جمعيّات تعاونية استهلاكية تمارس “النصب على الحكومة”..

 

يشوب عمل مجالس إدارات الجمعيات التعاونية الاستهلاكية الكثير من المخالفات والتجاوزات، حتى وصل الأمر بهذه الجمعيات لأن تستغل التسهيلات المقدمة من الحكومة، وتسخير بعض الإعفاءات الممنوحة لها لصالح بعض التجار بطريقة غير شرعية وغير قانونية وغير أخلاقية، من قبيل تقديم التأمين المؤقت عند التقدم للدخول بتعهدات الجهات العامة في الدولة، مستغلة في ذلك الإعفاء الممنوح لها بالقانون رقم 128 لعام 1957 المعدل بالقانون رقم 91 لعام 1958 بطريقة غير مشروعة من خلال الدخول بالمناقصات باسم الجمعية ولكن لحساب بعض التجار، وقيام الجهات العامة باتفاقات مع التجار من تحت الطاولة لتقوم الجمعية بالتدخل بهذه الصفقات باعتبارها جهة عامة حين تريد الجهة تمرير إحدى هذه الاتفاقات.

ممارسات خاطئة

وأمام هذه الطرق الملتوية التي تلجأ إليها الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في استغلال بعض الميزات الممنوحة لها، لابد لوزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك والشؤون الاجتماعية والعمل أن تضعا حدا لهذه الممارسات الخاطئة التي تسلكها هذه الجمعيات في هذا الخصوص، ولدى استطلعنا عن الموضوع أكثر لم يخف علينا وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عبد الله الغربي حقيقة هذا الموضوع وما تفعله بعض الجمعيات التعاونية الاستهلاكية من استغلال إعفاء هذه الجمعيات من تقديم التأمين المؤقت عند دخولها في المناقصات التي تطرحها الجهات العامة، ويكون دور الجمعية في المناقصة شكلي ووهمي ولا تستفيد الجمعيات من دخولها هذه مناقصات بشكل كامل، حيث تذهب الفائدة المادية للتجار حصرا المرتبطين مع الجمعيات ضمن نطاق “المصالح والمحسوبيات”، مضيفا أنه تبين مؤخرا أن العديد من مجلس إدارات الجمعيات التعاونية الاستهلاكية استغلت الإعفاء المذكور بطريقة غير مشروعة من خلال الدخول بالمناقصات باسم الجمعية ولكن هي في حقيقة الأمر لحساب بعض التجار.

الأسباب الموجبة

وقد خلصت المساعي بهذا الخصوص إلى إعداد مشروع مرسوم تشريعي يلغي الإعفاء ويلزم الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بدفع التأمينات المؤقتة عند تقدمها للدخول في التعهدات التي تجريها الجهات العامة في الدولة مع مراعاة أحكام المادة 46 من نظام العقود للجهات العامة الصادر بالقانون رقم 51 لعام 2004

وبينت مذكرة وزارة التجارة الداخلية المرسلة إلى رئاسة مجلس الوزراء الأسباب الموجبة لإلغاء الإعفاء المتمثلة بتلاعب بعض الجمعيات بهذا الإعفاء وتسخيره لصالح بعض التجار بعيدا عن مصلحة العامة للجمعية. وبحسب المذكرة فإن إيداع التأمين المؤقت مقرر للصالح العام بما يضمن ملاءة العارض وجديته بالتقدم للتعهدات التي تعلن عنها الجهات العامة ومما يحول دون استغلال مجالس إدارة الجمعيات وبعض التجار لهذا الإعفاء بطريقة تتنافى مع غاية المشرع من إقرار الإعفاء المذكور.

رأي مخالف

فيما لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رأي مخالف –وذلك بموجب مذكرة لها بهذا الخصوص- إذ لا ترى موجبات قانونية لإلغاء الفقرة 5 من المادة 1 من القرار الجمهوري رقم 128 لسنة 1957 وتعديلاته المعدل لقانون الجمعيات التعاونية الصادر بالقانون رقم 317 لسنة 1958 بحسبان إلغاء الإعفاء المذكور لا يتوافق مع المادتين “10- 13/3” من دستور الجمهورية العربية السورية لعام 2012 ومع غاية المشرع بتقديم الدعم للقطاع التعاوني على اعتباره رديفا للقطاع العام ويساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية  دون تحميل خزينة الدولة أي عبء مالي، إضافة إلى ما سبق فإن إلغاء هذه الفقرة سيؤثر سلبا على عمل القطاع التعاوني غير الاستهلاكي “عمل الجمعيات الأخرى: السكنية – الفلاحية – الخيرية” وكون نص الفقرة 5 من المادة 1 موضوع البحث جاء عاما يطبق على الجمعيات الاستهلاكية وغير الاستهلاكية  مع الإشارة إلى أن الجمعيات الاستهلاكية ليست جهات عامة، وإنما هي من جهات القطاع التعاوني الخاص يؤدي منفعة عامة وتعد أمواله أموالا عامة في معرض تطبيق قانون العقوبات الاقتصادية.

فيما تشاطر وزرة المالية رأي وزارة التجارة بضرورة إلغاء الإعفاء من تقديم التأمينات المؤقتة وذلك في ضوء المبررات المبداة من قبلها.

مبدأ المساواة

خبير قانوي مطلع على مجريات الموضوع أكد  أن الغرض من تقديم التأمينات سواء المؤقتة أو النهائية في مجال التعهدات العامة هو جدية العارض بالنسبة للمؤقتة وضمان التنفيذ والحصول على الاستحقاقات التي قد تترتب عليه بالنسبة للنهائية، مشيراً إلى أن هذا الإعفاء ينتقص من مبدأ المساواة في التقدم على المناقصات العامة ولكن يكون مقبولا بالنسبة للجهات العامة الاقتصادية أو الإنشائية التي تنفذ عقودا لصالح إحدى الجهات العامة باعتبارها تعمل بضمانة الدولة، ويفترض بمن يتقدم إلى المناقصة أن يكون تاجرا أو صناعيا أو مقدم للخدمات ويتحمل كافة الأعباء والتكاليف المترتبة على هذا النشاط بما في ذلك تقديم التأمينات، مقترحا السير بالمشروع المقدم من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لجهة إلغاء هذا الإعفاء والعودة إلى الأصل المقرر في مجال التقدم إلى المناقصات العامة وهو مبدأ المساواة بين جميع المتقدمين.

محمد زكريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]