خبير اقتصادي يطالب بالبحث عن 400 مليار ليرة ضائعة

 

نرى من المجدي الخوض بتفاصيل –أو بالأحرى- ملامسة بعض الأهداف التنموية للسياسة الضريبية، أكثر من البحث بأسباب انعدام الثقافة الضريبية، علنا نستطيع دك أول مدماك في أساسات هذه الثقافة، وبالتالي إقناع المكلف بأن الضريبة من العوامل الضامنة لاستمرار نشاطه الاقتصادي والتجاري، لاعتبارات تتعلق بأنها –أي الضرائب- مورد أساسي من الموارد المالية, وبأنها أداة رئيسية من أدوات السياسة المالية, تستخدمها الحكومة لتعبئة الفوائض الاقتصادية العامة والخاصة لتمويل التنمية, والتأثير على الاستثمار والإنتاج والاستهلاك والادخار والتشغيل.

ثلاثية

ويلخص لنا الخبير الاقتصادي الدكتور عدنان سليمان الأهداف التنموية للسياسة الضريبية بثلاثة أهداف أولها مالي ينصب على تعبئة الإيرادات لتمويل الإنفاق العام والإنفاق التنموي، والثاني اقتصادي يصبو إلى تحقيق توجهات التنمية عبر الاستثمار العام والخاص، أما الثالث فهو اجتماعي له علاقة بإعادة توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع لتخفيف حدة التمايزات الاجتماعية من خلال تشجيع الادخار والاستهلاك، الأمر الذي كان ينبغي فيه على الحكومات السابقة أثناء الأزمة استخدام الضريبة لتحقيق أهداف اجتماعية بتحرير مداخيل الفئات الأقل دخلا من الضريبة.

فالضريبة إذاً ركيزة أساسية بيد الحكومة لتوجيه الاستثمار الخاص تنمويا إلى القطاعات المحددة والمرغوبة حكومياً، باستخدام المحفزات والتسهيلات الضريبية، بحيث يتم منح مزايا أكثر جاذبية في هذه القطاعات تفضي إلى تخفيض كلف الإنتاج، وهذا الأمر يأتي ضمن سياق الآثار التنموية للضرائب، وهنا يشير سليمان إلى ضرورة العدالة الضريبة ووضوح السياسات الضريبية، لتحفيز الاستثمار والإنتاج لتزيد الحصيلة وتخفض نسبة التهرب الضريبي، وعلى أن تستخدم الضرائب بصيغ نسبية وليست دائمة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن فترة الانتعاش الاقتصادي غير فترة الانكماش والأزمة، ففي الأولى تزيد معدلات الضريبة للتأثير على التضخم والحد من الطلب، أما في الثانية فسيكون هناك زيادة بالإنفاق العام على حساب الاستثمار الخاص، وبالتالي لابد من تخفيض الضرائب لتشجيع الطلب وتحفيز الإنتاج أي تحرير جزء من الضريبة لزيادة الطلب والإنتاج. وذلك لكون أن الضريبة هنا متغير اقتصادي بيد الحكومة .

لم يحسم

واعتبر سليمان أن التهرب الضريبي عائق تنموي، مبيناً أن هذا التهرب يبنى عادة على  نمط من السياسات الاقتصادية الليبرالية التي لا تحبذ فرض ضرائب كبيرة على قطاع الأعمال وأصحاب الثروات, أما في الحالة السورية لم يحسم ذلك الجدل التنموي  -ظاهريا على الأقل- بين دور الدولة التدخلي في الاقتصاد, وضرورة إطلاق يد القطاع الخاص في إدارة السوق, مع أن كل المؤشرات تدل على أن الفاعلين الأساسيين في السوق يتغلبون تدريجيا على دور الدولة التدخلي، معتبراً أن الأزمة الراهنة أنموذجا.

وأضاف سليمان أنه إذا كان حجم التهرب الضريبي يقدر بـ 400 مليار ليرة فإن 70% منه لدى كبار المكلفين، وبالتالي لماذا لا يعامل التهرب الضريبي كما القروض المتعثرة..؟ مشيراً إلى أن مساهمة القطاع الخاص تتجاوز 65% من الناتج المحلي الإجمالي لكنه لا يسدد أكثر من نسبة 2% من الناتج الإجمالي، بينما يساهم القطاع العام بنسبة 30% من الناتج تصل نسبة ما يسدده يصل إلى 4% من الناتج الإجمالي.

منظومة

وخلص سليمان إلى أن التهرب الضريبي عائقا ماليا واقتصاديا أمام المهام التنموية كونه يحرر جزءا هاما من الإيرادات العامة لصالح منظومة الفساد المالي والاقتصادي، ويزيد عجز الموازنة والاقتراض الداخلي والتمويل بالعجز وكذلك التضخم، ويؤثر على تراجع الاستثمار العام وبالتالي انخفاض الدخل الوطني .

وبين سليمان أن إصلاح النظام الضريبي يتطلب ربط الإصلاحات بالسياسات المالية اقتصاديا  لا أن تبقى إجرائية لجهة تعديل الأنظمة والقوانين، وتكريس العدالة الضريبية من خلال تبسيط النظام الضريبي, واستبعاد الفقراء وأصحاب الدخول المنخفضة من العبء الضريبي .إضافة إلى توسيع الأوعية الضريبية وترشيد معدلات الضريبة والانسجام والتناسق بين الأدوات والمفاهيم الضريبية مع استبعاد العامل البشري باعتماد التقني.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]