التشاركية حكايا للتسلية وفي الصباح كلام آخر…

 

لنا حكاية مع شركة بردى ذات التاريخ العريق، نعرضها ليس لأنها الوحيدة أو الفريدة وإنما مثالاً وحالها ينطبق على واقع قطاعنا العام برمته منذ عشرين عاما، ففي بدايات تعثر شركة بردى جاء على لسان مديرها آنذاك الذي نطق حينها من حيث لا يقصد إن الشركة تنتج عبر خطوطها برادات وغسالات لشركات “الحافظ وبنكوان وهاي لايف”وغيرهما وعندما سألناه عن السبب أجاب بجملة واحدة “الخاص يعمل بعقلية التاجر” باللون والشكل والتسويق والزبون، بينما نحن نعمل وفق البيروقراطية المكتبية.

اليوم يلمس القاص والداني حال شركة بردى العريقة المزري وما آلت إليه الشركات الخاصة الموما إليها، بسبب العقلية المتحجرة، وبالتالي فمن المعيب أن تؤجر أو تعرض للتشاركية، مع الإشارة إلى أن قصة شركة بردى المقتضبة تختصر وضع القطاع العام اليوم ومن يصر على التشاركية بهذه الطريقة..!.

رابحة بالفطرة

رغم تأييد الدكتور محمد أكرم القش/ جامعة دمشق/ لفكرة التشاركية واعتباره بأنها رائدة، إلا أنه يتحفظ على طرح القطاعات الرابحة بالفطرة والقائمة منذ عشرات السنين للتشاركية، خاصة وأن بناها التحتية جاهزة ولا تحتاج سوى لإدارة نزيهة وحكيمة حتى تحلق وتستمر بالنجاح. فالأجدر أن نبحث عن قطاعات وليدة وجديدة ونطلب من القطاع الخاص أو حتى التعاوني أو المشترك المشاركة فيها وهذا عين العقل. ولكن اللافت في هذا السياق هو عرض القطاع الرابح للاستثمار أو التأجير، والتمسك بالخاسر..!.

لب القانون

فيما غاص الدكتور زكوان قريط كعادته بالعمق حتى وصل لب الحقيقة، مبيناً أن هدف القانون رقم 5 لعام 2016 حول التشاركية بين القطاعين العام والخاص هو تمكين القطاع الخاص من المشاركة في تصميم أو إنشاء أو بناء أو تنفيذ أو صيانة أو إعادة تأهيل أو تطوير أو إدارة أو تشغيل المرافق العامة أو البنى التحتية أو المشاريع العائدة ملكيتها للقطاع العام وتشجيعه على الاستثمار في ذلك. وضمان أن تكون الخدمات المقدمة عن طريق هذه التشاركية قائمة على أسس اقتصادية سليمة وكفاءة عالية في الأداء وأن تقدم بالأسلوب الأنسب وتحقق قيمة مضافة إلى الموارد المحلية. وضمان الشفافية وعدم التمييز وتكافؤ الفرص والتنافسية وسلامة ومشروعية جميع الإجراءات الخاصة بعقود التشاركية وذلك لضمان تأدية الخدمات على نحو يتوخى المصلحة العامة مع ضمان حقوق جميع الأطراف ومنهم المستفيدون النهائيون من الخدمات والمستثمرون من القطاع الخاص.

توأمة

دائما من المعروف لا يحك جلدك مثل ظفرك وفق تعبير الدكتور قريط، وبالتالي فالأجدر أن نفعل بشكل كبير التشاركية بين مؤسسات وجهات القطاع العام فيما بينها، وكسر الروتين الإداري والبيروقراطية وإزالة العقبات التي تحول دون تشارك بل توأمة مؤسسات القطاع العام وتشجيع أية مبادرة تصب في هذا الإطار. لذلك فلنبدأ بفكرة تشارك القطاع العام مع العام لكي ينهض و يقلع قدما ومن ثم ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي التشاركية بين العام والخاص.

على المكشوف

في الدول المتقدمة أو التي تحكمها المؤسسات والقوانين الصارمة تعرض القطاعات المستحيلة أو الصعبة  للاستثمار أو للتشاركية فإن خسرت لا أسف عليها، وإن ربحت فهذا يعود بالخير لخزينة الدولة في المستقبل المتوسط والبعيد، ولكن في بلدنا وهذا مثير للاستغراب أن القطاعات الرائدة والكبيرة والرابحة تعرض للتشاركية، وأمر طبيعي أن يتقاتل على استثمارها رجال أعمال محليين أو إقليمين أو شركات دولية كبيرة لان الربح مضمون 1000% لان البنية التحية جاهزة واليد العاملة والخبرة موجودة والمواد الأولية متوفرة والقروض ممكنة..!.

 عارف العلي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]