اكتشاف الضلع الثالث والاهم في مثلث منظومة التأمين السورية

 

لن نكون أول المُستحدثين لمهنة “الوساطة التأمينية” عبر شركات أو وسطاء، وإنما هي المرة الأولى التي بدأ يتكشف فيها الحديث حول أهمية وضرورة اكتمال أركان القطاع التأميني في سورية، انطلاقا من ماهية “العمل الوسيط” في حلقات البناء المؤسساتي، وخاصة في قطاع التأمين الذي تجهد الحكومة كي يكون قطاعا ليس رديفا فقط بل أساسيا لاقتصادنا الوطني.

وفي هذا السياق لفتت مصادر مطلعة أن هناك مسعى لمثل هكذا خطوة، لكنها لا تزال في طور التريث والتحفظ “غير المفهومين”، مع أن هناك العديد من الدول في المنطقة قد سبقتنا بسنوات وأشواط عديدة تشريعيا وقانونيا وبنيويا وعمليا في هذا المضمار، الذي على الأقل من فوائده المثبتة فتح جبهات واستحداث فرص عمل عديدة لمواجهة حالات البطالة والعطالة التي فرضتها الأزمة، وتوازيا مع ذلك فتح أقساما تعليمية عليا لمناهج واختصاصات علمية جديدة تواكب متطلبات سوق العمل .

المطلوب قبلا..

فـ”الوسيط” سواء كان شركة أم فردا يعتبر وفقا لخبراء التأمين، حلقة الوصل بين العميل (المؤمن له) وشركات التأمين، وبالتالي فهو يشكل الضلع الثالث والأهم في المنظومة التأمينية، وله من الدور الكثير من الأهمية – إن كان مؤطرا ومدروسا ومنظما ومنضبطا ومراقبا – في تطوير القطاع التأميني، لذلك لا بد من أن تتكاتف جميع الجهات ليأخذ هذا الضلع مكانه ودوره كي يكتمل مثلث تأميننا، ولعل أول ما يجب المباشرة به وسريعا إعداد الجامعات كل ما يلزم لتحضير الكوادر والكفاءات العلمية ومدها بالخبرات المطلوبة لهذه المهنة، ليكون لها كيانا ينظمها مثله كمثل باقي المهن -على سبيل المثال: اتحاد، نقابة، جمعية، قطعا للطريق أمام المتوقع من “الدخلاء” عليها، لاسيما وأن حجم العمولات التي قد يتحصل عليها ليست بالقليلة مطلقا، إذ ستكون الحافز الأكبر لممارسة هذه المهنة التي تعتبر عالمية ومتواجدة في معظم دول العالم ولها كيانها واحترامها، نظرا لما للوسطاء من دور في تعميق الوعي التأميني، والقدرة على نقل وتسويق المنتجات التأمينية إلى المؤمن لهم (العملاء) على مختلف شرائحهم وأماكنهم.

لن نستبق الدور الذي يمكن أن يضطلع به وسطاء التأمين في سوق التأمين السورية، وما يراهن عليه في إحداث نقلة نوعية على صعيد القطاع عامة، إذا أن الأهم حاليا البدء بأن نعرف ما هي أنواع وساطة التأمين وتعريف كل نوع وعلاقته القانونية سواء بشركات التأمين أم بجمهور العملاء (المؤمن لهم) ، حيث أنه وبحسب خبراء التأمين قد  تختلف هذه الأنواع أو التعاريف أو العلاقة القانونية من دولة إلى أخرى حسب التشريعات التأمينية والاختصاص القضائي لكل دولة.

نمو مثبت

وللدلالة على أهمية شركات الوساطة التأمينية ونمو دورها وحضورها، نشير -على سبيل المثال- إلى ارتفاع عدد هذه الشركات في مصر ليصل إلى 57 شركة وساطة في التأمين وإعادة التأمين خلال الأربعة أشهر الأولى من عام 2016، مقارنة بـ 46 شركة خلال الفترة نفسها من العام 2015، بينما بلغ عدد وسطاء التأمين من الأشخاص الطبيعيين (الأفراد) 7922 وسيطاً في الفترة المذكورة من عام 2016 مقابل 7689 وسيطاً في نفس الفترة من العام السابق له، وذلك طبقا للقواعد والإجراءات المنظمة لنشاط الوساطة في التأمين، تطبيقا لأحكام القانون 10 لسنة 1981 ولائحته التنفيذية.

 موقعه في صناعة التأمين

ويجمع عدد من خبراء قطاعنا التأمين أن على وسيط التأمين واجب ائتماني في العمل والحصول على أفضل مصلحة للمؤمن له، وتقديم الاستشارة العملية الصحيحة، والتي تكون مستقلة عن أي تأثير لشركة التأمين من حيث الاستشارة المهنية، إذ يعتبر بعض هؤلاء الخبراء أن وسيط التأمين كالمحاسب أو المحامي أو الطبيب أو المهندس الذي يقوم بتقديم الاستشارة المهنية المحايدة، بناء على سنوات من الخبرة والتعليم والتدريب المستمر. وعلى سبيل الإيضاح، عندما يقوم المستأمن بالطلب أو بالترتيب للتأمين، فمن السهل عليه أن يختار طرق مختصرة للبحث عن أرخص الأسعار، دون التمعن في صيغ وثائق التأمين، أو الاستقرار المالي لشركات التأمين، أو خبرتها في دفع التعويضات والمطالبات. وغالبا ما تكون صيغة الوثيقة ذات التغطية التأمينية الأوسع لا تكلف إلا مبالغ إضافية يسيرة مقارنة بوثائق التأمين التقليدية.

وهنا يأتي –بحسب الخبراء- دور وسيط التأمين المهني، الذي يتعامل مع عدة شركات تأمين ولديه معرفة لأنواع متعددة من صيغ وثائق التأمين، فهو يتصرف في خدمة عملائه ومساعدتهم على اتخاذ القرار بالنسبة لتأمين الخطر المؤمن ضده، أو بالنسبة لأفضل أنواع الغطاء التأميني، أو لأي مدى ينبغي أن تكون تكلفة قسط التأمين؛ وقد يقدم الوسيط الاستشارة فيما إذا كانت هناك طرق أو وسائل أخرى لنقل المخاطر مثل التأمين الذاتي وغيره من منتجات التأمين غير التقليدية، وفي كثير من الحالات، فإن دور الوسيط يكون هو الأكثر أهمية كما في حالة حدوث مطالبات.

دور مفصلي

وبشكل ملخص يكمن الدور الذي تقوم به الوساطة التأمينية في تطوير وازدهار صناعة التأمين- وفقا لخبراء التأمين- في جملة من النقاط منها تأمين الكوادر التي تتمتع بمزيج من المعرفة الفنية، إضافة لدراية بالأعمال التجارية، وقدرة على التواصل، مع الناس، وامتلاك المهارات العملية؛ وكوسطاء مستقلين، يقوم الوسيط بدور الرابط بين العملاء وشركات التامين؛ وكذلك تقديم الاستشارات والتوصيات السليمة للعملاء وهذا العمل  في حد ذاته عاملا مهما في تطوير سوق التامين ليكون بذلك أكثر قدرة في المنافسة.

كما قد تتضمن تلك الاستشارات والتوصيات، تحليل شركات التامين الأكثر ملاءمة للعميل، ودراسة وتحليل الأنواع المختلفة من التغطيات التأمينية في السوق، والأهم الحصول على سعر تامين مناسب وعادل للمنتج المعين. وبالتالي يكون الدور الوسيط هو المساعدة في نمو الاقتصاد بشكل عام (زيادة الناتج المحلي القومي)، ونمو قطاع خدمات التأمين على وجه الخصوص، من خلال الاستشارات والتوصيات التي يقدمها وسطاء التأمين للعملاء، والذي يعتبر دورا مهما لتعزيز سوق التأمين ليصبح أكثر قدرة على المنافسة في صناعة التأمين. وفي بعض الحالات، يقوم الوسيط بعمليات المسح والمعاينة للممتلكات التي سوف يتم تأمينها للعملاء تحت منتجات التأمين المختلفة، والتفاوض على أسعار هذه المنتجات، وتقديم تقارير إلى شركات التأمين.

أما بعد..

يجمع التأمينيون على أهمية الدور الذي يقوم به وسطاء التأمين في نشر الوعي التأميني وفى تقديم النصح لعملائهم بشأن الحصول على أفضل تغطية تأمينية، خاصة وأن السوق التأمينية لا تزال أمامها فرص كبيرة للنمو والتطور، عبر استثمارات تأمينية جديدة، تلبي متطلبات سوق التأمين وبنفس الوقت يكون لها حضورها الفاعل في المساهمة بدعم الاقتصاد الوطني وكذلك في زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وعليه يجب الدراسة المتأنية في التأسيس للقادم من تغيرات، ولعل شمول هذا يجب أن يكون أولوية في قانون التأمين الذي لا يزال يشتغل عليه.

قسيم دحدل – البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]