بالوثائق والاعترافات… تجاوزات ومخالفات الجمعية الخيرية للرعاية الاجتماعية بحماه تحرج وزارة الشؤون…

من المسؤول عن التصرف بـ /1250 / طناً من الطحين، وإخفاء عشرات الوثائق يعزز شكوك التلاعب؟! هل دخل الطحين إلى المستودعات أم لم يدخل؟! وهل تم بيع قسم كبير منه للمخابز السياحية بحماة أم لم يبع؟!.. تساؤلات شغلت الأهالي في محافظة حماة أكثر مما شغلت المعنيين، فهذا السجال بدأ منذ عدة شهور ولم ينته، ولم تستطع الجهات المعنية لا في حماة ولا في وزارة الشؤون الاجتماعية حسم الأمور، وهذا ما أدى إلى اتساع دائرة الاتهامات، والضحية المحتاجون للسلل الغذائية ورغيف الخبز من المهجّرين والفقراء؟!.
ولكن في المقابل هناك من يرى في مجلس إدارة الجمعية الخيرية للرعاية الاجتماعية بحماة، الحالي، الصورة الناصعة المشرقة، في حين يرى الطرف الآخر الصورة الضبابية المغموسة بالفساد، والممارسات التي لا ترتقي للعمل الخيري بصلة، وبين هذا الرأي والرأي الآخر تقف وزارة الشؤون عاجزة عن إبداء الرأي، وإنهاء الجدل، وكأن ما يجري في هذه الجمعية يجري على سطح القمر أو في الموزمبيق، رغم أن خزائنها امتلأت بالمراسلات والملفات الرقابية التي أرسلت لها عدة مرات، كما قال الدكتور غسان خلف محافظ حماة.
إتلاف الوثائق
أعضاء مجلس الإدارة الحالي للجمعية يقولون: نحن لا غبار على /شغلنا/، والمعنيون، ومجلس الإدارة السابق، والعشرات، إن لم نقل المئات من المواطنين يؤكدون بأن الفساد والتجاوزات تنخر في عمل الجمعية ويومياتها حتى نقي العظام، ويكفي إتلاف الوثائق وشراء كميات كبيرة من الأدوية بلا طائل، وتأجير رياض الأطفال، وحفر الآبار التي تطرح عشرات الإشارات الاستفهامية والتعجب؟!.
حالة الجمعية الخيرية للرعاية الاجتماعية بحماة كحال قصة ابريق الزيت، أو السيرة وانفتحت، بدليل ما تعيشه من تجاذبات وانقسامات بين مؤيد لمجلس الإدارة الحالي، ومعارض الآمر الذي يعيق العمل وتقديم الأعمال الخيرية لمحتاجيها، وضياع حقوق المهجّرين.
ولعل أكثر تعبير ووصف سمعته حول الجمعية ما قاله مصدر مطلع ومقرب من مجلس الإدارة: «يا أخي إذا كانوا مرتكبين وبحقهم أخطاء يجب أن يتم إعفاؤهم، وإذا لم يكونوا كذلك /حلّوا عنهم/، ودعوهم يشتغلون».
/البعث/ تفتح للمرة الثانية ملف الجمعية الخيرية الاجتماعية بعيداً عن الاصطفافية، وبكل حيادية، وكل ما سيرد ذكره في سياق التحقيق هو كما جاء في الكتب الرسمية الموجودة بحوزتنا، وبحسب إفادات المواطنين، ومجلس الإدارة الحالي، والموجودة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية.
والسؤال الهام المطروح الذي لا يمكن تجاهله أو تفاديه: لماذا لم تتعامل وزارة الشؤون الاجتماعية بحزم مع هذا الملف، فإما أن تقول بأن كل ما جاء في طيات الرقابة عار عن الصحة، أو أن تؤكدها، وتتخذ الإجراء اللازم، أما أن تقف مع الشاكي ومع المشتكي في آن واحد فهذه ازدواجية، وعدم جرأة في تحديد الموقف، إن لم يذهب البعض إلى أبعد من ذلك، وبالتالي القضية تميل لصالح الشك؟!.
ما بعد الأدوية والتلفزيونات
يبدو أن لسان حال وزارة الشؤون الاجتماعية، يقول: إن المطالبة بتغيير وإعادة النظر بمجلس إدارة الجمعية الخيرية في حماة، فقد تأثيره وبقي هديره، وهذا ماعليها توضيحه لمحافظ حماة الذي خاطبها بعدة كتب خطية.
ولعل قضية الطحين المرسل من منظمة الغذاء العالمي في دمشق للجمعية بحماة وبيع قسم منه لصالح المخابز السياحية، حسب ما يتم تداوله، تشكل المحور الأساسي لجميع المراسلات والمناقشات التي تبحث في حقائق الواقع الخاص بعمل الجمعية.
ولاشك أن المذكرة المرفوعة لوزارة الشؤون الاجتماعية رقم /513 / ص 0ح0م تاريخ 19 /1 /2016 توضح بعض جوانب هذه القضية، حيث تتضمن التحقيقات التي جرت وانتهت بناءً على لجنة القرار رقم /5459/ تاريخ 16/11 /2015 بخصوص ورود معلومات، مفادها بيع قسم من مادة الطحين المرسلة من منظمة الغذاء العالمي من قبل جمعية الرعاية الاجتماعية في حماة وتم تشكيل لجنة مهمتها التدقيق في تجاوزات جمعية الرعاية حول قضية الطحين والتي أكد فيها رئيس مجلس الإدارة على أن الجمعية حصلت على موافقة من منظمة الغذاء العالمي بالتصرف بمادة الطحين، وقد حددت الكمية بـ /150 / كيساً يومياً على أن تُخبز بمعرفة الجمعية وتُوزع مجاناً على مراكز الإيواء وبإشراف جمعية الرعاية التي استلمتها وذلك في الشهر التاسع من عام 2012 تقريباً وذلك من خلال لجنة الإغاثة الفرعية، وتقدمت الجمعية بطلب إلى المحافظ مرفقاً بها موافقة منظمة الغذاء العالمي على ذلك، وتم تحويلها إلى مديرية التموين ومديرية المخابز لتخصيص الفرن بمادة المازوت، وكان يتم توزيع المنتج من الخبز على مراكز الإيواء مجاناً ويتم إعطاء المخبز أجور تصنيع المنتج من خلال المتبرعين، لكنه أي رئيس مجلس الإدارة ينفي علمه بالكميات التي أرسلت للمخابز، أي إن هناك كميات ذهبت لمخابز أخرى دون علم رئيس المجلس حسب ما جاء في إفادته.
وتعقيباً على ذلك نقول: هناك أشياء يبلغها الحس ولا يطولها البصر.
من ناحيته قال مدير الجمعية: إنه ليس له علم بما يتعلق بتحويل مادة الطحين إلى مادة الخبز لدى مخبز (س)، أما بالنسبة للتعامل مع مخبز (ع)، فقد كانت تأتي الأوامر الشفهية من رئيس مجلس الإدارة أو أحد أعضاء مجلس الإدارة، ويقوم بناء عليه بتوجيه كتب رسمية مؤرخة وبلا رقم إلى أمين المستودع لتسليم السائقين كمية الطحين وفق نموذج معين لتسليمها إلى المخبز المطلوب.
واستطرد، أما بالنسبة لتفويضي بالتوقيع على هذه الكتب، فقد صدر قرار إداري بلا رقم من قبل رئيس مجلس الإدارة السابق بتفويضي بالتوقيع استناداً لمحضر جلسة رسمي.
هي فوضى
حول هذه القضية اعترض رئيس مجلس الجمعية الحالي على قانونية القرار كون مدير الجمعية على رأس عمله حتى تاريخه، واستطرد أي مدير الجمعية أنه لم يستلم أي أوراق رسمية من المدير السابق سوى العهود الشخصية وهي موجودات المكتب.
ما هذه الفوضى؟
أمين المستودع قال : إنه استلم مهامه كأمين للمستودع المركزي لدى الجمعية الخيرية وإنه لم يستلم من أمين المستودع السابق كونه غير موجود أي وثائق رسمية أو مذكرات إدخال وإخراج أو أي سجلات، أما بالنسبة لموجودات المستودع فقد تم جردها وتسليمها لأمين المستودع، مؤكداً أن كافة الوثائق القديمة قبل تاريخ استلامه، فيما يتعلق بحركة المواد للمستودع لم يتم تسليمه إياها ولا يعلم مكان وجودها.
تناقضات بيت القصيد
ومن الكتب المرسلة لوزارة الشؤون الاجتماعية ما أكده أمين المستودع بأنه لدى سؤاله ما إن كان قد قام بتسليم مادة الطحين لتحويلها إلى مادة الرغيف أجاب بأنه بعد استلامه لمهامه قام بتسليم أحد المراكز كمية قدرها /40/ م طن من مادة الطحين من مركز أبي الفداء.
وفي قراءة متأنية لما جاء في إفادات من تم استجوابهم نلاحظ ثمة تناقضات فهناك من لا علم له بأن كمية من الطحين ذهبت لمخبز معين في حين يؤكد ذلك أمين المستودع فهل هو لغز قد يكون البعض حاول لبس البرقع ليستر ملامح ما يجري من ممارسات وأخطاء، فالأخبار الصحيحة متاحة في كل مكان لمن يبحث عنها .
ولعل كلمة الفصل جاءت على لسان أمين سر الجمعية، حيث قال : بعد مراجعة سجل محاضر جلسات مجلس الإدارة منذ بداية عام 2015 لم يتم لحظ أي موافقة أو قرار لمجلس الإدارة يبين كيفية التصرف بمادة الطحين، وهناك كمية من الطحين ترد كتبرعات من قبل التجار.
تلاعب بإنتاج الرغيف
رئيس مجلس الإدارة السابق قال إن مجلس الإدارة السابق كان يقوم بتحويل مادة الطحين إلى مخبز معين، إلا أن هذا المخبز لم يكن يخبز الطحين المرسل إليه من الجمعية، وإنما يرسل خبزاً من مخصصات الأهالي لبيعها للجمعية بالسعر الرائج، وإن كمية الطحين التي تم التصرف بها وصلت لـ /1250 / م طن وكي لا نسهب بالمزيد من الشهادات والاتهام المضاد بين الملف المرسل لوزارة الشؤون الاجتماعية، وبناءًعلى مذكرة مدير الشؤون الاجتماعية بحماة تبين أن الجمعية قامت بالتصرف بمادة الطحين من نهاية عام 2012 وحتى بداية عام 2014 وذلك بالتعامل مع مجموعة أفران لتحويل المادة إلى خبز ولم يتم الحصول على وثائق لدى الجمعية متعلقة بهذا الموضوع، وقد أنكر رئيس الجمعية وبحضور اللجنة تعامله مع المخبز الذي يعد أساس المشكلة، علماً أن مستثمر المخبز أفاد بتنظيم عقد معه لخبز المادة فما هذا التملص والتهرب ؟
وبين مدير الشؤون أن هناك وثائق قد تم إخفاؤها أما خوفاً أو مداراة لأمر ما أو جهلاً بالأنظمة والقوانين النافذة.
القضية برسم وزارة الشؤون
خلصت اللجان المشكلة للتحقيق بكتابها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بتاريخ 12 /1 /2016 حيث وضعت تصرفات وتجاوزات مجلس الإدارة لجمعية الرعاية الاجتماعية بحماة تحت تصرف وزيرة الشؤون الاجتماعية كونها الجهة الوصائية على الجمعيات الخاصة لاتخاذ الإجراء المناسب وفق أحكام القانون مرفقاً بكتاب مدير الشؤون الاجتماعية بحماة.
الخلاصة
هل يمكننا القول إن اللجان التي دققت بكل هذه التفاصيل، وكل هذه المراسلات لا جدوى من نتائجها باعتبار وزارة الشؤون الاجتماعية مازالت تغط في سبات عميق، وكأن الأمر لا يعنيها، رغم أن الملف جاء من سلطات رقابية وجهات مختصة أخرى، ومن المحافظ، لأن القضية فيها مصالح مئات الآلاف من المهجرين والفقراء والمحتاجين، وكي لا تفقد الجمعية مصداقيتها الاجتماعية والصورة التي كونها الآخرون عنها منذ تأسيسها.

حماة – محمد فرحة”البعث”

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]