هدر الـ 11 مليار دولار..!.

حسن النابلسي

استوقفتنا معلومة مستقاة من إحدى الدراسات حول الجدوى الاقتصادية الضائعة للذهب الأبيض في سورية، تختزل مشهد الهدر المستشري –بقصد أو بغير قصد- في ثنايا ثرواتنا المتداخلة بتفاصيلها لتفضي إلى مخرجات تصب في بوتقة ناتجنا القومي…!.

فحوى هذه المعلومة باختصار شديد..أن سورية كانت تنتج 700 ألف طن قطن في العام قبل الأزمة، بمردود مالي يقدر بمليار دولار ما بين تصدير وبعض التصنيع البدائي، في حين أن القيمة المضافة لتصنيع القطن من محبوب إلى محلوج إلى خيوط إلى نسيج ومن ثم ألبسة تعادل 8 أضعاف قيمته الأولية، بمعنى أن الكغ الواحد من القطن المعادل قيمته وقتها دولار واحد فقط ينتج 5 كنزات “تي شيرت” ثمنها 8 دولار.!.

هذا فضلاً عن مخلفات القطن التي كان يتم حرقتها أو قلعها، والتي كان يمكن أن تنتج 5 مليون طن خشب  MDF  الذي نستورده من الخارج، بقيمة 2 مليار دولار، بالإضافة إلى الميرسيليزيه المستخدم كعلف للحيوانات بما يعادل مليار دولار..!.

أي أن هناك ثروة ضائعة بقيمة 11 مليار دولار كانت تذهب هباء منثوراً، هذا على صعيد محصول واحد فقط، فما بالكم في حال الحديث عن بقية المحاصيل الزراعية، والمكونات الاقتصادية الأخرى، فالرقم سيتعدى ذلك بأضعاف أغلب الظن ستكون مضاعفة..!.

هذا الحديث يقودنا بالضرورة الحتمية إلى تفعيل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الكفيلة بالاضطلاع بمسؤولية تصنيع وتدوير مخلفات الإنتاج..!.

فطالما كان هذا الركن الاقتصادي محط الاهتمام الإعلامي أكثر من الحكومي، إذ اقتصر الأخير على التغني به في المحافل والمؤتمرات الاقتصادية، مع وضع بنية تشريعية تصبو لإعطاء تسهيلات تشجع من حيث المبدأ والظاهر على تنشيطه، مع انكفاء غير مفهوم من جهة التمويل..!.

ولعل من المناسب التذكير في هذا المقام بمشروع إحداث صندوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة، برأس مال قُدرَ حينها بـ5 مليارات ليرة سورية، والذي سبق وأقرته الحكومة منذ ما يزيد عن أربع سنوات ولم يبصر النور إلى الآن..!.

ونعتقد أن ثمة دوافع أخرى غير الفرص الضائعة، يفترض أن تدفع بقوة ليس باتجاه تأسيس صندوق برأس مال 5 مليارات، بل بأكثر من ذلك، ليس أولها تأمين فرص عمل ولا آخرها تأمين حاجة السوق من مواد يمكن الاستغناء عن استيرادها..!.

فالحكومة التي استطاعت تحقيق نجاح ملحوظ بملف القروض المتعثرة، قادرة على إيجاد صيغ لتمويل هذا النوع من المشروعات، ويمكن – على سبيل المثال- توظيف ما تم تحصيله من قروض كانت بحكم المنسية أو المستعصية على التحصيل، كنواة لمشروع الصندوق آنف الذكر.. ولنا بعدها أن نرى انعكاس ذلك على كثير من مناحي اقتصادنا..!.

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]