محاولات جديدة لإعادة التوازن إلى الميزان الزراعي ..بين الإنتاج والتصنيع سعي لإتجاد الموارد الضائعة…

 

لا شك أن حديث وزير الزراعة أحمد القادري  حول الخطة الإنتاجية الزراعية لموسم 2016-2017، وأن ما يميزها هو “زيادة المساحة المزروعة لمحصول القمح، ودعم زراعة المحاصيل العلفية والاهتمام بموضوع الثروة الحيوانية” على غاية كبيرة من الأهمية، لاسيما أنها تستهدف التركيز على محصول إستراتيجي بات ورقة رابحة لدى أي دولة، كونه مرتبط بالأمن الغذائي، خاصة وأن بعض التقارير الصادرة عن عدة منظمات دولية بين الفينة والأخرى تلوح بأزمة غذائية عالمية في الأفق نتيجة للتغيرات المناخية التي تجتاح العالم.

حتمية

يحتم هذا الأمر على الوزارة ضرورة توجيه الاهتمام وتركيزه على وضع السياسات والخطط الزراعية الكفيلة بإنتاج أفضل المحاصيل بحيث لا يتأثر الإنتاج الكلي قدر المستطاع، أو يستعاض عن بعض المحاصيل بأخرى تتناسب وتقلبات المناخ الأخيرة بشكل يضمن سيرورة الإنتاج ويحقق أكبر قدر ممكن منه، ويتطلب هذا الأمر الاستغناء عن المنتجات غير المجدية اقتصادياً واستبدالها بأخرى ذات جدوى عالية، أو توزيعها على المناطق الملائمة أكثر لإنتاجها، إضافة إلى ضرورة التركيز على مدى مكافئة المنتج الزراعي وموازاته للطاقة التصنيعية الموجودة في المنطقة المنتجة له بحيث تستوعب كل ما يتم إنتاجه، أي يجب العمل على تحقيق القيمة المضافة العالية من منتجاتنا بحيث نحرص على تصديرها مصنعة بدلاً من تصديرها خاماً.

إياكم وبيع الماء..!

وفي ذات السياق نشير إلى ضرورة أن يكون لدى وزارة الزراعة دراسات جدوى اقتصادية، تحدد مدى العائد المحقق من المحاصيل المروية، إذ يمكننا في هذا المقام اعتبار بعض المحاصيل ذات التكوين المائي الكبير “مثل البدورة” إن صح التعبير، هو مستنزف كبير للموارد المائية، وبالتالي فإن بيعها يعني – وفق جدليات ومفاهيم علم الاقتصاد- بيعاً للماء، ما يستدعي أن تلحظ الخطط الزراعية المناطق الملائمة لهذه الأنواع من المحاصيل، وإلزام الفلاحين بها، بعد تقديم الدعم اللازم لهم.

ضرورة الإلغاء.!.

وما ينسحب على الشق النباتي ينسحب على الحيواني أيضاً إذ بين مصدر مسؤول في وزارة الزراعة  أن هناك مشاريع إنتاجية يجب أن تلغى تماماً كالمسامك الموجودة في سهل الغاب والمعتمدة بشكل كبير على المياه الجوفية، حيث يتم ضخها 24 ساعة متواصلة لتغذية هذه المسامك وهو أمر غير مقبول على الإطلاق، لأن ما يستخرج من باطن الأرض لا يعوض بسهولة، حيث يفترض أن يكون الاستجرار على قدر الوارد لتأمين تغذية المياه الجوفية، وبالتالي تأمين الأجيال اللاحقة.

تحكم

وفيما يخص محصول القمح اعتبر المصدر أنه بلا شك سلعة أساسية للأمن الغذائي في سورية، ويجب أن يقوم على وجود مخزون إستراتيجي لا يمكن التفريط به إضافة إلى حاجة الاستهلاك التي يمكن تقديرها سنوياً، وإذا أنتجناه مروياً فنحن قادرين على التحكم به إلى حد كبير وتقدير الكميات الممكنة، ودعم ما يكفي لتعويض أم تبديل المخزون الإستراتيجي والاستهلاك المحلي، أما أن نقوم بإنتاجه بهدف تصديره للخارج فهذه خسارة لأننا بالنتيجة نصدر مياهاً، مركزاً على أن الحل يكمن بإنتاج كفايتنا من هذه السلع مع الأخذ بعين الاعتبار أن يكون المخزون الإستراتيجي لثلاث مواسم قادمة بناءً على ما نملكه من مخزون وما هو متوقع من الإنتاج.

الخلاصة..

ربما يمكننا تلخيص الخطط والسياسات الزراعية بأنها مجموعة من الإجراءات والقرارات التي تحفز المزارعين على إتباع نهج معين في الزراعة، ولتطبيق هذه القاعدة لابد من القائمين على قطاعنا الزراعي أن يلزموا فلاحينا بالخطة السنوية المعتمدة في جميع مناطقنا حتى نحقق التكامل بالإنتاج وألا يكون هناك فائض بمحصول على حساب محاصيل أخرى تستنزف مواردنا دون تحقيق الجدوى والقيمة المضافة كي نحافظ في نهاية المطاف على تأمين استهلاكنا السنوي ونحافظ على إمكاناتنا ومواردنا الزراعية لأعوام قادمة..!.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]