوقيع وإمضاء رئيس مجلس الوزراء تبدو وزارة الزراعة من أكثر الوزارات نصيباً بالمنقولين لتتبعها وزارة الإدارة المحلية والبيئة ومن ثم الموارد المائية، وتشتمل القائمة على نقل كل من “م ط”  – “أ ح”  –  ” ز ا”  –  “ر ن” – ” م  م” من الفئة الأولى إلى وزارة الزراعة و كل من ” ل ن” – ” ي ح” – ” م م” – “ي ح” من الفئة الأولى إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة ، وكل من “ب س” – “م م” – “ن أ” إلى ملاك وزارة الموارد المائية. وهنا حلل البعض من داخل “الجمارك” الأمر بشهادة المنقولين العلمية واختصاصاتهم، ورغم أن هناك من توقف عند المادة الثانية من القرار الذي يقول باحتفاظ الموما إليهم بقدمهم المؤهل للترفيع المقبل، ما يظهر أن هؤلاء ليسوا مرتكبين، فإن التطمينات تعيدنا إلى بادئ ذي بدء بأن المتابعة الرقابية مستمرة إن كانوا على ملاك الجمارك أم غيرها وفي حال ثبت جرم ما فلن يضيع حق وراءه الدولة.؟

البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]