رؤية احترازية بتوقيع خبراء ..كي لا تتكرر تجربة القروض المتعثرة..

لم يعد عمل المصارف الحكومية عملا تقليديا يعتمد على تسليف القروض وتكديس الأرباح، فالمصارف العالمية بمجملها تعمل على دعم الاستثمارات وإقامة المشاريع لزيادة أرباحها بالإضافة إلى عملها التقليدي، فلابد إذا من ربط تطور عمل المصارف بعوامل هامة جدا تتعلق بآليات العمل وبالقوانين والأنظمة التي تسيّرها، والأهم ضرورة وجود شبكة اتصالات تستطيع تسهيل التعاملات مع المصرف، وربط الشركاء مع بعضهم البعض، وإمكانية التواصل معهم بشكل دائم وبدون انقطاع، ولن ننكر أن هناك أصواتاً داخل مؤسساتنا المصرفية تدعو لوجود شبكة مصرفية وطنية تضم عمل جميع المصارف في سورية، وربطها مع بعضها البعض وتسهيل عملها مع الشركاء والزبائن لتلك المصارف.
تسهيلات
رغم انشغال مصارفنا في ملاحقة المتعثرين، وإعادة المال العام إليها، والمحافظة على موجودات المصرف، إلا أن هناك أحاديث جانبية تدعو إلى تطوير العمل المصرفي في سورية للاستعداد للمرحلة القادمة، وهنا يوضح معاون مدير المعلوماتية في المصرف العقاري حازم النوري أن عمل المصرف حاليا يسعى لإيصال خدمة الصراف الآلي إلى جميع المناطق والمحافظات السورية لتقديم كافة الخدمات للمواطنين، كما يولي المصرف أهمية كبيرة لإعادة توزيع الصرافات الموجودة حاليا لديه. ويؤكد النوري في حديثه لـ”البعث” أن المصرف يتابع تعاملاته مع الزبائن بشكل طبيعي، لكن هناك بعض المشكلات الناتجة عن انقطاع التيار الكهربائي مما يؤثر على عمل جميع الصرافات الآلية الموزعة في جميع المناطق، مشيراً إلى استمرار المصرف بأعمال صيانة الصرافات بشكل سريع وبالاعتماد على كوادره الخاصة، لتحقيق أكبر قدر من التسهيلات المباشرة، وغير المباشرة لعدد كبير من الزبائن، ويضيف هناك ضغط كبير تسببه جدولة الرواتب، فهناك 586 مؤسسة وشركة عامة وخاصة موطنة لدى المصرف.
تصريحات
أشارت العديد من تصريحات أصحاب القرار في المصرف العقاري إلى أن حجم الودائع الموجود لدى المصرف يعتبر كبيرا بالمقارنة مع السنوات السابقة التي كان لها تأثيرها السلبي في انخفض حجم الإيداعات المصرفية، وبحسب التصريحات فإن المصرف العقاري يملك سيولة زائدة بحدود مليار ليرة سورية هي قيمة الودائع، وأن هناك توازن ما بين حجم الإيداعات وحجم التسليفات، بالإضافة إلى حالة الاستقرار في كتلة الودائع العامة لدى المصرف، أما فيما يتعلق بالبحث عن حلول بديلة للوصل إلى تنفيذ العمليات المصرفية يضيف النوري هناك توجهات حول دراسة علمية لنظام مصرفي جديد شامل يمكن من خلاله تلبية متطلبات الحسابات الجارية والقروض وأنظمة البطاقات وغيرها، فالنظام الحالي الذي يتم العمل عليه حاليا لم يعد يحتمل كمية البيانات المكثفة مما يسبب بطء في استيعاب المعلومات الجديدة ويؤثر أيضا على سرعة الخدمة المقدمة للزبائن والعملاء.
نظام جديد
إن وسطي الإيداعات في المصرف العقاري بجميع فروعه يبلغ بشكل يومي 200 مليون ليرة، في حين تبلغ الإيداعات شهرياً 5 مليارات ليرة، أما السحوبات فتصل بشكل شهري إلى 3 مليارات ليرة، وهذا يعني أن العقاري يسجل بشكل شهري إيداعات صافية تصل إلى 2 مليار ليرة سورية، ما يشير بالنتيجة إلى كثافة المعلومات على النظام القديم ويشكل تحدياً أمام المصرف وخاصة أن الأخير قادم على مرحلة جديدة لإعادة الأعمار، والتي تتطلب فعلا وجود شبكة مصرفية وطنية شاملة تسمح بتقديم خدمات جديدة للزبائن، وبحسب النوري فإن هناك احتياجات ومتطلبات كبيرة للعمل في المرحلة القادمة كتوفر شبكة معلومات مشتركة للمصارف عن الزبائن والعملاء، وتسهيل التعاملات الخارجية وتوفر الحماية الالكترونية للمعاملات، وهذا يحتاج إلى دراسة أخرى متعلقة ببنية التجهيزات والاتصالات والكوادر الفنية لها لاستكمال دراسة نظام مصرفي جديد يحقق التكامل في عمل المصارف جميعها ضمن آلية مشتركة وواضحة.
ازدواجية التعامل
ترتبط المصارف العامة في السوق السورية مع بعضها من خلال شبكة ذات وثوقية عالية حول تفاصيل العملاء من جهة الملاءة والتعامل، وإحداثات تعاطيهم مع المؤسسات المصرفية مع جميع المصارف، ويشير خبير اقتصادي بأنه لابد من الاعتراف بأن انفراد أي مصرف في معرفة السيرة الذاتية للزبون لا يخدم المصارف الأخرى في وقت تبدو جميع المصارف بحاجة لمعرفة كل شي عن هذا الزبون، لأنه ببساطة يمكن أن ينتقل من عميل في مصرف لسنوات إلى مصرف آخر دون معرفة خصائص تعاملاته طيلة تلك السنوات خاصة إذا كان هذا الزبون مرتبط بإشكاليات كبيرة مع مصارف أخرى، ويرى الخبير أنه في ظل غياب شركة مصرفية وطنية شاملة يمكن أن يكون الزبون عميل في العديد من المصارف، وهذا يعتبر ازدواجية يمكن أن تؤدي إلى الحصول على خدمات وميزات غير متاحة في الأنظمة المصرفية، فعلى سبيل المثال يمكن لزبون الحصول على قرضين مصرفيين وبالتالي ترتيب اقتطاعات لا تسمح بها الأنظمة النافذة.
توطين
مشكلات عديدة تسبب بها غياب شبكة مصرفية وطنية شاملة، ولعل أهم تلك المشكلات هي القروض المتعثرة التي مازالت الحكومة إلى الآن تسعى إلى إيجاد حلول لها، وهذا يعتبر درسا هاما يجب الاستفادة منه، وبحسب الخبير فإن إحداث هذه الشبكة كفيل بمنع إيقاع أحد المصارف كضحية لزبون متعثر في مصرف آخر وعدم الاضطرار إلى الاعتماد على الطريقة التقليدية كالمراسلات والتعاميم بشأن الزبائن المشكوك بمصداقيتهم وتعاملاتهم، كما أن وجود شبكة مصرفية وطنية شاملة يتيح للمصرف المركزي السوري إمكانية مراقبة وضبط عمل المصارف بدقة عالية وتنفيذ مهمتها بالرقابة والتنظيم لعمل جميع المصارف بآلية أكثر مرونة وكفاءة دون الرجوع إلى كل مصرف بعينه، وتجدر الإشارة إلى هنا أننا لا نريد إعادة اختراع البارود وإنما نطبق نمط عالميا تأخرنا كثيرا في توطينه.
ميادة حسن

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]